الأرملة السوداء (قيد التعديل )

من هي ملاك

عاد كريم في ساعات الصباح الاول، تائه في افكاره ..
سألها مالذي تعرفه عن الموضوع، حكت له كل ما حكته لياغيز لكنّه لا يزال ينتظر، ينتظر الجزء الذي تبرر ملاك لماذا فعلت ذلك،
هل ما تشعر به الآن غيرة، وهي التي لم تغر منه يوما .. نظرت اليها بألم، كم حبه كبير، وكم هو مخلص لتلك التي يناديها أمّي، يريد تبريرا ومستعد لتقبله، كم عاش مع ملاك هذا الولد الذي لم يكبر، خمس سنوات، وهي ابنتها، من لحمها ودمها، رغم توسلات امها وبكائها، رفضت الاستماع اليها، تسمع صوتها يناديها، مرتعش خجل، يترجّاها، مرتعب يخاف فقدان هازان، هازان التي اتهمتها بدون محاكمة ..

تدخل ياغيز ليُهدّأه، فزوجته حامل، ويكفيها ما عاشته من حزن هذه الايام، حزنا كان هو اكبر سبب له ..
ترجته هازان ان يعود معهما، أن لا يسافر مجددا، واقنعه ياغيز بالعمل معه، الهروب لم ولن يكون يوما حلّا ..
يقول انه صار يكره ليلى، غريب هذا الكريم، بحث طويلا عن امرأة تشبه امه بالتبني ليجد ابنتها ، يحبّها ثم يكرهها .. ألأنّها ذمت وشتمت ملاكه، رغم كل الحقائق، حقيقة كانت ام كذبا، ستظل الملاك الطاهر، الوحيدة التي سمعت قلبه واعطته امومة دون مقابل ..

عاد ثلاثتهم الى بلدتهم، أصرّ كريم على البقاء في بيته، عليه ان يواجه آلامه ليتغلّب عليها، عادت هازان الى القصر ..
لم يتحدّثا، لا على مارت ولا على ليلى، تجاهلا كل ما عاشاه وعرفاه، تصرّفا كأن شيئا لم يكن ..
لكنهما لم يكونا كالسابق، وإن حاولا، وان تجاهلا، كان بينهما هوّة، لا يتجرأ أيّ منهما على ردمها ..
برر ياغيز تصرّفه بالحمل، ربط تهرّبه من المواجهة بالحمل، لا شيء يجب أن يوتر هازان، وهو أول شخص عليه ان يبتلع كل آلامه كي لا تحزن ..
أخبر أمه بالبشرى ونبهها بأن لا تزعج هازان بالاسئلة حول ما عاشاه في الايام السابقة، وهكذا اصبحت فضيلة طرفا ثالثا في مسرحية التجاهل، وتركا القيادة لهازان، فهي محترفة في هذا المجال ..

مرّ شهر، وقد اتفق الثلاثة، هازان، ياغيز وكريم دون ان يتفقوا أن سرّ ملاك سيموت معهم، أصبح كريم يعمل في المعمل مع ياغيز، حاول أن يعود لمجونه السابق، لكنه لم يقدر، اذن فهو ايضا يكذب في كل مرة يقول فيها أنه كره ليلى، أو أيلا، أي كان اسمها ..
هازان عادت لحياتها الروتينيّة، تمضي وقتها مع سما التي ستعود للدراسة قريبا، تشارك في جمعيّة ملاك للأيتام، تستعد هي ايضا لتبدأ دراستها، فصارت في الليل تلتهم الكتب إن كانت عن اختصاصها او عن الحمل ..
يستلقيان جنبا الى جنب، تقرأ كتابا ويراجع ملفات، ثم يطفئان النور وينامان، يسألها أحيانا عن موعد الطبيبة ..
لديه الكثير من الأسئلة، لكنه لا يستطيع أن يسألها إلا ذلك السؤال ..

اليوم العودة المدرسية، أوصلا سما الى مدرستها ثم أوصلها الى الجامعة ..
راقبها قليلا تمشي امامه، وتذكر ذلك الحديث القديم الذي تحدثاه منذ سنوات يتحقق اخيرا، من بعد ثمان سنوات، كم غريب انهما طوال سنوات كانت علاقتهما مع وقف التنفيذ، وهاهي تعود كذلك بسبب عدم المواجهة، كم غريب ان يعرفا مالذي عاشاه سابقا بسبب عدم المواجهة ويكرران نفس الخطأ ..