اللّيل والنّهار

1.8K 78 29
                                    



لم تعتني هازان بالصغيرة ذلك اليوم فقط، بل اهتمّت بها قرابة أسبوع !
كان ياغيز شخصا فوضويًا، تساءلت هازان إن كان ياغيز زوجها السّابق ووالد ابنتها، هل ستترك الصغيرة عنده وتطمئن، لا تفهم هي في التربية الحديثة التي تُجبر الأب على تحمل المسؤولية حتى ولو أكل الطفل مكرونة لعشرة أيّام ! هي تقليدية ومهووسة بالنظافة وبكل ما هو صحي، الطفل عليه أن يأكل الخضار والغلال يوميا، الكعك لا يُشترى بل يُصنع بالبيت، الاسنان تُنظف ثلاث مرّات في اليوم، والأيدي تغسل كلما عدنا من الخارج، الاستحمام مرتان في الأسبوع في الشتاء ويوميّا في الصيف ! الهواتف ممنوعة الا ان كان الطفل سيتابع فيديو تعليمي ..

تشعر بفراغ كبير، وبرغبة شديدة في الأمومة، تسمح لنفسها بالتعلّق بسما ولا تفكر في حزنها بعد ان تعود أمّها !
البارحة أحظر الفتاة ورقعة شوكولا على فستانها ! نظرت اليه بغضب وسألته لماذا لا يُلبس الفتاة ثيابا نظيفة !
تأفّف وتلكّأ وتحجّج بالعمل والمدير والتعب !
نظرت اليه بحنق وطلبت منه ان يحظر ثياب الصغيرة لتغسلها وتكويها، وبماذا أجابها !
" هل أحظر ثيابي أيضا ؟ هذا آخر قميص نظيف لديّ ! "
فتحت صندوق الكره قليلا وأجابته
" أنا لست زوجتك لأعتني بك ! "
أجابها بتكشيرة
" لحُسن حظّي ! "

كانت الصغيرة ترسم بينما هازان تجلس بجانبها تقلّب هاتفها، دق الباب وفتحت له، اتكأ على الباب بكسل كعادته ونادى ابنته ثم التفت الى هازان وقال بابتسامة
" هذا آخر يوم نزعجك فيه ! جيرين عادت ! "
زفر بارتياح بينما رفعت حاجبيها معلنة أنها وضعت حكمها وأعلنت أنه اب سيّء، تلاشت سعادته في لحظة وتملكّه غضب لا يُسيطر عليه وقال لها
" أنا أب وحيد منذ بضعة أشهر فقط ! وصادف عطلة طليقتي كثافة عمل في الشركة ! اضافة الى نزلة برد ! لا أبرر لك ولا أحاول اقناعك بأبوّتي ! احتفظي بأحكامك المسبقة لنفسك ! "
ثم أخذ الصغيرة مقفلا معطفها بسرعة ورحل دون ان يقول كلمة شكر !

أغلقت الباب بقوّة حانقة من تصرّفاته، لربع ساعة نظفت مطبخها ولم تكفّ عن شتمه
" لا ينفع معه المعروف ! لولاي لبقي بلا عمل ! "
تنفست بقوة لتتخلّص من غضبها قائلة بصوت عال
" إنتهى هازان ! لن تقابليه مرّة أخرى ! لن تُساعديه ! مستفز ! "
لم تكد تنهي جملتها حتى رأت أرنب سما المحشوّ الذي لا تنام بدونه، حبها للصغيرة في صراع مع غضبها من الأب وانتهى بالفوز، أمسكت هاتفها واتصلت به لكنّه لم يرد !!
" ويتّخذ موقفا أيضا ! "
أرسلت رسالة لكنه لم يرها، يسكن على بعد عشرين دقيقة بالسيّارة من بيتها، لا تعتقد أنه لم يصل بعد ! قرّرت أن لا تهتم ! ليأتي ويطلب الدمية بنفسه ! غرفت لنفسها لتتعشى وفتحت التلفاز ..

بعد بضع معالق، نهضت وارتدت معطفها وأخذت اللعبة، لديها ضعف تجاه الصغيرة، اعترفت ..
كان قد وصف لها عنوان بيته ان احتاجت شيئا يخص سما، اِحتاجت أربعين دقيقة لتصل، كانت تلهث وهي تصعد درج العمارة القديمة، دقت الباب وقد تناهى اليها بعض الصراخ والحوار الحاد ! الا يوجد شخص على هذه الأرض يتحدث معه ياغيز بهدوء !

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن