عمّ سكون مرعب في أنحاء المكان، صمت مشل يُذهب بالحواس، الجميع يحبسون أنفاسهم ..
كلمة جعلت كل الابتسامات تتقلص من وجوه الحاضرين، وأوّلهم كريم الذي نظر إلى عروسه مصدوما لا يصدّق أذنيه ..
لا تزال تنظر الى هازان كالتي تتحدّاها قبل أن تتمتم بكلمات أسف كاذب وتترك القاعة وتذهب ..تجمد كريم مكانه، يُغمض، يشيح، يركض في داخله، يسألُ ،، لماذا ! لماذا رفضته ليلى ؟
وتحولت دهشة الحاظرين بين همسات حزن وهمسات سخرية، من حسن حظهم أنّ بتول خبيرة التنظيمات كانت موجودة وقامت بمساعدة سيلين وايجه بتوديع الضيوف لكي لا يبقى في القاعة غيرهم ..لم تكن هازان كغيرها ممن شهدوا الرفض، لم تستغرب ولم تتفاجأ، هل كانت على علم بالذي ستفعله ليلى، ربما لهذا السبب لم تحبها منذ البداية، ربما رأت كلمة لا في عينيها في أوّل يوم التقتها فيه !
يعرفها جيدا، ومدرك أن أطرافها المتشنجة و فرائصها المرتعدة سببهما مختلف ..
وهاهو يتأكد عندما انتفضت مكانها حين سألها
" هل أخبرتك لماذا فعلت ما فعلته ؟ "
نظرت اليه كالمغيّبة، أتراها تبحث في عقلها عن هويّته، كم كان غريبا عنها في تلك الثانية، وقبل ان تجيب سمعه كريم، هل اختار تلك الدقيقة بالذات، ليسمع ما يُقال حوله ! اقترب نحوها يهاجمها قبل أن ينتظر اجابة منها، ثمّ اتهمها انها السبب ! هي السبب الذي جعل ليلى ترفضه !رغم لومه واعلانها عدوّة تلك الليلة الا انها لم تستطع أن تتركه، أوقف ياغيز السيارة أمام البيت المظلم، الحزين، الذي كان مستعدا لاستقبال العروسين ولكنه استقبل رجلا محطما ..
كان يجلس على أريكته ويحمل في يده قارورة خمر، اختار اذن تلك الطريقة المقرفة لاسكات عقله ..
راقباه بأعين تنقط عجزا وقلّة حيلة، تعجز أن تصدق أن هذا الرجل الذي كان يطير بين السحاب قبل ساعة، بينما، ياغيز، الذي لا يضيع فرصة ليجلد نفسه ويعذبها، عادت ذاكرته الى اليوم الذي كان من نفس فصيلة ليلى، أنانيّا، يوم اختار أسعد يوم وأسعد لحظة ليدمر الانسان الذي وافق أن يكون شريكا لحياته، هل أرادها ان تكون بهذه الحالة، هل أعماه كرهه لهذه الدرجة، هل كانت رؤيتها محطمة ومهزومة كان سيجعله احسن !
أتراها تفكر في نفس الامر، أتراها ترى المشهد الذي خطط ياغيز من اجله ونفذ !استأذن ليذهب، ليهرب من ذكرياته، ويهرب من أخطائه، وودعته الى باب البيت، وقف حزينا عاجزا عن قول كلمات تخفف من وطأة الموقف، فقالت هي
" أعتقد أنّ علي أن أبقى معه بضعة أيام ! "
هز رأسه موافقا وبعد تردد قال
" أعتقد انك لن تستطيعي اخباري .. بالسر الذي تحدثتِ عنه ! "
نسيت أنه أصبح يعلم بوجود سرّ، كم كانت أنانيّة، كانت مستعدّة أن تخبره بذلك السر في سبيل أن لا تتحطم حياتها الزوجيّة، هل احتفظت به ثمان سنوات وأصبح بلا قيمة عندما كادت تفقد ياغيز
" لا يوجد سر ! لقد قلت هذا لكي لا ننفصل ! "
نظر اليها مصدوما، لا يعقل أن يكون غبيا لهذه الدرجة، ولا يُعقل أن تكون هي كاذبة لهذا الحدّ ! واصلت
" كنت سأخبرك أنني فقدت إيماني بالحياة وبالحب بعد موت والدي ! أردت ان ألينك ناحيتي كي تنسى ما رأيته ! "
انطلقت ضحكة غصبا عنه، لم تكن سوى نتيجة لتوتر أعصابه
" هازان ! انت لست جادة ! "
" كما قلتَ لقد كنت مستعدة لفعل اي شيء من اجل ان لا يخرب زواجنا ! حتى ان اضطر الامر لتأليف كذبة ! "
" أنتِ أدرى ! لكن اعلمي أنني أردتُ حقا تصديقك ! اردت حقا أن تُثبتي لي أنك لستِ كاذبة ! "
كاذبة، بصوت يتهدج ألما، أدلقها في أذنيها، بنظرات مقهورة، ثم جرجر خطاه ببطء، يبتعد عنها، يرحل
أنت تقرأ
الأرملة السوداء (قيد التعديل )
Hayran Kurguدخلت غرفة الجلوس .. وجدته واقفا جنب المدفئة يوتيها ظهره .. وفي يده صورة عائلتها .. تأملته .. لم يتغير .. ربما اكتسب وزنا .. وعضلاتا .. بلا شعور مدت يدها وعدلت من شعرها .. عندما اشتبك خاتمها بمشبك شعرها .. شعرت بالخجل واعادت يدها مكانها .. دون ان تن...