أصدقاء

1.4K 78 24
                                    


تركها وخرج، جلست على الأريكة وهي تضرب على فخذيها وتبكي !
أتت نورجول التي سمعت ككل العاملين بالقصر حوارهما، تواسي سيّدتها، وتطلب منها ان تكف عن البكاء، نظرت اليها فضيلة وقالت
" ان لم أبكِ أنا من سيبكي ؟ "
" ألم تتمنّي ان يتزوجا ! ألا تذكرين عندما خطبها السيد عاصم كم كنتِ سعيدة حينها ! "
مسحت دموعها وأجابت
" حينها ! نورجول ! حينها ! لكن الآن .. - صمتت قليلا ثم قالت وهي تشير بسدها للغرفة التي ينام فيها ياغيز - أُنظري ! هل هذا زواج ! "
تنهدت العاملة تبحث عن كلمات لتُخفّف عن سيّدتها لكنها واصلت
" ياغيز جرح هازان جُرحا عميقا هي لا تُدرك مدى عمقه حتى ! لم تُحبّه زمان ولكنه أمام عينيها ! زوجها ! ان أحبّته مصيبة ! وان لم تحبّه مصيبة أخرى !
ياغيز لا اعرف ما جرحه، لكنه سيُجرح نورجول ! سيُجرح كثيرا ! "
" ربي جمعهما ! بعد سنوات ! عرف ان لا ملجأ منها إلا  إليها ! هو خلصها من عمّها وهي أعادته لبلدته ! سيُحبان بعضهما البعض انا متأكدة ! وسنرى سعادتهما وسأذكرك بهذا اليوم ! "
ابتسمتا قليلا بينما أكملت نورجول
" كم يليقان ببعضهما ! هازان ابنتي كم تليق بها الأمومة ! كم كانوا عائلة جميلة هذا الصباح ! وسنرى أولادهما أيضا ! إن شاء الله ! "
هزت فضيلة رأسها ايجابا دون ان تتوقف عن البكاء ثم قالت
" كيف ؟ كيف ستُحبّه ؟ ألن تتذكر في كل مرّة انه تركها يوم عرسها ؟ اه ابني ماذا فعلت ! يقول عشق ! رأينا المرأة التي أحبها ! لسنوات عاش جحيما معها !
كيف سيُحب هازان الآن كيف ؟ سيرى أخاه في عينيها في كل مرة ! كيف سيلمسها ! "
لم تستطع ان تتكلم وانفجرت باكية
" ابنته تناديها زوجة عمي ! هو لا يصعد الى الطابق حتى ! وهي لم تنزع صورها مع سنان من الغرفة ولا خاتم زواجها الأول !
كيف سيُحبان بعضهما ؟ بينهما جبل اسمه سنان ! بينهما ثمان سنوات ! بينهما وعود لم تُنفذ ! "
مسحت نورجول دموعها وقالت بحماس
" هل حرّم الله الزواج من ارملة الاخ ؟ أستغفر الله ! العشق يتخطى المستحيل ! اجل يحتاج وقتا، وصبرا، لكنه يتخطى ! سيُجبر كبرياءهما ! سيقلب منطقهما ! "
نظرت اليها فضيلة بأمل وسألتها
" كيف ؟ "
" سما من ستقربهما، لا عادات ولا غرفة ! لن يهتما بالاقاويل ! ولن يُجبرا على شيء لا يريدانه ! سما من ستجعل أحدهما يرى الآخر، ستجعلهما يدركان أنهما يستطيعان أن يكونا عائلة جميلة، صفاء قلبيهما وطيبتهما، ستفعل الصغيرة ما نعجز نحن عن فعله ! "

~~~

مرت أيام ولم يتغير شيء، لم تعد فضيلة تزعج هازان بسبب النوم المنفصل، لكنها ظلت تراقبهما بحزن !
عاتبت هازان ياغيز عشرات المرات في عقلها، صاحت وضربت وشتمت ! اما هو فتوقف عن العدّ منذ سنوات !
يتجاهل أحدهما الآخر ! عقاب من ولمن !
لم يُوجه لهما الجد أيّ ملاحظة رغم انه يرى ويدرك كل ما يحصل ولكن لا أحد يعرف ما يجول بعقله !

هذا الصباح، لم ترضى سما ان ترتدي اي شيء تقترحه عليها هازان ثمّ بكت عندما سرحت لها شعرها على شكل ضفيرتين، وقف ياغيز يراقب هازان التي تسألها بصبر عن سبب بكاءها فقالت لها
" زيد يشد شعري طوال الوقت ! ويقول ان كل فساتيني بشعة ! "
كتمت هازان ضحكتها وتظاهرت بالجديّة وهي تسألها عن زيد فقالت لها الصغيرة انه زميل يزعجها طوال اليوم ..
نظرت هازان الى ياغيز الذي تجهمت ملامحه وقالت للصغيرة
" سأتحدث مع المعلمة ! لن يزعجك زيد مجددا ولن يقترب منك ! هل انت سعيدة ؟ "
قلبت الصغيرة شفتيها بحزن وقالت
" اريده ان يقترب مني دون ان يشد شعري ! ان يلعب معي ! "
ضحكت هازان وارسلتها الى غرفة الطعام ثم نظرت الى ياغيز الذي لم يكن يجد الحوار مضحكا بتاتا فقالت له
" ردة فعلك ستكون مغايرة لو انك اب لولد ! "
كشّر ونفى الامر وهو يتبعها بينما لم تتوقف هازان عن الضحك ..
نظرت اليه بعدم فهم عندما توقف امام باب غرفتها، حك عنقه وقال لها
" أريدك أن تأتي معي المصنع اليوم ! السيد ماهر ديمير الذي نبيع له محصول زيوتنا يريد ان يجدد العقد ! "
فتحت باب الغرفة ودخلت، تردد قليلا ثم لحقها وقالت
" انه صديق جدي ! نبيع له محصولنا كل سنة منذ قرابة ثلاثين سنة ! " 
" تماما ! نحن لا نتطور !  لا أريد تجديد العقد .. لدي بعض الافكار والتي أظن انها ستعجبه ! لكنه لم يسمعني ! فكرت انك تستطيعين اقناعه ! وهو طلب حظورك في الاجتماع، قد تستطيعين جعله يثق فيّ ! "
فكرت هازان في كلامه ثم قالت
" لكنني سأوصل سما ! "
" نوصلها معا ثم نذهب الى المصنع ! "
نظرت اليه وقد عادت الذكرى القبيحة التي عاشاها منذ أيّام ! تحاول هازان ان تنساها وهاهو جعلها تتذكر ..
قال بدون ان ينظر اليها
" انها تغار منك ! لذلك قالت ذلك ! "
" من ؟ "
ابتسم بارتباك وحاول شرح وجهة نظره
" الشخص التعيس يريد ان يرى جميع من حوله تعساء ! هي ارادت ان ترى نقصك، معتقدة انها بهذه الطريقة أفضل منكِ ! لو كانت شخصية سويّة لما اهتمت بمن تزوجتِ ! أو لتمنت لك السعادة ! "
نظرت اليه منتظرة ان يواصل كلامه وقد أقنعها تفسيره
" وقاحتها لا تستنقص منك بالعكس ! تثبت انها تغار منكِ ! "
نظرت اليه مطولا بينما يهرب هو بعينيه وقالت
" كانت معجبة بك ؟ "
هز حاجبيه وفتح عينيه بخوف ممتع، ابتسما وذهبت لتغير ثيابها ..
كاد يخرج لكنه لمح اطارا فيه صورتها مع سنان، تجمد مكانه وكأن أخاه يراقبه من تلك الصورة، ويذكره بمن هو الزوج الاصلي لهازان ..

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن