اسئلة ..

1.5K 73 10
                                    

مات سنان، مات بهدوء في فراشه والنّاس نيام ..
حاولت أن توقظه صباحا كعادتها فلم يجبها ولم يفتح عينيه، ارتعشت يدها التي تربت على صدره الذي لا يتحرك، ثم وضعت رأسها على الصدر الخالي من الروح وأغمضت عينيها ..
تمنّت أن يكون كابوسا، ستصحى وسيصحى معها، ليست مستعدة لتخسر شخصا آخر عزيزا عليها ..
ليست مستعدّة لتعيش حياة بدون صديق الطفولة ورفيق الشباب ..
لو استطاعت لأعطته من عمرها، هي الروح الميّتة في الجسد الحي وهو كان الروح الحيّة في الجسد الميّت ..
كان، أصبح في زمن كان، رحل سنان، رحل من يقرأها ككتاب مفتوح، رحل الرجل الذي ساندها لسنوات ..
عادت يتيمة مرّة أخرى، تمر أمام عينيها ما عاشته منذ ثمان سنوات، تشعر بالفتاة الشابة التائهة في هذه الحياة، ألم تكتسب نضجا ورجاحة عقلا خلال السنوات الأخيرة، كيف عادت تلك الفتاة الآن ..

طرقت الممرضة باب الغرفة ثم دخلت عندما لم تتلقى جوابا، موعد دوائه وقياس الضغط والسكر قد حان ولم تستدعيها هازان بعد ..
وجدته نائما بهدوء وهازان تضع رأسها، لا تتحرك تنظر الى اللاشيء، حاولت ان تتكلم، اقتربت من الرجل وفهمت، سالت دموع الممرضة، تعتني بسنان منذ شهرين فقط ولكنها أحبت العائلة وتمنّت أن يشفى ..
لا تعرف مالذي عليها فعله، أتخير الأمّ المسكينة أم الجد الهرم، رأت من النافذة أخاه الذي يأتي لزيارته منذ اسبوع ..

أصبح يعرف متى لا تكون بالقصر، فيختار ذلك الوقت لزيارة أخيه، لم يسأل عنه جدّه ولا مرّة واحدة ! ولم يُحاول ياغيز أن يطلب اذنا لرؤيته، لم يعد يريد أن يبرر ولا أن يطلب سماحا ! عوّدوه على العيش بدونهم !

ركضت الممرضة نحوه وقالت بصوت باك
" لقد مات السيّد سنان ! "
سيلين التي تخرج لترى أخاها صاحت من ورائها ، بينما توقّف العالم حول ياغيز، كل ما حوله أصبح ضبابيا، كل الاصوات صفيرا، دموع تسيل وعقل لا يستوعب ولا يفهم ..
كغريب دخل الو القصر الذي تحول في ثانية الى مناحة، امه تحضن ابنتها وتبكيان، ايجة تعانق نورجول، العاملات الشابات، صعد الدرج، وقف أمام باب غرفة جده، مالذي يشعر به هذا الرجل، دفن كل أحبّته، دفن ابنه والآن سيدفن حفيده ..
شهق، اول مرة منذ ثمان سنوات يرقّ قلبه على جدّه ..

أراد أن يتقدم، أن يصل الى الغرفة، قدماه لا تطاوعه، رآها تتمسك به، لا تتركه، لا تبكي، لا تشعر بما حولها، أخبرته الممرضة أنها على تلك الحالة منذ زمن، طلب منها أن تتصل بالطبيب ووقف مكانه لا يعرف كيف يتصرف، هل يبعدها عنه أم يتركها تبكيه بهذه الطريقة ..

مر أسبوع، دُفن سنان، فضيلة تأخذ حبوبا لتنام، لا تنهض من فراشها، الجد لا يخرج من غرفته، البنتين جفّت دموعهما وهازان أصبحت كروح تتحرك، فراغ كبير ملأ قلبها ..
حُكم عليها فهذه الحياة أن تفقد أحبّاءها الواحد تلو الآخر، لن تُشفى ولن تنساه، أظلم نور عينيها وتلاشت ابتسامتها ورحلت روحها معه ..

الأرملة السوداء (قيد التعديل ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن