الرفق زينة

889 31 0
                                    

البارت الأول

قال (ص) رغم انفه . رغم انفه. رغم انفه من ادرك ابويه عند الكبر احدهما او كليهما ثم لم يدخل الجنة ... صلى الله عليه وسلم

الام كنز مفقود لاصحاب الجحود والعقوق وكنز موجود لاهل البر والورود

فان حدثتنى عن الحب والحنان اشرت لقلب امى واذا اخبرتنى عن الطمانينة والسعادة لقلت حضن امى واذا اخبرتنى عن الطمانينة والسعادة قلت حضن امى

فالم هى نعمة الله علينا وهى زهرة ايامنا وعبير صباحنا ولا يوجد فى هذه الدنيا وسادة انعم وادفى من قلب الام ولا وردة افضل من ثغرها وهى اقدس هبات الحياة

قلب الام كعود المسك كلما احترق فاح شذاه

فى الركن وجه امى

لا اراه لانه سكن الجوانح من سنين

فالعين ان غفلت قليلا لا ترى

لكن من سكن الجوانح لا يغيب

وان توارى مثل كل الغائبين

يبدو وجه امى شمسا يضىء لى السنين

انا اسمى عصام ابلغ من العمر اثنا وثلاثون عاما احكى معكم قصتى كنوع من الفضفضة لعلنى اجد من يستفيد من تجربتى ويكمل ما عجزت انا عن اكماله

احدثكم وقد وصلت والحمد لله لما كنت اتمناه وسابدا معكم قصتى لتتعرفوا على وعلى عائلتى البسيطة

لقد نشات انا واخى محمود الاصغر منى بعامان واختى الصغرى حنين التى تصغر عنى بخمس سنوات فى بيت كبير ريفى ومن المعروف ان البيوت فى الارياف يقطنها اكثر من عائلة ولذلك كان ابى واشقاءه يقطنون نفس البيت فكان لى اولاد اعمام نتعامل جميعنا كاخوة لا يوجد تفرقة بيننا ولكن الغريب الذى كان فى بيتنا ليس اننا كاطفال نعامل نفس المعاملة انما الغريب فى البيت هما وجود عمتى وامى فكلتاهما كانت تعامل الاخرى وكانها توامها فكلتاهما كانتا تكملا بعضهما فى كل شىء وكلتاهما كانت تحمل من الصبر ما يكفى امة كاملة فلو قررتا فى يوم ان توزعا صبرهم على العالم لفاض

عمتى كانت الانثى الوحيدة لاشقاءها الرجال وامى كانت لا تحمل من الجمال او التعليم ما تحملاه زوجات اعمامى الاخريات مما جعلهن دائمى التدلل امامها لاشعارها بالنقص ويتكبرن عليها ويظهرن ثقافتهم العقيمة امامها ليترفعن عليها ولكن امى كانت دائما مؤمنه بان الله جعلنا جميعا متساويين فان نقصها جزء فهى متاكدة ان الله عوضها به فى جزء اخر وهذه هى كانت الحقيقة فكلا من امى وعمتى كانوا ينقصون جزء ولكن الله عوضهم عنه فامى لم تكن جميلة ولم تكن متعلمة وعمتى كانت لا تنجب وكلتاهما تحلت بالصبر والايمان والهدوء والحكمة حتى انه لم يوجد انسان على وجه الارض الا واحبهم ودعا لهم

فى البداية عمتى كانت متزوجة وتعيش مع زوجها بعيدة عنا وانا كنت طفل مريض بالحركة فكنت لا اجلس بمكان الا وخربته وكنت فاشل دراسيا واخى محمود ايضا قد اكتسب صفة عمى واولاده فى الشتيمة فكان كثير الشتم والسب اما اختى حنين فكانت عكسى انا واخى تماما فكانت دمما تعشق العزلة وتميل الى القراءة وخاصة النوع الرومانسى فكان لها طابعها الخاص وهذا ما كان يستفزنى انا بالاخص لانى عكسها حركى ولا ابالى برومانسيتها الحالمة ولا بهدؤها فكنت دوما انا واخى نشاكسها وننهرها وكنت انا اول من يهدم عليها لحظات هدؤها واخى ينهال عليها بالسخرية مرة والسباب مرة

حنين اختى كانت لا تحبنا لاننا لا نحبها

اعمامى كانوا دائمى الشجار مع زوجاتهم لانهم لم يهتموا دوما براحتهم او بما يحبونه ولا يوفرون لهم جو من الراحة التى يتمناها اى رجل عند عودته من العمل وكانوا دوما ما يذكرون عمتى بكل خير فهى الوحيدة التى كانت تشعر بهم وتؤهل لهم ما يرضيهم قبل رجوعهم من عملهم دوما ما كانت تشعر بما يريدونه دون ان يطلبوه وكانوا دوما ما يدعون لها ان يخلف الله عليها بالذرية

وهذا بالطبع لم يعجب اى من زوجات اعمامى

اما ابناء اعمامى فكانوا لا يشعرون باى حنان من امهاتهم ولكن يكملون ما ينقصهم من حنان واهتمام من والدتى فكانت دوما ما تحنو عليهم حتى انها اصبحت صندوق اسرارهم جميعا

كل هذا وزوجات اعمامى لا يعجبهم ما تفعله امى لاجل ابناءهم بل يزددن بغضا لها وهى لا تعطى للامر بالا وكانت تقول انا اعامل الله

اما ابى فكان رجل بسيط ولكن مع ازدياد مسئولينا كان يضيق باله علينا وينهرنا وفى بعض الاحيان يضربنا وازدادت شراهته فى التدخين كنوع من التنفيث عن ضيق حالنا ولم يعد يشترى لاختى رواياتها بل وينهرها ان طلبتها منه

وفى كل هذا كانت امى تحتضننا وكانت تاخذنا جوارها وهى تصلى وتعلمنا كيف نفعل مثلها وكانت تقول انا احب الله ولهذا انا اصلى له وتشير الى السماء وتقول الله فى السما ويرانى وانا احب دوما ان يرانى نظيفه فعلمنا منها ان الله يصلى له وانه فى السماء ويرانا ولانى دوما طفل حركى فكانت اسئلتى تتسم بالغباء فكنت اقول لها ولما يرانا الله ونحن لا نراه والعجيب انها لم تنهرنى على غبائى فى الاسالة بل كانت تجيبنى بما يناسب سنى فى هدوء وتقول الله وعدنا اننا سنراه فى الجنه ان فزنا نحن بالجائزة

اعود واسالها وما هى الجائزة ؟ وما العمل الذى افعله لانال الجائزة ؟ فكانت تبتسم وتقول الاعمال التى توصلنا للجائزة اعمال بسيطة جدا وهى ان اصلى ولااكذب وابقى نظيفا واحب يرى كما احب نفسى اما الجائزة فهى اننا سندخل الجنة ونكون بالقرب من الله ونراه باعيننا

وجوه تضحك وقلوب تئن ... للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن