ثَمَانِيَة عَشَر

87 5 8
                                    

‏"هذا العالمُ يا هيلين مليءٌ بالعيونِ الّتي لا تَرى..

عيونٌ تنظرُ إلى الفراغ وليسَ فيها أيّ روح.."

- مارك توين

..

صباحاتٌ ثقيلة كالمُؤن، وجسدٌ متهالكٌ
يحملُ عِبْأها على ظهره..
تمضي الصّباحات وكأنّها لمْ تَكُن..

أرفعُ ذراعي والوَهنُ يملأني هنا وهناك، أحرّكُ خليطَ الكاسترد لأصنعَ طبقاً أهنّئكَ بهِ على نجاحِك..
الكتفُ ارتختْ والطاقةُ اُستنزِفَتْ..

هناك أمرٌ خاطئ..
لا شيءَ يحفزني، لا وجهاً في الذّاكرةِ يجعلني أبتسم..

إرهاقٌ وبَدنٌ مُرتَجِف..
لمْ أكنْ أدرِكُ نهاية الوَهَم..

وكأنّ الرّوحَ بدأتْ تنفد..
وضعتُ الخليطَ جانباً ثمّ خطوتُ نحوَ السّرير أنحني عليهِ بتعب..
أشعرُ بأنّي سأفقدُ أنفاسي إن أتممتُ صنعَ الطّبق..

هل تستحقُ حقاً ما أبذلهُ من أجلك؟
ما الذي أبذله حتّى؟!

أبدو كخرقة بالية لم تعدْ صالحة للحياة..
أشعرُ بأنّ قلبي مُتعب ورئتاي مُتعبة..
عضلاتي لا تقوى على الحركة..

نهضتُ من جديد وأنهيتُ صنعَ الكاسترد على مضضٍ مِن هذا الجسد..

كنتُ سأتذوقُ القليل لأرى نتيجةَ وضعِ حبّي ويأسي في ما صنَعت، لكنّ الطعامَ يعبرُ حلقي بصعوبة وتستقبلهُ معدتي كالألم..

الفطرياتُ تغزو جسدي،
الانطفاءُ عادَ يستحلُّنـي وما مِن سماءٍ أو قمرٍ حولي الآن يُنيرُنـي..

استلقيتُ عودةً لهذا السّرير البارد، تقلّبتُ بمشقّة وأحضرتُ هاتفي من المنضدة،
قمتُ بتشغيلِ الموسيقى وأغلقتُ عيناي..
تركتُ النّغمات لِتملأَ الغرفة..
تركتُها لِتستحلَّ أُذنايَ وعقلي لَعلِّي أحظى ببعضِ الرّاحة مِن محاولاتي للاستمرار..

4:50 pm

..

4:44 amحيث تعيش القصص. اكتشف الآن