اِثْنَان وَثَلَاثُون

28 2 0
                                    

"أريدُ أن أحكي حكايةً طويلةً جداً، شخصيةً جداً،
دون احتراس أنّني أحكيها للمستمعِ الخطأ."

- بلال علاء

..

مِن الرّائع أن لا يفكّر المرء في بعض الأحيان، مثلاً لو يحصل هذا الآن..
كلّ الأفكار تتراكمُ بكثرة توشِكُ على خنقي،
لكنّي لو ما كنتُ أصوّرها في عقلي لأُخرِجَ منها رسماً أو نصّاً لَكانت دمائي ينابيعَ تتفجّرُ من فرطِ الضّغطِ داخلي..

فليس أمراً سهلاً أنْ أحملَ هذه المشاعر والأكوام معي في كلّ مكان، ليسَ سهلاً فهي فيني كجزءٍ منّي ولا أرفضُ ذلك لكنّها ومع هذا ليسَت شيئاً ستتمكنُ من حفظهِ وصونِه داخلك بدون أن تسيلَ على كلّ شجرةٍ أو زهرةٍ أو رُكام، بدون أن تفيضَ الكلماتُ منك هنا وهناك بشكلٍ مفاجئٍ يُباغتك بازدحام..

لكنّكَ -أنتَ بالذّات- تشعرني بالحيرة، فالنيرانُ في عيونكَ تبدو مُشتعلةً طوالَ الوقتِ لا تهدأ، ومع هذا مَنطِقكَ هادئٌ يستكينُ له كلّ حرفٍ وجسد..
لا أدري حقاً هل جرّبت هذه الأحاسيس فيني أمْ أنّ ما تجابههُ مغايرٌ ويتبدّد..

ومن الآن فصاعداً، لا تلمني على قِلَّتي حولك وتضاؤلِ كلماتي المتزايد جداً؛
فأنتَ تفوقني بصمتكَ أضعاف وتشعرني أحياناً بأنّي أجهلكَ حتماً،
بالإضافةِ لكوني أداري نفسي داخلي كي لا تنكشفَ بيأسٍ ولوعةٍ دنيئةٍ أمامكَ مجدداً..

وبالرّغم من هذا، تراودني في نفسي أحياناً رغبةٌ بالاستلقاء قربَك، فهل ستصطبر! لعلّي أحكي لكَ قصتنا التي لم نعشها لتندثر، القصة التي ترتاع في قلبي وتختبئ..
أتخيلنا كرغبةٍ مُضنية، أحكيكَ وتنصتُني، ثم أترككُ لتغمرني مياه البحرِ للأبد، فتفتقِد..
أجل، في رأسي، كنّا لا نُقارن بأحد، وأبتهج، لكنّا نتهدّجُ وكأنّنا نتوق للأسوأ ونشتعل..

لأنكَ في الواقع لستَ هنا، ولا شيء يبدو جيداً مغرياً لي كي أتحركَ لفعلهِ الآن، الأيام تعبرُ فيني بصمت، كأنّي رُميتُ بمنفى أحنُّ وأكره ذلك فيني حدّ المقت..

فضولُكَ نحوي غريبٌ، يروقُني، لكنّه يستثيرُ البؤسَ بيننا، أسئلتكَ تستدرجُ نواقصي لتنحدرَ باتجاهِ قدميكَ توّاقةٌ لقتلِنا..

أرأيتَ! لا جيّدَ يأتي مع الإجابات، العبء انحطّ قليلاً عنّي أمّا عن علاقتنا فتحطمت من هذا الثِّقَل..
كما قلتَ! لا جيّدَ يأتي مع الكلمات، المعنى تبيّن قليلاً لك أمّا عن الفحوى فتهشّم من ظهورهِ للعلن..

من الرّائع حقاً أن لا يفكّر المرء في بعض الأحيان، لأنّي أدركتُ الكثير من هفواتي بتتابعٍ واستياء، لأنّه ليسَ غريباً عنّي تكدّسي الذي يقطرُ عليكَ بشدّة كالسّماء..

لأنّك كنتَ أمانِيْ الذي حُكِيَ وانكشفَ، فتبخّر مع الرّياح..

9:39 PM

..

4:44 amحيث تعيش القصص. اكتشف الآن