ثَمَانِيَة وَعِشْرُون

36 2 0
                                    

"ويحدث غالباً أن أحلم بكتابة قصيدة صامتة،
تماماً كما يحدث حين أحلم بمشاهدة ما لا يُرى؛

قوّة الخرائب هذه التي تفوق قوّة العمران كلّه.."

- لويز غليك

..

أتدري ما المخيف حقاً؟

أتدري فقط كيف أنّي خائفة ومطمئنة بشدة وهذا يخيفني أكثر..
أشعر بأفكاري المقرفة تعود تدريجياً، أخاف منها وأخاف من نفسي البشعة داخلي لكنّي واثقة من قدرتي على التّغلب عليها أو كبحها على الأقل مرّة أخرى، بتّ أعلمُ جيداً أنّي قادرة على فعل هذا، لكنّ اطمئناني يجلب التسويف، سأحاربها مساءً، سأحاربها غداً، سأحارب نفسي بأقرب وقت ممكن، لكنّ الأفكار تجيء وتمرح كعادتها مستمتعةً بتعذيبي، وأنا على هذا الحال لأسبوعين تقريباً..

ما يفعله المرء بنفسه مُحير..
أفكُّر كثيراً أحياناً، وأقتلُ داخلي بالصمت أحياناً أخرى!
أحبك وأكرهك، أعدّد صفاتك السيئة لكني أراك فأنقلب على نفسي بخيبة، لمَ أنا بغباء أنظر لك وأراك العالم أجمع!
الكلمات التي تقولها بشكل عابر تُخلّد في ذاكرتي!
أبتسمُ لنظرةٍ منك لا أفهمها على الأغلب وأبكي من الداخل على نقصي الذي لا ينتهي وينهيني!

أنا لا شيء، هذا واضح،
لكنّ نظريات الفيزياء الحديثة جداً تُعارض هذا بشكل قاطع، أنا أشكل العالم بالهيئة التي هو عليها بوعيي، أنا ما جعله على ما هو عليه. أتساءل دوماً رغم تكلّمنا كثيراً عن الأمر، أتساءل حقاً، كيف يبدو عالمك؟ كيف شكّلته وكوّنته؟ ما هيئتي وما هيئته أمام عينيك وداخل روحك؟

سماؤنا، أهيَ واحدة؟

لا أستطيع استرجاع كلماتي التي قلتها، لا تستطيع أنت فعل هذا أيضاً، إذاً هل تظنّ أنّ باستطاعتي استرجاع أفكاري التي صنعها عقلي بالفعل؟
هل أستطيع أن أعيد تكوينها لما قد يسعد قلبي بحق؟
هل أستطيع بدون أن تكون في إحداها؟
لأنّي أتخيلنا دوماً نلهو معاً وتأخذني بعدها بحنية ثابتة قوية -كما تكون أنت دوماً- لكن داخلَ ذراعيك، كمعنى مُطلق للسعادة..
لماذا فقط قد يشكل وعيي أو لاوعيي عالماً بتلكَ الهيئة الغريبة!
لماذا فقط نحلم؟ لماذا نتخيل؟ لماذا نكبر؟ ألا يمكنني أن أبقى هنا معك بدون رحيل أحدِنا، بدون افتراق؟!

لكن الآن مهما حصل، أنت من جعلتني أبدأ، أنت من وجهني للصواب في نفسي، وها أنا أخرّب عملَك وأعود للخطأ..
سماؤنا ليست واحدة، أظن..

وجّهني مُجدداً..

6:39 pm

..

4:44 amحيث تعيش القصص. اكتشف الآن