سِتَّة

107 7 1
                                    

"‏لطالما دفَعتْ بي حاجتي إلى الحَنان

لالتماسهِ عندَ أشخاص كانوا يحاولون تَدميري.."

- فينسنت فان جوخ

..

في مثلِ هذه السّاعة المتأخرة جداً من الليل..
في حينٍ اقتربتْ فيه الشّمسُ مِن البزوغ..
أجلسُ هنا..
بسَكِينةٍ تحتلُّ جسدي..
ومعركةٍ تُقتَلُ بها خلايا عقلي..
أمامَ طاولتي الصّغيرة في زاويةِ غرفتي العفنة..

بشيءٍ مشابهٍ للتوقيت الذي اعتدتُ استخدامَهُ عندَ إرسال كلماتي اليائسة إلى أحدهم..
عندَ الثالثة وثلاثٍ وثلاثينَ دقيقة صباحاً..
ولكنّهُ تجاهلَها كلّياً كما تفعلُ أنتَ وتتجاهلُ كلّ آلامي وكلماتي..

بكلِّ غباء، كنتُ أسهرُ من أجلِ هذه الدقيقة بالضّبط..
كي لا أفوّتها..
كي يستشعرَ بعضَ الصّدق..

عندما كنتُ أمتلكُ بعضَ الأملِ والطّاقة لمجابهةِ الحياة
ولكنّي استنزفتُهم على ما لا يستحقّ..
أو هكذا أواسي نفسي..
أو ربّما أعذبها أكثر..

استحلّني الانطفاء..
وما بتُّ أمتلكُ ما أجابُهُ به نفسي قبلَ الحياة من أجلِكَ، ما أنيرُها بهِ..

لم يعدْ أمرُ ذلكَ الشّخص مهمّاً الآن ولكنّه حينها
أشعلَ فتيلَ الماضي..
فتحَ الجروحَ التي تناسيتُها وظننتُها تحوّلتْ لندوب
ولكنْ تبيّنَ لي بأنّها كانتْ تتعفّنُ فقط والدّماءُ تسيلُ بهدوءٍ وصمتٍ من جسدي..

في مثلِ هذه السّاعة المتأخرة جداً من الليل..
في حينٍ اقتربتْ فيه الشّمسُ مِن البزوغ..
لم يعدْ هناكَ ما يهم..

حتّى المُسمّى الذي قد يعبّر عن علاقتنا لمْ يعد يهمّني..
صديقٌ أو حبيبٌ أو غريب..
لا يهم..

ابتسمْ، واسألْ عن حالي..
كما تريد..

بسطحيّة..
كما العادة..

ورغبتي باحتضانِكَ لي سأحتفظُ بها داخلي..
رغبتي بالسّهر برفقتِكَ،
بالاستماع لنفسِ الأغنية معاً،
بمواساةِ بعضِنا والنّوم على نفسِ السّرير،
جميعها سأدفنُها بأعماقي..

عندَ الرابعة وأربعٍ وأربعينَ دقيقة صباحاً..
دموعٌ بلا لون وقلبٌ أزرق..

لمْ أعد بحاجة للسّهر ومقاومة النّعاس فالأرقُ يتولّى الأمر..

أكتبُ بدون أنْ أرسلَ لك..
فلم يعدْ هذا مهمّاً بعد الآن..

لأنّي بتُّ لا شيء..
لأني أغدو أسوأ عندما تردّ على رسائلي..

4:44 am

..

4:44 amحيث تعيش القصص. اكتشف الآن