الفصل التاسع عشر

531 35 213
                                    

ماذا كان سيحصل لو أنني استيقظت اليوم في الخامسة بدلاً من السادسة؟ هل كنت سأتناول إفطارًا دافئًا؟ وألحق بالسرية المغادرة للمراقبة؟ ماذا كان سيحصل لو أنني لم أسكب الشاي على كتاب الأمير يومها؟ هل كان سينتبه لي؟ هل كنت سأصبح كوماندورًا؟ ماذا كان سيحصل لو أن والديّ لم يغادرا بتاتًا؟ هل كنت سأنضم لصفوف الثوار كمواطنٍ هائج؟ أم أستمر في الكدح؟

دائمًا ما يُفكر جيبوم باحتمالات ماضيه، ربما لأنه لا يعرف الكثير عن أصله، هنالك حدود لما يستطيع رسمه، كان كلٌ من جيبوم وكيبوم يعرفان أنها مسألة وقتٌ حتى يحين موعد الإفصاح عن الماضي لتنكمش الاحتمالات، لذا عندما استفرد قائد الجيش الثوري بالكوماندور قرب ضفة الوادي الجاري بين قمتي الجبل، جلس الأصغر واضعًا ذراعه على ركبته، متأملاً المنظر الذي أمامه، لا يعرف إن كانت الحقيقة تهمه، أو أنها ستجلب له الألم فقط.

يجلس كيبوم بجانبه محدقًا بذات المنظر، "أنتَ لستَ كثير الحديث حقًا،" يعلق الأخ فورَما يجلس، "تمامًا كأمّنا،" يتلو بابتسامة مُشرقة، ينظر الكوماندور نحوه بفضول، ثم يُنزل رأسه، لا يعرف كيف يسأل عن المزيد، "لا أملك أدنى فكرة كيف أصيغ لك الكلمات، لقد اخترت أن أصدق أنك مت منذ وقتٍ طويل."

يلتفت الكوماندور ناحية أخيه، "هل كنت ستفضل ذلك؟" لقد كان يومًا يتيمًا بلا أدنى حلقة تربطه بعائلةٍ أو معلومةٍ تقوده لماضيه، وفجأة نظر إليه سجينٌ مدعيًا أنه أخوه، وقد يكون الأمر ساذجًا للغاية، لكنه واثق أن الرجل صادق، إن الشخص الجالس بجانبه هو أخوه الذي يحمل مفتاح ماضيه المجهول وليس الشبه هو دليله الوحيد، بل قلبه الذي يعرف ذلك بطريقةٍ ما، "أنني لم أظهر أمامك في ذلك اليوم؟"

"جيبوم،" ضحك الرجل الذي يكبره بعقد، "لقد أيقنت أن الإله يحبني عندما رأيتك ذلك اليوم في السجن، تحمل ملامح والدتنا ولون شعرها، لكم رغبت في التخلي عن كل شيءٍ قبل ذلك، لكن الأمر كان كـ بوم، قال الإله هيّا خذ سببًا لتعيش وامضِ!" لدى كيبوم قوة تعبيرية مذهلة، لا يملك وجه پوكر بتاتًا، وجهه مليء بالمشاعر التي يستطيع أي أحدٍ قراءتها، وهذا ليس شيئًا سيئًا بحد ذاته.

"هل لهذا السبب كنت تعرّض حياتك للخطر؟"

يهزّ كيبوم كتفيه بلا مُبالاة، "لأنني لم أملك شيئًا لأخسره، هل لي أن أتحدث عن الماضي؟ أنا أتوق لإخبارك عن والدينا،" لقد بدت كلمة والدينا غريبة على جيبوم، لشخصٍ لم يعرف حول جذوره بتاتًا، هذا كثيرٌ بالفعل، لكنه يومئ ويأخذ نَفسًَا وكأنه يُهيئ نفسه، يُصفق كيبوم ويجلس بشكلٍ مستقيم، "دعني أخبرك بما حصل حقًا،" فيومئ الأخ الأصغر رأسه مجددًا في ترقب، "كان والدانا قرويين بسيطين، عملت والدتنا هيجون في الحقول،" يُردد جيبوم اسم هيجون على لسانه، لقد بدا مألوفًا بقدر غرابته، "ووالدنا يوهان كان حدادًا يصنع أنصال السيوف باحترافية، وُلدت أنا مُختلفًا بشكلٍ واضح، عينان زرقاون وشعرٍ أشقر، وكان يمزح أن والدتنا قد خانته فيضحكان كلاهما، لكنني في الواقع أشبه جدتنا التي لم ألتقِ بها قط،" يومئ الكوماندور مُلتقطًا نظرة دفء في عيني أخيه، "لقد كان والدانا رائعين حقًا، بذلا ما في وسعهما لسعادتنا، لكنني كنت طفلاً مشاغبًا مهووسًا باستخدام السلاح لا صُنعه، فرفضت مشاركة والدي حرفته، وانطلقت باحثًا عن مساري بين أطفال القرية، أتشاجر وأبارز وأُدبر المعارك المزيفة، لقد حظيتُ بطفولةٍ رائعةٍ حقًا على عكسك أيها الفقير،" يضحك القائد الثوري على نكتته الخاصة فيُدير جيبوم عينيه، "لكن عندما وُلدتَ يا جيبوم، نسيت كل شيءٍ حول ذلك، رفضتُ مغادرة المنزل لوقتٍ طويل، لقد كنتَ سمينًا أحمر الخدين، ولم أرغب بشيءٍ سوى اللعب معك، لكن عندما بلغتَ الثانية من عمرك، اُخترت لأنضم لصفوف جيوش الملك في الحرب، يومها كنتُ مترددًا، وبكى والداي، لكن عندما استيقظتُ في اليوم التالي، أخذت سلاحًا والتحقت بهم، لا زلت أحترق غضبًا على خياري في ذلك اليوم، لقد مرّت عشرون سنة، لكني لا أتوقف عن الاعتذار لوالدي كل يوم،" نظر كيبوم لأخيه ورأى دموع الآخر تُرطّب عينيه، "لقد قتل الطاعون والدينا لأن الملك قد أدار ظهره لشعبه، بينما كنت أنا أُقاتل لأجله وباسمه بفخرٍ كالغبي،" يتنهد كيبوم في حزن، محاربًا موجة شتم جديدة، "لكن الأمر حول الآباء الجيدين أنهم لا يستطيعون أن يكرهوا أطفالهم السيئين أبدًا، لكنني عدت يا أماه وأبتي، وها هو أخي الأصغر قد نضج بشكلٍ رائع، هل أنتما فخوران بنا؟"

Ruthless Royalty (21/21)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن