الفصل الخامس

1.5K 91 681
                                    

لا يمكن لأحدٍ إنكار أن ساعات النوم الخمس كانت ضرورة لا رفاهية في حياة الخدم الملكيين، لا يتجادلون في ذلك بتاتًا، لكن مؤخرًا، أمسى جيبوم ساعات الراحة القليلة في معركة يريد فيها جسده الاستلقاء للأبد لكن عقله لا يسمح له، فيُمطره بصور رأس سويون على الرمح وجثة الخالة جايون المعلقة، ثم يغضب، ونيران الغضب تقف عارضًا قاسيًا تمنعه من النوم.

كانت قد انتشرت شائعات أن حوادث القتل الأخيرة وقعت بسبب عصيان سويون لأوامر الملكة وإغضاب الخالة جايون لأحد النبلاء، ذلك مثير للسخرية، بالطبع إنهم يلومون الضحايا غير القادرين على التعبير، ومن سيمتلك الجرأة للتحدث دفاعًا عن موتى؟ الكلام الفارغ لا يؤذيهم بعد لحظة رحيلهم.

يتنهد ويستدير للاستلقاء في الطرف الآخر من سريره علَّ النوم يجيئه. يفكر مجددًا حول لُطف الأمراء الثلاثة معه، وكيف أنهم حملوه واعتنوا به في المستوصف، إنه يشعر أنه بين نارين، فرغم المواقف المعدودة التي تُثبت اختلافهم عن باقي القساة من طبقتهم الراقية، لكن قلبه غير مطمئن، لا يستطيع التنبؤ بأفعال الأمراء الشباب، فيقشعر جسده الواهن وهو يتذكر تعامله مع الأمير جاكسن، إن عليه أن يكون أكثر حذرًا حقًا، فهو لا يعرف متى يفقدون صبرهم وينهونه بأبشع الطرق.

يمد يديه أسفل السرير وُيخرج الصندوق الذي بات مألوفًا للغاية بكل تفاصيله الصغيرة، تتحس أصابعه نقوش صندوق ولي العهد جينيونغ في الظلام الدامس، يتساءل مرة أخرى عن المكتوب على الصندوق، كم يأمل لو أن بإمكانه التعرف على تلك الرسومات، يشعر أن تلك الكلمات الذهبية الغريبة على عقله تحمل معنىً جميلاً.

يستذكر كيف جعلت الماكارونز التي كانت بداخل الصندوق الخدم سعداء كما حصل له تمامًا، يتمنى لو يستطيع تقديم المزيد لهم، شعور العطاء لمن تشعر بالامتنان لهم مرضٍ للغاية ولا يقارن بشيءٍ آخر بتاتًا.

يضغط بقوةٍ على الصندوق وكأنه يستنجد الأمان، بديلٌ للصليب الصغير الذي لم يعد فعالاً مؤخرًا، ثم يُغمض عينيه، فلا يرى أي جثث ولا أناس يبكون ويتأملون، يرى فقط مسبحًا دافئًا وروائح أزهارٍ منعشة وضحكات قريبةً لقلبه. الكوابيس لا تتردد له كثيرًا، لكن عندما تجيئه، يرى نفسه يسقط أرضًا بسكينِ حول رقبته، أو يُغرقه أحدٌ في مياه مسبحٍ والورد من حوله، يُحس بالتهديد وكأن كل عينٍ حوله ناقدة، وكل يدٍ دامية.


حالما يصحو بعدها بساعاتٍ تبدو كدقائق، يضع الصندوق أسفل السرير مرة أخرى ويمضي في يومه المعتاد. كان من المُقرر له الذهاب إلى سوق المدينة حالما تشرق الشمس بدلاً من العمل في المطبخ، أصبح يلاحظ أن مهامه صارت أكثر تنوعًا وأقل علاقةً بالمطبخ يومًا بعد يوم. المسؤولون عن الخدم السفليين يُثمنون الشباب سريعي البديهة والحركة، لذا يتم اختياره بكثرة مؤخرًا، لا يعرف إن كان عليه أن يكون ممتنًا أو ناقمًا.

Ruthless Royalty (21/21)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن