الفصل الأول

2.3K 116 404
                                    

هنالك أيامٌ عندما تُجهَد للغاية فتقف هالكًا منتظرًا أن تمضي على عجالة. لكنك لا تتحرك، والأيام لا تتوقف عن حربها ضدك. ذلك التعبير الوحيد الذي يستطيع عقل جيبوم غير المنفتح على الأدب والكتب الاتيان به، لكنه واضح في عقله، فقد خاض الفتى غمار هذه الحياة وحيدًا لفترة طويلة حتى الآن.

الوباء الذي حل على مملكتهم- مملكة ويستروس العريقة- راح ضحيتها والداه وعدد لا يُحصى من أهل القرى والمدن الكبرى، ولا تزال تُنتشل مئات الجثث التي سببها حتى الآن، حتى بعد مضي شتاءٍ كاملٍ على توقفه.

تؤلمه فكرة أنه لا يشتاق لعائلته حقًا، فعندما فارقا الحياة، كان لا يزال يخطو خطواته الأولى. قيل له أن والده يمتلك أنفًا حادًا تمامًا كأنفه، بينما امتازت والدته بشعرها الداكن الحريري، يحب أنه يستطيع رؤية تلك الصورة في نفسه. كما ذكروا أن لديه أخًا يكبره بعشر سنوات كان قد انضم لصفوف الجيش عند الحدود للدفاع عن شرف البلاد، أو بالأحرى نقود الأثرياء، ولا يعلم أحد مصيره، لكن أخاه كيبوم وُلد بعينين زرقاوين مميزتان جعلت من والد جيبوم يشك في ولاء زوجته. تعلق جيبوم بهذه الأقاويل وكأنها وسام على صدره يفخر به، رغم أنها لم تكن سوى خيوط رفيعة تربط بماضٍ قد هجره. يخيفه حنينه لحب العائلة ودفئها رغم أنه لم يجربها حتى.

تربى جيبوم على أيدي عددٍ من الخدم في المطبخ الملكي. تربى كلمة مبالغة فيها. بالأحرى، لقد أبقوه على قيد الحياة، رغم ذلك، إنه يقدرهم، ففي زمن يكدح فيه أرباب الأسرة لإعالة عائلاتهم الممتدة، كان يتيمًا لم يتمنوا موته بل حرصوا على إطعامه وكسوته في البرد القارس، حتى لو كان ذلك الطعام مجرد كسرات خبز أو فواكه قاربت على التعفن، أوكانت تلك الكسوة سترة تمت خياطتها مئات المرات من قبل أصحابها القدامى لينتهي بها الأمر تغطي الفتى اليتيم.

مع ذلك لا يزال جيبوم ممتنًا لهم جميعًا بحق؛ الخالة جايون التي قضت حياتها بين دهاليز القصر لتنفق على إخوتها الذين صاروا شبابًا، لكنها وحتى بعد رحيلهم جميعًا وجدت أنها لا تجيد فعل شيء آخر، فآثرت البقاء. كذلك الطباخ السمين والطباخ النحيل، ورغم أن لسانهما قذر للغاية ولا يكفان عن اللعن والشتم، إلا أنهما دائمًا ما حرصا على تلقين جيبوم دروسًا في الحياة، أغلبها لم تكن مفيدة البتة، لكن كان من الجميل الشعور بأنه موجود ويستحق أن يتم الحديث معه. وهنالك الكثير منهم، المتعالية سويون والاسطبلي تايانغ والعجوز سونغكوك والبستاني ورئيس الخدم وغيرهم الكثيرون. لقد كان بإمكانهم تركه خارج مطبخ القصر ليموت مع عائلته، لكنهم اختاروا احتضانه والاعتناء به بما فيه الكفاية ليكبر في أدفء مكان في الممالك السبعة وأكثرها أمانًا مقابل ولائه للخدمة في المطبخ طوال يومه.

Ruthless Royalty (21/21)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن