استلقى مارك على سريره يفكر في مجريات الفجر الذي خاضه مع جيبوم. يبدو كل شيء وكأنه محض خيال، مجرد أمنيات أراد فتى قبيلة الهمج التحلي بالقوة لفعلها منذ زمنٍ طويل. لم يكن ما فعله جيبوم ومارك بالشيء الجلل، تهريب بقايا طعام يبدو تافهًا، لكنه بدا كما لو أن ملاكًا نزل من السماء للعوائل السبعة عشر التي تقاسمت الطعام المتبقي من وليمة حفل المساء التنكري.
بعد اللقاء الغريب مع ولي العهد جينيونغ في الحديقة القديمة حين أهان كلاً من الخادم وفتى توان، افترق جيبوم ومارك على وعدٍ باللقاء قبل ساعات الفجر الأولى، عاد جيبوم للعمل الجاد، بينما توجه مارك لجناحه، كانت غرفته في فوضى، ليست هنالك أي قطعة في مكانها، إنه فقط لا يفهم مفهوم وجود الأشياء في خزائن. نزع ردائه المخملي الذي أثار إعجاب الجمهور ورماه على الأرض، متجاهلاً حفلة الأثرياء السُكارى الذين بات يحتقرهم أكثر من قبل وهو يفكر في خطتهم المتهورة.
لم يكن مارك يُكن الحقد تجاه أيٍ من الأمراء الثلاثة، على العكس تمامًا، لقد سمع عن طموحهم الكثير عندما كان مع قبيلته، وقبل مجيئه إلى العاصمة، كان يُفكر أن للبلاد مستقبلاً مزدهرًا لو تولوا زمام الأمور في هذه الأراضي التعيسة، لكن رؤيته ضبابية الآن بعدما شهِد تصرفاتهم وحماقاتهم التي لا تختلف عن من في مستواهم، وعميقًا بداخله، يعتقد أن ما خلف ذلك الضباب ما هو إلا فُتات حضارة، حينما ينقشع الضباب وتتكشف الرؤية، ستنهال الدول المجاورة طامعة بثراء ويستروس.
إن والده شخصٌ جيد، يريد الأفضل لقبيلته، ورغم أن تضحيته بابنه ستبدو عديمة الرحمة لساكني القصر، لكنه يأمل حقًا أن ابنه سيكون أحد الحبال التي تنقذ مملكتهم من السقوط في الهاوية، غير مدركٍ أن الحافة لا تملك حبالاً بعد الآن، لقد حمّله والده عبئًا يجزم مارك أنه غير مؤهلٍ له.
لم ينبس أي أحدٍ بكلمة فيما يخص الشرط الأخير من الاتفاقية منذ مغادرة والده، وكأنه سطر إذا تجاهلوه سيختفي، "٢١. سيكون على زعيم قبيلة توان والملك سومان ربط النسب لضمان مستقبل الاتفاقية." وبحكم أنه الابن الوحيد للزعيم، سيجدر به الزواج بأحد الأمراء، والمرجح أنه سيكون الفتى الأصغر يوقيوم، الأبعد في خط خلافة العرش، فالملك لن يضحي بابنيه للزواج بفتى لا يمكنه تخليف وريث.
بدّل مارك ملابسه التنكرية إلى ملابس أقل بهرجة لكنها لا تزال توضح مقامه، ثم وضع سلسال قبيلته الذهبي حول رقبته، نظر إلى نفسه في المرآة، يُعجبه ما يراه. إنه يُعرض الكثيرين للخطر، لكنه يؤمن أن هذا قدره، عليه أن يفعل شيئًا وإلا سيجن جنونه وسط جدران القصر الرتيبة.
