الفصل الرابع

1.2K 93 295
                                    

في مختلف أحقاب التاريخ، لطالما سُجل بأشكال متعددة حول المؤامرات الحاصلة بين الجدران الفارهة للأثرياء والملوك، لا يخلو قصرٌ من خيانة وزير أو عهر ملك أو قمار أو تلاعب جنسي أو قتل أو كلها معًا، فدائمًا ما تتناقل قصص الأسلاف شتى أنواع الفساد التي يتلذذ بسردها العوام لتمضية أيامهم التعيسة، فتحيا تلك الوقائع لأجيال. لا شك أنه كان لقصر ويستروس العظيم نصيب من تلك الحكايات، فمن الواضح أن مؤامرة ما ترتحل في القصر في هذا الوقت، لكن هوية من يقودها لا تزال طي الكتمان، إن الأمر كلعبة تحقيق تضفي الإثارة في ساعاتهم.

يحدق الأمير جينيونغ في الجسد المُستلقي على السرير، إن الخادم هذا يفوق في وسامته أغلب من في القصر، له شعر داكنٌ طويل ناعم رغم وضوح قلة الاهتمام به، هنالك آثار لجراحٍ قديمة لم تُداوى، لكنه يظل أخاذًا كإحدى تماثيل الإغريق التي تقف أمامها فاقدًا للكلمات. مع الأسف، يُمكن لأي أحدٍ رؤية شدة مرض الخادم، ولكن بالطبع، ما من طريقة ليحصل فيها على راحة في هذا القصر الجليل. ليس بإمكانه تفسير ذلك، لكنه يتذكر عندما زارتهم قبيلة توان ذات مرة، إحدى قبائل حدود الجنوب الهمج، كانوا يمشون على النار كنوعٍ من التسلية، ورغم أن الأمير لم يشاركهم تسليتهم، لكنه يظن أن ذلك ما يشعر به الآن، مشتعل.

ينبش جينيونغ شريط ذكرياته حول الفتى. لطالما كان هناك، دائمًا في كل زاوية من ذاكرته. في طفولته، يتسلق إحدى الأشجار الضخمة قُرب المخزن القديم ثم يبكي بحرقة لسبب لا يعرفه الأمير الصغير، يقضي دقائق معدودة هناك ثم يختفي ليعود مجددًا بعدها بأسابيع ليفعل المثل، غير مدركٍ أن له جمهورًا لم يتجرأ على التقدم نحوه ولو لمرة، لكن الأمير لم يبتعد أبدًا تاركًا إياه وحيدًا، أراد البقاء لدعم الآخر رغم أنه لم يدرك وجوده، حتى في أيام صغر الأمير، استطاع فهم أن هنالك أشخاصًا أقل سعادة منه، لا حظ لهم.

حتى عندما توقف البكاء، واختفى من الشجرة الضخمة حيث اعتاد الأميران جينيونغ وجاكسن الحديث بسرية بعيدًا عن الجدران التي لها آذان، لا زال الأمير يفكر بالفتى كثير الدموع من وقتٍ لآخر. كان يراه في الاسطبل أحيانًا وهو ذاهب لجولته على حصانه برفقة الفتية، بدا دؤوبًا في عمله لا يخطئ، وأحيانًا خارج البوابة الجانبية يحمل أكياسًا ثقيلة من الطحين والخضار، وفي أحيان أخرى ينظف القاعات والممرات، كلها كانت مراقبة فاحصة دون وعيٍ من الخادم، وكأنه الملاك الحارس له، رغم أنه بالكاد فعل شيئًا. لطالما كان الخادم شارد الذهن، لكنه كان يبتسم أحيانًا لخادمة عجوز، استطاع الأمير جينيونغ الربط لاحقًا أنها المشنوقة مؤخرًا.

Ruthless Royalty (21/21)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن