°° إمرأة وحيدة °°

20 1 9
                                    

حتى عندما وطأنا المنطقة الجرداء المحيطة بهذه القرية ..
لم اهرب ..
لأن إحساس الخطر لم ينتابني ابداً ..
سوى خوفٍ طفيف
تلاشى فور إنبعاث صوت ملاذ ناطقةً بإسم القرية ( مرثاة) ..
و هاهو ينبعثُ من جديد ..
واهناً قليلاً و محاطاً بالخيبة :
= مشكلتنا نحنُ النساء ، أننا مُحاربات في كل ما نفعل من قِبل بعض الأفراد الضالة في المجتمع ..
و دائماً ما تتصدرُ السوداوية ظنون الناس فينا ..
أنا يا ليال .. إمرأةٌ وحيدة ، أعيشُ لأُعيل مرضى
و أُقدم المساعدة متى ما كنتُ قادرة ..
لكن كلُّ ذلك لا ينفعُ في شيءٍ ، لو ظهرت نقطةٌ سوداء
 بحجم حبة الخردل في سجلي ، و سيتجاهل المجتمع السجل بأكملهِ و يصب إهتمامهُ على حبةِ الخردل هذهِ..!
و تلك هي مشكلة عابدين و امثالهِ .. لا يستطيعُ تقبل حقيقة مقدرة المرأة على العيش وحيدة كما الرجل ، إلا و يضع لها ألف سببٍ وضيع ..
و في الحين الذي أترفعُ فيه عن الرد على امثالهِ و مُجادلتهم ..
يستغلون هم ترُفعي كفرصة للطعنِ فيَّ اكثر و اكثر ..
و هبكِ أن غالبية العقول مثل عقل عابدين ، كيف ستصبح حياتنا نحنُ المستقلات و المعتمدات على الذات في مجتمعٍ جاهلٍ كهذا؟!

غمرتني الحسرة و انا أتخيلُ حجم الظُلم الذي طالَ النساء على مدى القرون ..
فالأمر كما ذكرتهُ ملاذ تماماً ، نحـنُ مُحارَباتٌ في كُـلِّ ما نفعَل ..
فلم تسلم عبقرية و لا مفكرة و لا مؤمنة ولا حتى الإمرأة العادية من غدر الجهل ، و الظُلم ..
كما حصل مع المرأة اليونانية .. الفيلسوفة التي قتلها الجهل ..
و بنتُ الهدى رحمها اللّٰه ..
و العديد من النساء اللاتي عانينَّ و شقينَّ لبلوغ مرتبة يستحققنها مثل المعمارية الراقية زُها حديد ، و الظلم الذي طالها و الذي ما زال مستمراً بحق الاخريات امثالها .
و الآن ملاذ و الطعن الذي يبدو أنها قد عانت منهُ كثيراً خلال حياتها .
فتنهدتُ و قلتُ لها بنبرةٍ واثقة :
=  الحياة حربٌ إذن ، و يتعينُ علينا الصد و المواجهة و المقاومة حتى يؤذن لأرواحنا بالتحرر من سِجنها و عالمهِ الظالم ،
فنغادُر و لنا بصمة شرف ، أننا لم نضعفُ و لم نخنع للظلم ، و ايضاً .. لم نسمح للجهل و الجُـهال أن يتغلبوا على العِلم و نورهِ ، و هذا ما تفعلينهُ أنتِ ملاذ ..
و هو ما يكفيكِ لتفخري بنفسكِ أن وهبتِ لهؤلاء الجُهال الصغار ، قبساً من النور الذي لديكِ ، حتى بعدما أساء إليكِ عابدين و آذاكِ ، و الذي قد يكون والد أحدهم .

و كانت اثناء كلامي ترمقني بإبتسامة مبتلة بالدموع ، فإقتربتُ منها سريعاً بعدما أنهيتُ حديثي و عانقتُـها ..
و احسستُ بِـها تكادُ تتلاشى من بين يديَّ لفرط ألمها الذي تبعثهُ بشهقاتٍ متقطعة ..
إما أنَّـها المرةُ الأولى التي تتلقى فيهِ كلاماً جارحاً ..
أو أنها تعرضت اليهِ كثيراً و كبتتهُ لأنَّـها لم تجِد حضناً يحتويها و ألمها آنذاك  ..
و الآن وجدتهُ .. و ها هي تُفرجُ عن كل ما كبتـتهُ دفعةً واحدة .

11:59حيث تعيش القصص. اكتشف الآن