و اشار الى بعض الشُبان الواقفين خلفهُ يُطالعونني وملاذ بتعابير واثقة .
و هبوا من فورهم الى احد البيوت الطينية البعيدة ، و اخرجوا ثلاث خراف من الداخل ..
فأدركتُ فوراً ماهم مقبلين على فعلهِ ، فإستأذنتُ العجوز معتذرة :
- عفواً شيخ خالد ، لا تُكلفوا أنفسكم كثيراً ، فلستُ هُنا للعشاء .
بل لمرافقةِ ملاذ حتى تـدُلنـي على مكان سكني .ثم رمقتُ ملاذ بنظرةٍ محرجة و قلت :
- و اعتذر عن كلامي المفاجئ ، فقد قدمتُ للتو من سفري و انا متعبة كثيراً و لا اود سوى الاسترخاء .فتحدثَـت ملاذ للشيخ :
- يتطلبُـها الامر وقتاً للإعتياد على سيرِ الأمور هنا ، و عذر المغتربين معهم .
و ليست تقصد أيَّ اهانة او خدش في كلامها ، فهي عفوية الأفعال و الأقوال .فإبتسم الشيخ بتكلف ثم قال و قد امرَّ سكان القرية بالعودة الى اماكنهم و انهاء التجمع إلا من رجلٍ اربعيني ذو شارب طويلٍ و غليظ غير مرتب ، و ملامح حادة و مُخيفةً نوعاً ما ، واقفٌ الى جانبهِ و كأنهُ يحرسهُ :
- اتمنى ان نكون قادرين على رد جميلكِ الكبير بأكثر من ذلك ، ابنتي ملاذ .
وهب العلم للجاهل ، دينٌ و فضلٌ كبيران جداً ، و لو اردتِ ارواحنا لوهبناكِ اياها كي نبلغ فضلكِ على تثقيف اطفالنا و تمهيد طريق المستقبل لهم .
بارككِ الله إبنتي العزيزة .فأظهرت ملاذ إبتسامة باهتة ، و قالت في هدوء مُحـيِّر :
= معروفةٌ محاسنكم ، شيخ خالد .
و حاشاك أنّ تـرُد أيَّ ساعٍ إليكُـم خائباً ، لذا أنا على ثقةٍ تامة
بأن طلبي و حاجتي أنت قادر عليها ، و لستُ أُريد شيئاً غيرها.فذابت ملامح الشيخ في الجدية ، و هو ينظُرُ الى الرجل ذو الشوارب الغليظة ، و الذي إقتضبتُ ملامحهُ و إزدادت حدة عندما تحدثت ملاذ ، ثم تنهَـدَ الشيخ قائلاً :
= طلبكِ تأخذينهُ مني ، بُنَـيّـتي و إعتبريهِ منفذ .فرفع الرجلُ حاجبهُ هازئاً ، ثم قال في حدة و صرامة :
= " من بعد أمر أبوي الشيخ " إلياس لن أتركهُ ، و يجُبُ أن ينالَ جزاءهُ من الإحتيال عليَّ و سرقتي .فقالت ملاذ في إنزعاج طفيف و حنقٍ ظاهر :
= إلياس لم يسرِق أحداً يا أُستاذ عابدين !
و لا تتهمهُ بذلك فقط لأنك عاجز عن الإعتراف بخسارتِـك الرهان الذي أقمتماهُ معاً !
ليسَ ذنبهُ أنَّـهُ ربِح و أنتَ خسرت !كنتُ خلال ذلك اتسائل عما يتحدثان بشأنه ، عرفتُ من خلال ملاذ أنّ هذا الرجل ذو السحنة المخيفة إسمهُ ( عابدين) ، و هو إبن الشيخ ..
من إلياس هذا الذي يتحدثون عنهُ؟
و أينَّ هو؟ و لماذا ملاذ تُـدافعُ عنهُ بقوة هكذا .. من الممكن أنَّـهُ آخاها ..
و مزق خيط افكاري ، صوت عابدين يقول بغيظ :
= وعدني بالفوز ! فراهنـتُ على اموالي جميعها و إذا بهِ السافل يفوزُ بالنهاية و يُفلسني و الآخرين على يدهِ و يُغادر مفتخراً متبختراً !
أنت تقرأ
11:59
Misterio / Suspenso#مكتملة . ولما إنتهيتُ من رواية الحكاية نبسَـت في تنهدِ : = الله وحدهُ يعلمُ بالأسباب الدفينة ، التي دفعتهُ لإرتكاب مجزرةٍ كهذه ، فجأة .. فهمهمتُ متسائلة : = لم يكُن يبدو عليهِ الشرُ ابداً .. و لطالما امتدح الجيران اخلاقهُ و أدب اولادهِ .. لكن ما...