°° تبقى الأحلامُ أحلاماً °°

20 1 37
                                    

اوصدت الباب خلفها ، فتنهدتُ في امتعاض و همست مع نفسي :
= رحلتنا .. من قال أنّي أُريد مُغادرة هذهِ الجنة الغامضة ..

و نهضت بعدها متوجهةً نحو الخزانة لأبدل الثياب الى اخرى تناسب رحلتنا غير الراغبة فيها .
ثم استدرتُ الى المرآة لأرتب شعري ، فوقعت عيني على إنعكاس
البيانو ، و الذي بدى خشبهُ لامعاً تحت اشعة الشمس الذهبية المنسدلة من النافذة .
و تراءى لي خلال ذلك حُلُمي الذي رادوني في الأمس ، عن مكانٍ
اشبه بمدينة مهجورة ، تملأها انقاض مباني ضخمة و منازل عديدة قضت خراباً ، تثيرُ الوجل و الخوف رؤيتها .. و كنتُ أسير عبرها لمفردي ، و اذكر أنني رغم ذلك المنظر كنتُ اسيرُ هادئة
ارمق الأركان بنظرات متفحصة .. كأنني اعلم بأسباب ما حدث .. او كأنني المتسبب في ذلك ..!
البرود .. اللامبالاة .. تركيزٌ على هدفٍ آخر لا يمكن تحصيلهُ سوى بهذا الدمار ..!
كنتُ شخصاً آخر .. كياناً آخر .. أتمشى نحو غايةً لا اعرف ماهيتها الآن .
و خلال ذلك كان يتردد في ذهني اسمُ شخصٍ ما ..
في الحُلم كنتُ اعرفهُ جيداً .. لأنهُ كان وجهتي ..
لكن الآن أجهل من يكون تماماً كما إنني لا اذكر حتى إسمه !
كما اجهل سبب مراودة حلمٌ كهذا لي الآن ..
فليست هذه المرةُ الأولى .. فقد راودني ذات مرةٍ عندما علمتُ بجريمة جارنا .. و الآن ذاتهُ تكرر .. في منزل ملاذ الغريب ..
هل أُخبرها؟
و بماذا قد تنفعني ..؟
ستقول لي أنها اضغاثٌ انتجها دماغي ليقلل من حدة توتري
و سيدعم قولها الهدوء الذي كان مهيمناً على الأرجاء طيلة الحُلم .
لا يهم .. الأحلام تبقى احلاماً .
غادرتُ الغرفة و انا احاول تجاهل ما حدث بالأمس ، فوجدتُ ملاذ واقفةً عند نهاية السلالم ، بدت منشغلة في اتصالٍ مع احد ، و خلال سيري سمعتُها تقول :
= لا تعلمُ ابداً حجم سعادتي برؤيتها يا تمار !
إذ و اخيراً كلُّ ذلك العناء انتهى و ما عليَّ الآن سوى العودة حيثُ كنت ..

ثم بعد صمتٍ دامَ ثواني قالت مهمهمة بضحكة :
  = هه نعم نعم الإستماع يجعلك كاذباً محترفاً يا تمار !
المهم الآن إستطعتُ التوصل الى نتيجة مرضية ، و سأعكف على رعايتها حتى يحين الوقت ، و عندها ستأخذ المشيئة مجراها و لا اعتراض على حكم ابداً .

ثم صمتت لثواني ، بادرت بعدها بنبرة متفاجئة و هي تذكرُ اسماءً  غريبة :
  = ماندوي؟!
هه ، هنتاريان لا يُحزر ابداً ..!
تواصلتُ معهُ منذُ مدةٍ ليست بالبعيدة و اخبرني أنَّـهُ على وشكِ الإستسلام .

ثم قهقهت بخفوت و قالت متهكمة :
  = اخبرهُ أنني فزتُ و بجدارة ، إذ سبقتهُ في الأمر
و ايضاً احرص على ان لا يقع في حُب ماندوي قبل الوقت
فلسنا مستعدين لكارثةٍ من هذا النوع .

و ضحكت بعدها بنشاط بيدَ أنَّ الطرف الآخر شاركها الضحك ايضاً ، ثم ما لبثت أن هدأت ملامحها و بهتت نبرتها قائلة بعد صمتٍ لثواني :
  = بدلتُ لها الكانيولا ، و حقنتُـها بالسوائل المُغذية .
فتحَـت عيناها و تحدثَـت اليَّ قليلاً بأحاديث غير مفهومة ، تقول أنَّ أيمن يزورها كل يوم .. و يطمئن على حالها و يتحدث معها عن خليل و احوالهِ ..
احاديثٌ لا تُناسِبُ الموتى إطلاقاً يا تمار  ..!
ثم عادت الى النوم مجدداً .. و ذلك ما أنا سعيدة لأجلهِ ..
حتى لو كانت احاديثها مفرغة ، طالما أنَّـها تعرفني ، فكلُّ شيءٍ في أتم الخير .

11:59حيث تعيش القصص. اكتشف الآن