°° لا يمكنكِ وهبنا قرباناً °°

19 1 28
                                    

مرَّت ساعة كاملة و انا اكابد الملل بالخيال تارةً و بالذكريات تارةً اخرى ، و كلما غفلت عن وعيي ، وجدتهُ عند ذكرى جارنا ، حتى بات الأمر يزعجني كثيراً ..
كل شيءٍ بات يزعجني ، الذكرى ، وجودي هنا ، ملاذ ، حتى نفسي ، لا اعرف لماذا ، و سبب هذا الشعور ، الذي ملئني منذُ أن استيقظتُ من ذلك الحلم الغريب ..
اتسائلُ هل ستعرف ملاذ معناه لو اخبرتها عنهُ أم ستقوم بتجريدهُ من كل المعاني و رميهِ في خانة الاضغاث ، و إن كان فعلاً من الاضغاث ، فلماذا تكرر؟
الصدفة لا تعود صدفة إن تكررت .. كذلك الحلم ..
إن تكرر فهو رؤيا عن شيءٍ ما.. حدثاً ما سيقع او ربما وقع !
و هذا هو المُحال ..!
آه يا الهي الفراغ حقاً يعبثُ بمنطقية المرء و يحيلهُ معتوهاً مجنوناً .. من الافضل لي أن اترك التفكير بالأمر قبل أن يجرني الى مهزلة تُضحِكُ ملاذ علي .
صوتُ رقيق لجرسٍ ناعم ، ينطلق من بين يد ملاذ ، إشارة لنهاية حصة اليوم ، أكّـدّ الأمر ترنح الكبار من مقاعدهم وسط ضجيج من كلامٍ غير مفهوم يدور بينهم ، حتى غادروا القاعة .
لتستفهمني ملاذ في إهتمام :
= ما بالكِ ..شاردةٌ منذُ الصباح؟

حملقتُ فيها و تحديداً في البرود و الغباء الذي تبديه لتسألني سؤالاً كهذا ، ألا يمكن أن يكون ما حدث بالأمس كافياً ليجعلني شاردة و مضطربة الحركات !
لكن لا ألومها فيبدو أنها اعتادت امرهم حتى فقدت الشعور أو بالأحرى نسيت شعور الخوف و مات قلبها .
و هذا ما يدفعني للتساؤل كم كان موقف والدتها مريعاً ليموت في داخلها شعور الخوف فلا تضطرب و لا يختل ثباتها مهما حدث.
و ها انا مرةً اخرى اغرق في التفكير عميقاً ، مُطيلة الصمت عن غير قصد .
لتُعيد ملاذ سؤالها بضيغة اخرى، تلمس فيها ركناً في قلبي بات حساساً منذُ أن ولجت تلك الجنة الغامضة :
= لا تريدين المُغادرة ، صحيح؟

فأشحتُ عنها بعيداً و اجبت متصنعة الجدية :
= ليس هذا الأمر ، فلا احبذُ الشعور بالخوف و لا بعدم الأمان ، لذا يتعينُ عليَّ ...
فصمتُّ و لم استطع النطق بشيءٍ بعدها ، فتنهدت ملاذ قائلة :
= اتذكرُ جيداً عندما حدثتيني عن البيانو أمس ، و اتذكر سعادتك عند رؤيتهِ قابعاً في غرفتكِ و كأنه في إنتظارك ، لذا إن كان ترددك بسبب البيانو ، فعليكِ التعامل مع الأمر بنفسك و اتخاذ قرارك ، بعيداً عن مطبات العاطفة .

فصمتُ لأُفكر في الأمر ملياً ..
هل حقاً البيانو هو ما أنا مترددةٌ لأجله ..؟
أم شيءٌ آخر ..!
يجعلني اتمسك بهِ كالمسحور .. لا اقوى على مفارقتهِ أو الأطمئنان الى غيرهِ أو إئتمانهِ على روحي ..
مالذي بحق السماء افكرُ فيه !؟
أهزُ رأسي لأنفض الافكار عني ، فتضعُ ملاذ يدها على كتفي و تقول بهدوء :
= أُنظري اليّ ، ليال .
و فعلتُ ، و شعرتُ لوهلةٍ بالذهول بينما أُطالعها و هي تستفهمني :
= مالذي يجعلك مترددة في المغادرة ، ليال؟

شعرتُ بالذهول لأنني ، كنتُ على وشك النطق بكلمة ( أنتِ) !
و اقصدُ ملاذ و لا افهم لماذا أو كيف !!؟
هل ملاذ حقاً هي سبب ترددي !
هل هي من لا استطيع مفارقته!
ما هذا الشعور الغريب الذي ينتابني!؟
لاشيء يربطني بها !
لا قرابة و لا صداقة و لا اي علاقة اخرى عدا أنني رفيقة سكن و لستُ حتى شريكة!
تضعُ ملاذ كلتا يديها حول كتفي و تستفهمني بقلق :
= لماذا لا تُجيبينني ليال؟!

11:59حيث تعيش القصص. اكتشف الآن