[ الجزء الخامس] البارت الخامس عشر(١٥)

104 11 0
                                    

أمام ثلاثة خيارات كنت. إما أن أكره نفسي لما جلبته لعائلتي؛ أو
أن أكره عائلتي لما فعلته بي أو أن أكرههم فأكرهني لأنني واحد منهم.

جرس شقتي شرع برنين متواصل لم ينقطع حتى فتحت الباب.
سمكة قرش متحفزة الأنياب بصحبة دلفين مغلوب على أمره اقتحما
شقتي يجران خلفهما "طاروفا" لم يتمكنا من تحرير نفسيهما منه. وأناء
السمكة الصغيرة» أحاول الفرار ولوجا في فتحات الطاروف.

قلت لها والدهشة تتملكني. كنت أعود بخطواتي إلى الوراء خشية
أن تمسك بياقة قميصي كما في المرة الأولى. في تلك المرة كانت
تكابد في السيطرة على انفعالاتها خشية أن ينتبه لنا أحد في بيت ماما
غنيمة» أما في شقتي.. حوض السمك الصغير.. وأناء سمكة صغيرة على
حد تعبير خولة.. في مواجهة سمكة قرش.. لا فرار.

نظرتٌ باتجاه عمتي عواطف راجيا ملامحها المسالمة أن تفعل
شيئا ولكنها لم تفعل. أشرت نحو غرفة الجلوس:

- تفضلا بالدخول..

لم تتزحزحا من مكانهما. كل ما في وجه نورية كان يكيل لي
الشتائم. حاجباها المرفوعان إلى الأعلىء أنفها الدقيق المرتفع؛ ولسانها
المسموم.

- اسمع.. أنا ليست هند.. لستُ خولة.. تُغادر الكويت فورا..
مفهوم؟!

استفزني طغيانها. انفجرت في وجهها لا أعرف مصدرا لجرأتي:

- غادرت بيت الطاروف منذ زمن.. لا سلطة لكٍ عليّ!

فتحت عينيها على اتساعهما كمن تلقى صفعة. قالت تصرخ بي:

- تُغادر الكويت فورا..

- الكويت.. ليست بيت الطاروف.

اتسعت عيناها بشكل مخيف. التفتت إلى عمتي عواطف غير
مصدقة ما بدر مني. وجهت حديثها إليّ ثانية:

- تتحداني؟

- أنا لا أتحدى أحدا.

- أمي قررت أن تقطع راتبك الشهري.. هند ستتوقف عن
مساعدتك.. ألا تفهم؟

- لديٍّ وظيفة.. ومبلغ لا بأس به من المال يكفي لأعيش بقية
حياتي.. هنا..

أشرت نحو الأرض متحديا. أردفتٌ:

- .. في الكويت.

ارتعشت شفتلها. تنقل نظراتها بيني وبين عمتي عواطف في
ذهول. لست ألومهاء أن يزأر القط الصغير» بصوت لا يتناسب وشكله؛
أمر أشد وقعا من زثير الأسد! التمعت عيناها. سالت على وجنتيها دموع
سوداء غزيرة. مرعب كان شكلها. أجهشت بالبكاء تغالب كلماتها لعمتي
عواطف. فرغت من حديثها ثم التفتت إليّ:

- سوف أدفع لك ما تريد..

أجبتها على الفور:

- لا أريد.

خاطبت أختها بنظرات لم أفهمها. قالت عمتي عواطف:

- هل تسمح لنا بالدخول؟

ساق البامبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن