[الجزء الخامس] البارت السابع عشر (١٧)

107 9 0
                                    

في 17 مايو 2008 جرت الانتخابات. خسارة عمتي هند لم تكن
مفاجأة؛. خصوصا بعدما تداولت بعض الصحف تصريحها في الندوة
إياها. إحدى الصحف المشهورة صدّرت أولى صفحاتها بخط عريض:

مشككة في ولاء المواطنين
هند الطاروف: الكويتيون لا يستحقون حمل الجنسية الكويتية!

شيء يشبه أجواء العزاء خيم على الديوانية إزاء رد الفعل في بعض
الصحف التي هاجمت عمتي. عرف المجانين النتيجة قبل إعلانها.
خسارة عمتي هند في الانتخابات لم تكن مفاجأة لي» المفاجأة الحقيقية
كانت في انتصار نورية في تحديها لي وتنفيذها ما هددت به. صدقت
فيما حذرت منه. نفذت تهديدها. توقف جدّتي عن صرف راتبي لم
يكن أمرا مستبعداء ولكن أن تفعل عمتي هند..!
وجدتني فجأة لا أملك سوى ما أتقاضاه من عملي في المطعم
ومن دعم العمالة الوطنية؛ وكلا الراتبين بالكاد يكفي لتسديد إيجار
الشقة وحدها. أصبحت أصرف مما ادخرته من مال» شهر تلو الآخر.
أجريت حسابا لما يكفيني مستقبلاء وجدتني» إذا ما استمرت الحال على
ما هي عليه؛ مفلسا في الأشهر القليلة المقبلة.
المجانين عرضوا علي المساعدة ماليا. جابر أكثرهم حماساء ريما
لذنب يشعر به. مشعل طلب مني الانتقال إلى شقته في الدور الثامن من
البناية نفسها: "لا أحتاجها في غير عطلات نهاية الأسبوع”. بادر تركي:
"يمكتك السكن مؤقتا في الديوانية إلى أن تجد مسكنا يناسبك". إبراهيم
سلام» رغم ضيق سكنه» لا يتأخر عن المساعدة: "غرفتي الصغيرة» التي
اتسعت لك من قبل» لن تتأخر في احتوائك مرة أخرى يا أخي". وبعد
شد وجذب بيني بينه وافق على مضض أن أستأجر مساحة نومي في
غرفته لقاء ثلاثين دينارًا أدفعها له شهريا.
***

لم يمض أسبوع واحد على انتقالي إلى غرفة إبراهيم حتى أبلغني
رئيس الوردية في المطعم: "تدبر أمورك.. هذا آخر أسبوع لك في العمل
فنا ه الست؟ لا سيسة»

أوجدتٌ لنفسي سببا.. الكويت تلفظني..

هاتفتني خولة بعد أيام قليلة: "هل حقا تم فصلك من عملك؟".
حين جاء ردي إيجابا قالت قبل أن تنهي المكالمة: "تبًا! فعلتها عمتى
نورية!". ِ ِ

دبّت الخلافات في بيت الطاروف. عمتي هند وعمتي عواطف
على خلاف شديد مع نورية التي كانت وراء فصلي من العمل: "أتركي
الفتى في حاله!". نورية حانقة على هند بسبب تصريحها وخسارتها في
الانتخابات: "لو كان عيسى الطاروف على قيد الحياة لمات بسبيك".
ماما غنيمة في حال سيئة بسبب ما يحدث في بيتها. الشقيقات على
خلاف. خولة تركت البيت إلى منزل جدتها لأمها: "الوضع في بيت
ماما غنيمة لا يطاق". تقول أختي واصفة حال جدّتي: "تضرب على
فخذيها طيلة اليوم بحسرة.. الله يرحمك يا بوراشد.. الله يرحمك يا
راشد.. ترفع كفّيها إلى السماء: الله ينتقم منك يا غسان".

- خولة! أريد أن أفهم أرجوك.. هذه أشياء معقدة!

على الجانب الآخر من المكالمة التزمت صمتها. استطردت:

- أجيبيني أرجولٍ..

صمتها لا يزال.

- من السبب في كل تلك المشاكل؟
كما هي» لم تنبس بكلمة. ارتفع صوتي أسألها:
- بابا غسان؟
أجابت بصوت خفيض:
-لا
انخفض صوتي أسألها وكلي خوف من إجابة محتملة:
- أنا؟
بصوت مرتفع أجابت:
- لا!
أطلقت زفيري بارتياح لتبرئي من ذنب كنت أخشاه. واصلت
خولة:
- ليس غيره.
التزمت صمتي. أتمت المكالمة ب:
- الطاروف.
* * *

ساق البامبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن