في هذه اللحظة..

762 61 118
                                    


أُغلق الباب بقسوة تزامنا مع إنغلاق الدفتر بهدوء مخالف لدخولها الصاخب..

إستندت بظهرها على الباب الخشبي الذي أغلقته منذ لحظات بينما تغمض عينيها بقوة, تزحلقت بهدوء لتجلس على الأرض ضامة ركبتيها إلى صدرها تحاول جاهدة تحمل الألم الذي يجتاح أعماق روحها و قلبها الذي تكاد تقسم أنها تشعر بتحطمه لأشلاء..

عينيها المغلقة لم تتوقف عن ذرف الدموع و لو للحظة مجهدة بذلك نفسها كما فعلت طوال الأيام الماضية, وضعت رفعت كفيها على رأسها لتزيح بهما حجابها الأسود الذي ترتديه و تتخلص من رباط شعرها لينسدل من تحته شعرها البني المجعد على كتفيها ليلامس الأرض لشدة طوله..

كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة بسبب تلك الغصة التي تسكن حلقها منذ خبر زواجها من آخر, فتحت شفتيها المرتجفة لتقول بصوت مهزوز:

- إن هذا صعب التحمل, لا يمكنني نسيانه بسهولة, لا يمكن محي صاحب السوداويتان من قلبي ببساطة..

رفعت يدها اليمنى ناحية الجانب الأيسر صدرها و بالتحديد قلبها لتقوم بضرب نفسها مرارا و تكرارا و هي تهتف بصوت قاطعته شهقاتها:

- أخرج من هنا يا أويس عبد الله! أخرج يا أيها الداء العزيز!

- أتريدين تركي مشرد بلا مأوى يا سيدة؟

فتحت عينيها ببطئ لتظهر عسليتها التي لمحت هيئة رجل يجلس على أريكتها إلا أن دموعها جعلت من رؤيتها ضبابية , رمشت عدة مرات حتى إتضحت الصورة التي أمامها , أعادت رأسها ناحية الخلف ليرتطم بالباب مغلقة عينيها مردفة بألم:

- يا إلهي بت أتخيل وجوده و صوته الآن!

- مهيار..

فتحت عينيها مجددا بعد سماعها لرنة المميزة لإسمها التي خصها به صوته لتواجهه مجددا حيث وجدته ينظر إليها مميلا رأسه ناحيتها بينما شفتيه رسمت إبتسامة واسعة و هو يقول:

- أنا أقطن خلف أسوار ذلك النابض الذي يقبع في الجانب الأيسر من صدرك يا مهيار, فهل تنوين طردي من ملجئي الوحيد؟

تصنمت في مكانها بينما ترمقه بأعين متسعة غير مستعوبة لوجوده حقا, فرجت شفتيها لتهمس بغير تصديق:

- أويس؟

إبتسم بإتساع مجددا و هو يهز برأسه مواققا بينما يردف بهدوء:

- بشحمه و لحمه يا مهيار..

و كأن جملته أعادتها لأرض الواقع و أنها أكدت لها أنه فعلا يجلس وسط شقتها و أمام عينيها لتتذكر أنها أمام شخص غريب عنها بدون حجاب , إلتفتت ناحية الأرض لتأخد حجابها لافة إياه حول رأسها بسرعة لتخفي شعرها عن مرء عيناه , نظرت إليه مرة أخرى بينما كفيها تعدل شعرها و حجابها لتهتف ساخطة:

- كيف أمكنك الدخول إلى هنا يا هذا؟! و أيضا أبعد نظرك فأنا فتاة محجبة و لست من محارمك!

إلتفتت إلى جانبها تكمل ترتيب مظهرها و ما إن فرغت عادت بنظرها إليه لتجده يقف أمامها تماما لا يفصل بينهما سوى إنشات بسيطة, ثقلت أنفاسها و تجمدت أطرافها لشعورها بقربه..

مذكرات عاشقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن