بداية

463 11 0
                                    

......
اخرجي يا نور هيا ...الشيخ بالخارج ينتظر خروجك لعقد القران .....هيا ابنتي العروس الجميلة "

تنفست الصعداء ويديها الصغيرة البيضاء كانت محمرة جدا وكلها جروح اثر غضبها الذي تخرجه في لكمها للجدار وترتعش بشدة حينما تتذكر أنها ستصبح زوجة رجل لا تشعر بأي شيء أو اي مشاعر إليه أو أنها كانت لم تعد تشعر بأي مشاعر اتجاه اي رجل بالاخير أصبحت متلبدة المشاعر

قبل تسعة سنوات

ركضت تلك الصغيرة وهي تحمل حقيبتها التي اشتراها لها والدها أمس بسبب انها قد بكت طويلا بسبب تنمر الفتيات عليها لأنها تأتي بحقيبة ممزقة

رغم صغر سنها إلا أنها كانت برئية للغاية بوجهها الطفولي الصغير وتلك الملابس التي استعرتها من خالتها التي تسكن في مدينة بعيدة عن أمها .....خرجت الي المدرسة مشيا وهي ترقص فرحا بحقيبتها الجديدة وصلت للمدرسة لتركض حتي تقف في اول الصف في طابور الصباح لكن هذه الفتاة المتعجرفة الصغيرة ارجعتها للوراء باصبعها وهي تنظر إلي اقدام نور لتقول تلك الفتاة المتكبرة " اوه يا ذات ذيول الماعز هل ستقفي بالامام !!" ليضحك باقي الفتيات علي نور المسكينة التي قامت والدتها بصنع تسريحة شعر علي شكل ثنائي ذيل حصان علي الجانبين لتقول بصوت مهزوز " لكني قد وصلت مبكرا غادة ولذلك ساقف بأول الصف انتي قلتي ذلك البارحة " لتضحك غادة المتكبرة باستخفاف وهي تشير إلي اقدام نور " نعم أنا قلت ذلك ولكن ليس لفتاة اصابع قدمها تسبق حذائها أليس كذلك يا ذيل الماعز " 

اخذت الصغير ة حقيبتها وركضت من خلف الطابور الي الفصل الذي تدرس به لتجلس في مقعدها وهي تحتضن قدمها وتبكي وتشهق بشدة بعد دقائق انتفض جسد الصغيرة بسبب فتح باب الفصل بعنف لتنظر بخوف الي أستاذ اللغة الأجنبية (هاني ) ليقول بغضب علي وجهه الذي كان يخفي معظم هيئته تحت تلك النظارة الطبية " ماذا تفعلين في الفصل أثناء طابور الصباح يا فاشلة "

اهتزت شفتيها بخوف لتقول " ااااانا..أنا...أنا ..." كانت تشهق بشدة ولا تستطيع كتم شهقاتها التي كانت تجعلها غير قادرة علي التنفس ..بسرعة البرق امسكها " هاني " من ذراعها الصغير بقوة وهو يشدها الي مكتب المديرة لتقول بخوف وهي تترجاه أن لا يذهب بها الي المديرة وقدمها الصغيرة تجرجر علي الارض لتتسخ ملابسها ...ادخلها الي مكتب المديرة

رفعت المديرة عينيها العسلية التي كانت بعقدها الاربعين لتقول وهي تنظر إلي الصغيرة التي تشهق في الأرض لتقول بضيق للأستاذ هاني " ماذا فعلت مجددا هذه الفتاة ؟؟" ليقول هاني وهو يكتف يديه أمام صدره وهو ينظر للكرة المتكومة التي يتنفض جسدها في كل شهقة تخرج منها وكأنها تخرج من روحها " الان قد امسكتها وهي جالسة بالفصل هاربة من طابور الصباح كاكل يوم " لتنفي الصغيرة براسها الذي كان بين قدميها الصغيرة ....انتفضت اكثر حينما  ضربت المديرة بيديها سطح المكتب لتقول بغضب " ماذا افعل بكي ؟؟؟ لقد تعبت من كثرة شكوى أستاذ هاني بسببك ..هل اقوم بفصلك نهائيا من المدرسة "

نظرت الصغيرة بخوف وهي تنفي بهسترية وتقول " اااناا..اااسفة.لن اكررررهاااا".   

" هذه المرة عندي أستاذ هاني أن افتعلت اي مشكلة أخري سأقوم بطردها " حولت انظارها التي تخرج بشرار الي نور لتقول " اذهبي الي فصلك يا آنسة "

**********************

وقفت امام الفصل بعد أن مسحت دموعها ولكن مازال هناك شهقاتها تخرج بين الحين والآخر ...طرقت بيديها الصغيرة طرقات رقيقة علي الباب لتفتح لها مدرستها صفاء وهي تنظر بحزن إليها
انخفضت صفاء الي مستواها لتسألها برقة " لماذا تبكي يا نور ؟؟ من احزنك وسوف اعاقبه " نفت الصغيرة برأسها لتقول بصوت مبحوح من البكاء وهي تشهق بين حين غرة " لا أحد أن فقط افتقد جدتي " اخذتها صفاء باحضانها وهي تربت علي ظهرها الصغير وهي تقول " هي الان بمكان أفضل يا صغيرة وان رأتكٍ تبكي سوف تحزن ..هل تريدي أن تحزني جدتك ؟؟" نفت الصغيرة برأسها لتقول " لن ابكي مجددا " ابتسمت صفاء لتأخذ نور وتجلسها علي طرف مقعدها الذي كان يبعد بضع بوصات عن زميلها اسلام برونزي البشرة بحاجبين عريضين لونهما اسود كالون شعره الذي كان مجعد قليلا ....همس اسلام بجانب نور  " اعلم بما تشعرين نور " نظرت له بأمل لتهمس بصوتها الطفولي " حقا !!!!!" ليكمل اسلام همسه " حقا ...لقد ماتت جدتي منذ شهرين والي الان اراها بأحلامي كل ليلة وانا انام بحجرها وتغني لي وبعدها توبخني بسبب شقوتي " ابتسم بنهاية جملته لتبتسم نور  معها وقد ظهرت تلك الغمازات علي خديها ...مسببة للذي يجلس بمقعد الاول بالجنون حينما رآها تضحك مع اسلام وزادت ضحكاتها بعد ما خرجت المعلمة لينهض ذلك المجنون بغمازتيها من علي مقعده ويرجع الي المقعد الذي ورائه ليقول لاسلام " ابتعد اسلام أنا أريد الجلوس هنا وانت اجلس مكاني "  رفع كتفيه بقلة حيلة من غيرة صديقه لينهض ويجلس بعده كريم قمحي اللون ذو عينان بنية وشعره بني فاتح مع طوله الذي لا تصدق أنه لفتي في الصف الخامس

ابعدت الصغيرة رأسها عن كريم بغضب جميل طفولي الي النافذة بينما هو اقترب منها وقال " هل انتي غاضبة مني نور ؟؟" اومأت بنعم ليكمل هو " انا آسف انتي تعلمين أن اصدقائي كانوا ينادوني واضطرت الي الذهاب ..لا تغضبي يا قصيرتي " شهقت بخفة حينما قال لها هذا اللقب .ضربت كتفه لتقول بحنق " أنا لست قصيرة يا منارة المسجد " ضحك كثيرا ليقول " إذا سامحتيني هيا بنا نذهب لنشتري شيء نأكله " اومأت بنعم وهي تخرج مرتدية حقيبتها ليقول وهو يعبث بشعرها " مبارك الحقيبة الجديدة يا قصيرة " نظرت بغضب طفولي جميل يجعلك تأكلها حية لتركض خلفه حينما كان يهرب منها وضحكاتهما كانت تتردد في جميع أنحاء الحديقة التي في المدرسة وأثناء لهوهم تعثرت نور  ووقعت علي ركبتيها لتصرخ بألم ..التفت كريم لها وركض وهو يري ركبتيها التي جرحت بشدة ولو كانت ترتدي شيء اطول من ذلك الشورت لكان خفف قليلا الالم .أخرج كريم زجاجة المياه من حقيبته ليسكب علي ركبتيها وهي تأن بألم ودموعها تنهمر علي وجنتيها لينزل كريم الي ركبتيها قليلا وينفخ علي جرحها لعله يهدأ من. الالم

استطاعت في النهاية المشي ولكنها كانت تعرج بشدة أثناء رجوعها للمنزل

في الوقت الحالي

كفكفت دموعها التي علقت بين رموشها الكثيفة التي تغطيها المسكارة والكحل الذي يزين وجهها ..اصطنعت وجه السعادة الذي كانت ترتديه دائما حينما تكون مع أي أحد حتي عائلتها لا أحد يري الوجه الحقيقي وراء تلك الابتسامة المزيفة ..الوجه الذي يخرج ليلا وهي تضع سماعات الاذن وصوت الموسيقي الصاخب ترفع منه لعله يزيح تلك الأفكار التي تؤدي بها الي هلاك كل طاقتها وتقع حائرة بأول بزوغ الفجر علي سريرها.....

يتبع.....

زمردة قلبه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن