زمردة

72 3 0
                                    

كانت ليلة عاصفة للغاية، الثلوج بكل مكان تقريبا، حتي الهوا يشعرك لوهلة انك غريب بداخل منزلك، هذه ليالي الشتاء في تركيا، خرج محمود من النادي بعد ان انتهي من تدريبه كالعادة،

لكن كان هذا التدريب اليوم مجرد وسيلة الهاء بالنسبة اليه حتي ينسي جميع المشاجرات التي اصبحت تحدث غالبا بسبب محمود وعدم رضائه علي صداقة نور ب أدهم

أدهم غالب اوغلو، مهندس معماري كان صديق لنور منذ ان كانت تدرس بالصفوف الاولي من جامعة الهندسه ولكنها لم تكمل بسبب زواجها من ياسين، لذلك خرجت من الجامعه قبل ان تكمل حتي فصلا واحدا بها، لكن أدهم قد وقع لها منذ النظرة الاولي وكان يريد مصارحتها بذلك، لكنها فجاة اختفت عن الانظار ولم يعد يراها او حتي وجد اي وسيلة تواصل معها، كل ما كان يتذكره، هي ملامحها الغامضة التي تحمل الكثيرة من الاسرار التي تدفعك لاكتشافه، وظل أدهم متعلقا بها وبذكرياتها منذ ذلك الحين الي ان ظهرت فجاة امامه من العدم، كان هناك مقابلة صحفية معه من الجريدة التي تعمل بها نور ولحسن حظها انها كانت الصحفية التي تكتب قصة نجاحه، الغريب في الامر ان نور كانت واقعة له وبشدة ولكنها فضلت كبت مشاعرها اتجاهه لانها تعلم ان عقاب اخراج المرض يؤدي لألام الكثير، وكان بالنسبة لنور الحب كالمرض ياتي بدون وقت ويستحيل ان يشفي منه الانسان، لذلك فضلت الصمت، ولكن تحركت مشاعرها مرة اخري حينما التقيت به، ووقعت له اكثر حينما اخبرها بسر نجاحه ووصوله الي ما هو عليه من انجازات "تقول الحكمة: ان وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، ولكن كان وراء نجاحي جملة واحدة من إمرأة عظيمة، اياك والتخلي عن حلمك مهما وجدت عقابات في تحقيقه، سيكون هناك أمل في النجاح حتي وان كان بمثابة قشة"

وكان هذه العبارة الجمت نور واعادت شعلة قلبها تقيد من جديد، لان الجملة التي قالها ادهم هي نفس الجمله التي اخبرته بها نور قبل ان تختفي من انظاره يوما واحد

كان محمود يتمشي اثناء رجوعه للمنزل رأي منزل يحترق في أول الحي الذي يسكن به ليهرول نحو المنزل بقلق وهو يصرخ، لم يكن يعرف ماذا يفعل؟ لقد تصلب بمكانه تماما، المنظر مروع للغاية، لأول مره يراه ويوضع به،، أفاق من تصلبه، واخرج هاتفه واتصل بالطوارئ، اخذ ينادي علي اي أحد ولكنه لا يوجد استجابة

هرول الي الداخل بعد تفكير عميق منه، نادي مرة اخري ولا يوجد استجابة، بحث في جميع المنزل ليجد جثة رجل علي الأرض غارقاً في دمائه وفضل الا يلمسه حتي لا يترك بصماته عليه، ركض الي اعلي المنزل لانه قد سمع صوت بكاء طفل في العلية والنار تأكل كل شيء في المنزل «هل من احدا هنا؟؟) ظل ينادي الي ان سمع الصوت من اسفل الفراش ليهرول اسفله ويري فتاة بعمر الثامنة ترتجف وهي تبكي وتضم قدميها بيد واليد الاخري بها دميتها التي تشبه الأرنب،

مد محمود يديه نحوها وهو يقول (تعالي يا صغيرة لنخرج من هنا) نفت الصغيرة عدة مرات وهي ترتجف لتقول بهسترية(انت سيئ وسوف تقتلني مثل الرجل الذي قتل بابا) نظر محمود بصدمة ليقول (انا لن امسكِ بسوء، انا هنا لانقاذكي من هذا الرجل) نظر اليها يطمئنها وتمد الصغيرة يديها ليحملها بعدها محمود باحضانها يريد ادخالها في اضلاعه حتي لا تمسها اي شرارة من النار التي ملئت الغرفة

ركض محمود بالخارج وهو يحملها ووجد الشرطة وصلت والمطافي والاسعاف أيضا، انزل الطفلة في عربة الاسعاف ولكنها أبت ان تترك عنقه الذي تتمسك به، نظر محمود لعينيها التي كانت تتلالئ من الدموع، سبح في عينيها التي تشبه الزمرد الذي وقعت عليه اشعة الشمس الدافئة لتعطيه سحراً خاص به تسحبك ببطئ لتكتشفه وتخضع دون إرادة منك، تشعر لوهلة انك مسلوب الإرادة، بدون ان يرفع عينيه عنها اخبر الطبيب

(يمكنك فحصها هكذا) قال الطبيب بضيق
(لا يمكنني الفحص هكذا سيدي، ارجوك تفهم الوضع)

ابتسم محمود اليها وهو يمسح علي خدها الممتلئ بحنان ليسألها (ما اسمك ايتها الزمردة اللطيفة؟) قالت الصغيرة بصوتها الحنون
(بيلا) زادت ابتسامته ليردف(انظري بيلا هذا الرجل يريد فحصك حتي نطمئن علي سلامتك، تمام صغيرتي!)

نظرت بيلا بقلق لتقول بخوف (انت لن تتركني مثل ابي صحيح؟؟) أومأ بلطف، لترفع بيلا اصبعها الصغير نحوه وهي تقول (قم بوعدي اولآ؟) شابك اصبعه الكبير مع خاصتها ليقول (اعدك ايتها الزمردة اللطيفة)

بعد مرور عامين

طرق محمود باب الغرفة المجاورة لياتيه الرد بعد قليل (تفضل)

كانت بيلا نائمة علي بطنها وهي تقرأ كتابا قد اشتراه لها محمود في عيد الميلاد السابق، ليحمحم قليلا، التفت بيلا التي ازداد حجمها قليلا وبرزت مفاتنها مع طول شعرها، اما عينيها الزمردية التي اوقعت محمود منذ النظرة الاولي

جلس محمود علي مقعد مكتبها ليقول (كنت أريد التحدث معك ايزابيلا.) أومات بيلا بلطف لتجلس مقابله علي سريرها وهي تضع الكتاب جانبا

(هل اعجبكِ الكتاب؟). نظرت اليه بيلا بشك وتفحص لتقول بسخرية
(فلتدخل بصلب الموضوع الذي جئت من أجله محمود بلا مقدمات) ، ابتسم اليها علي ذكائها الشرس ليقول
(لقد قبلت في جامعه الهندسة وسوف ارحل قريبا لدراسة بأسطنبول)

تبدلت ملامح بيلا من الابتسام الي البرود لتقول له وهي تعيد نظرها بداخل الكتاب
(اتمني لك النجاح في دراستك)

لم يحاول محمود فتح اي حوار آخر معها، ببساطة لا يريد تعليقها بأمل لا أساس له، هي مازالت صغيرة للغاية، لقد أخذها محمود بعد عناء طويل من جمعية حماية الأطفال، واخذت نور الوصاية الكاملة عليها الي حين بلوغها الثامنة عشر، لقد تعلق بها منذ ان رأها، ولكنه لا يريد ابداء اي مشاعر لها، هي مازالت صغيرة علي كل هذا،

خرج محمود وتركها في جمودها وتصنعها لوجه البرود، لانه يعلم إذا تحدث الآن سوف تنقض بيلا عليه وتقوم بتمزيق وجهه الوسيم حتي لا يصلح ان تتغزل به فتاة اخري، بعد ان خرج سمع صوت طرق باب المنزل لتقول نور

(افتح الباب حبيبي)

ذهب محمود لفتح الباب ولكنه تفاجئ حينما رأي......................................... يتبع

علقوا بين الفقرات، لا تنسوا الدعم ❤❤❤💛💛💛💛😻

زمردة قلبه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن