12منتصف الليل

143 6 0
                                    

جالسة علي سريرها... او الاحق في الكلمة سريرها هي وزوجها ياسين....

كالعادة ياسين ينام وينعم في نومه حتي الصباح.. وهي تظل جالسة تتنهد بين الحين والاخر وتري كم كانت حياتها تعيسة للغاية وتشعر دائما بالوحدة.....

حين النظر قبل شهرين كانت النسبة ربما 100٪ وحيدة

اما الان فتشعر انها مستمرة في الشعور بالوحدة حتي بعد ان تزوجت ياسين وعاشت معه اكثر من شهرين الا انها لم تنتهي وحدتها ابدا ولكن انخفضت النسبة قليلا

ماذا كانت تفعل لتقتل تلك الوحده التي تستنزف طاقتها يوما بعد يوم

كان كل شيء يضغط علي انفاسها.... في البداية شكوي ياسين الدائمة من حجم جسدها الرفيع.... رغم انها سعيت كثيرا للحصول علي جسد متناسق ولكنه دائماً يشتكي ويريد منها ان يزيد وزنها........

رؤيتها لجميع اصدقائها الذين تزوجوا واصبحوا حوامل وهي الي ان مر شهرين علي زواجها ولم تشعر بأي أعراض للحمل وذلك يجعلها تفكر كثيرا كيف ستصبح حامل.... أو انها سيكون هناك مشكلة ما بها....

وياسين لا يطمئنها أبداً... بل انه يزيد من توترها بقوله "ان لم تحملي بأبني ساتزوج عليكي" 

هي لم تكن تحب ياسين ااحب المتكامل قبل الزواج ولكن الأمر وما فيه انها في كل يوم تري ياسين وتعيش معه وتنام احيانا بين احضانه تشعر بالأمان الذي فقدته لسنوات كثيرة وحينما يبعدها ياسين عن احضانه تشعر بالوحدة مجددا

الي ان اصبحت مريضة اهتمام... هل لانها لم تجد الحب طوال حياتها وكانت يتيمة الحب فاصبحت مريضة اهتمام ام انها اصبحت تعشق ياسين لدرجة انها تريده دائما معها ولا تفارقه

اسئلة كثيرة تدور في رأسها الذي علي وشك الانفجار من كثرة التفكير الصامت الذي تفكر به

تريد البكاء.... ولكن حين ستبكي سيسأل ياسين ما الامر..... وهي حقا لا تعلم اجابة معينة او صريحة لما هي فيه... او انها فقط هرمونات تشعر بها وتنام وتستيقظ في اليوم التالي وتنسي كل الذي كانت تفكر به في الليل الصامت.


بعد عشرة سنوات

(ان لم تاتي يا محمود وتردي ملابسك لن تري الهاتف مجددا اقسم لك)

تزمر ذلك الصغير ذو العشرة اعوام الذي يحمل شعر نور البني وعيوان خاله احمد البندقية ولون بشرته الذي ورثه عن والده وغمازاته الذي ورثها عن جده وطول خاله الفارع الذي لايبدو انه في العاشرة...(لا اريد مامي، الجو حار للغاية،، ارجوووكي) 

وضعت نور يديها علي جبهتها وهي تهمس بداخلها (من يري كيف كنت اتوق شوقا لرؤيته لن يري ما يفعله بي عقله الاصبع هذا) 

(مامي انا لست عقلة اصبع واعلم انكي تحدثين نفسك وتقولين عني اني عقلة اصبع ولكن حينما ابلغ العشرون ساكون اطول منكي بالكثير لدرجة ان اصدقائك سيقولون عني انني والدكي) 

جحظت عين نور من كلامه الذي يسبق سنه لتقول بصدمة ( هل انت في العاشرة ام العشرون يا ولد؟؟؟!)  .... عم الصمت لتقول نور بعد ذلك ( ان لم ترتدي ملابسك لن تري حور لمدة اسبوعين) 

ركض محمود الي نور و اخذ ملابسه وبدء يرتديها وهو يقول (حسنا انا ارتديهم ولكن لنذهب الي خالتي شيري، لطفاً مامي) 

ابتسمت نور بداخلها وهي تقول (سافكر في ذلك) 

رن هاتف نور وهي ترتدي ملابسها لتذهب الي الجريدة ليضئ برقم مجهول. اخذت الهاتف وفتحت المكبر وهي تستمر في ارتداء ملابسها (نعم نور تتحدث!) 
(انه انا ياسين)  نفخت نور بضيق من انفها واكملت (نعم ياسين ماذا تريد؟!) 

(كنت اريد رؤية محمود،  متي انتي متفرغة؟؟!)

نظرت نور الي ساعتها وكانت ستأخر علي عملها لتقول (يمكنك رؤيته في السابعة مساءً اليوم)
(حسنا بلغي سلامي للجميع، الي اللقاء)

اغلقت نور الهاتف و قامت برميه علي الفراش وهي تقول (منذ متي ترسل سلامك لعائلتي، لقد كان ينشف كبدي اثناء زواجنا لتراسال اهلي) 

في تلك اللحظة دخل محمود ليقول لها (مع من تتحدثين مامي؟)،
(كنت اتحدث مع مديري بالعمل، هل انهيت افطارك حبيبي؟) 
(نعم مامي)
(قم باحضار حقيبتك وارتدي حذائك لنذهب)

مشي محمود طواعية وانهي ترتيب ملابسه وغادر الاثنان المنزل

ركبت نور سيارتها بعد ان وضعت محمود بالمقعد الخلفي واكدت علي حزام امانه

بعد نصف ساعة من القيادة وصلت الي الجريدة وقابلت في المصعد زميلتها في العمل" نغم "، القت نغم التحية ونزلت لمستوي محمود وهي تصافحه ( كيف الحال يا صديقي)  ابتسم محمود بوجهها وقال(بخير انسة نغم، كيف حال ابنتك كاميليا؟)  ابتسمت نغم بمكر لتخبره (هي بخير للغاية، لماذا تسأل يا حمودي؟) نظر لها الي اعلي وقال (هذا من واجبي ان اطمئن عليكي وعلي ابنتك لانك صديقة والدتي)  ضحكت نغم لتقف علي قدمها امام نور وهي تهمس لها (هذا طفلك ليس بالعاشرة أبداً)
(لا تسألي، لقد كنت احدث نفسي بهذا الشئ منذ الصباح تقريباً) 

وصلت نور الي مكتبها في الجريدة وفي يديها ذلك الصغير الشقي الذي اجلسته علي المقعد امامها وهي تحذره (اقسم لك محمود ان افتعلت المشاكل اثناء غيابي لن تري حور ابدا)  اومأ الصغير بطواعية وهو يكتف يديه امام صدره لتنظر له نور بشك وهي تقول بداخله (هدوء ما قبل عاصفة المشاكل مثل امه المجنونة) 

اخذت ما بيديها من تقارير واعطته للمدير الذي لم ينظر لها وخرجت دون اجابة منه ويبدو انه كان مشغولا في عملا ما ككل مرة...

دخلت مكتبها مرة اخري لتري محمود مازال جالسا بهدوء علي الاريكة ويقرأ احدي الكتب التي كانت بمكتب نور ولدهشتها انه وجدته يقرا عن حقوق وواجبات الإنسان اتجاه وطنه قالت نور بدهشة (عن ماذا تقرا صغيري؟)  صمت الصغير لوهلة ثم ثني الصفحة التي كان يقرأها واغلق الكتاب ليقول ( كتاب وجدته مثيرا للفضول)  ابتسمت ابتسامة صغيرة لتقول (فضوليا مثل والدك ولكنه لم يكن فضوليآ للكتابة بل لمعرفة احوال البشر من حوله)  نظر لها وهو برفع حاجبيه ويقول (تقصدين انه حشري) 

زمردة قلبه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن