الفصل الواحد والعشرون

17 1 0
                                    

حكى زين لياسين كل اللي حصل من يوم ما شاف نغم، لحد يوم ما شافوه في فلسطين وهو عامل نفسه داني، وبعدها رَوح، ولأول مرة من يوم جوازه من نغم هينام كل واحد فيهم على سرير لوحده، وكمان في مكانين غير بعض خالص، حكم الأقوي بقى.

وطلع ياسين أوضته لثائر.

ثائر كان نايم على سريره بهدوء وراحة كبيرة، وأول ما شاف ياسين واقف ساند على الباب بميله، ومربع إيديه قدام صدره أتنفض من مكانه، وقام وقف بسرعة، مسكين.. أصله شاف عفريت، أو.. ممكن نقول.. وحش مفترس، وكان بيتحرك عشان يخرج برا الأوضة.

- اااا.. لعبتي بتنده لي، أنا..

مسكه ياسين قبل ما يعدي من جنبه، وقطع كلامه، ومحاولته للهرب، مسك إيده وأبتسم.

- رايح فين يا عبيط ؟!، ما في الأخر هتنام معايا في نفس الأوضة برده، ولا هتستنى لما أنام عشان تدخل تنام أنت كمان ؟!
- ما أنت إيدك تقيله يا ياسو.

ضحك ياسين على طريقة تذمر ثائر الطفولية وقال..

- أوه.. سيادة رائد الجيش فجأة أتحول لطفل عنده خمس سنين.... يا ترى لو حد من الجنود بتوعك شافوك بالمنظر ده هيعملوا ايه ؟!.. هاه !!
- آه أنت لسه عيل رخم.. بطل رخامة عليا بقى، ده حتى أنا الصغير.
- الصغير !!.. مكنوش ١٠ دقايق دول اللي أنت عاملني بيهم الكبير.
- الحقيقة هتفضل الحقيقة، وبعدين أنت الوحيد اللي بقدر أتصرف معاه كدة، أكيد مش هعمل كدة مع أي حد تاني، ولا حتى مع لعبتي؛ عشان أنا أخوها الكبير، والمفروض هي اللي تتدلع عليا وتتصرف معايا بطفولة مش أنا.

ياسين عمل نفسه مكشر، وربع إيده، ورفع حاجبه، وبص لثائر بنظرة غضب مصطنعة.

- وعشان كدة بتتعامل معايا على إنك طفل وبتتدلع كمان، وواخد الـ ١٠ دقايق حجتك، أنت راجل على فكرة، مش بنوته صغيرة يا نُغة.

كشر ثائر بطريقة طفولية لطيفة، وربع هو كمان إيديه وقال..

- وايه يعني ؟!، محدش قال إن مش من حق الرجالة تتصرف بطفولة وتتدلع، ايه مش بشر هما كمان !!، وبعدين مش كفاية الـ ٧ سنين اللي فاتوا اللي كنت عامل فيها كبير طول الوقت، ومكنش عندي أي متنفس فيهم.

شده ياسين لحُضنه، حَضنه جامد، وأتنهد تنهيدة طويلة أوي، تنهيدة مليانة وجع ٧ سنين فاتوا في غربة، بعيد عن حضن أخوه، توءمه، وأميرته الصغيرة، وأخوه الكبير، وأمه، وأبوه، الاتنين، مهاب.. وصبري..

وثائر كمان حضنه جامد أوي، هو لحد اللحظة دي مش مصدق إن أخيرًا أخوه رجع، وإنه دلوقتي في حضنه، وغصب عنه دمع، ورجع فعلًا طفل صغير، قد ايه كان مشتاق لحضن أخوه !!، وقد ايه فعلًا كان محتاج لوجود ياسين جنبه طول السنين اللي فاتت، ازاي عدت عليه من الأساس ؟!، وازاي قضاها من غيره ؟!، والألم اللي اتحمله طول السنين دي، من أول ما اتقال له إن أخوه مات، والجثمان، والدفن، ولما دخل الأوضة ولأول مرة ميلاقيش أخوه فيها، ومحاولته لإنه يمارس حياته بشكل طبيعي بعد كدة، لحد رسالة نغم، ورجوعها سليمة ومعاها ياسين.

رحلة الأخذ بالثأرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن