الفصل الرابع

2.6K 61 1
                                    

فتح عمر عينيه ليتفاجئ بنفسه مُحتضنًا ملاك التي تنام على صدره وتحوّطه بيدها، إتسعت عيناه من الدهشة وهو يراها بين أحضانه.. سيطر على ذهوله ليُساوره شعورا جميلا لم يُساوره من قبل أبدا، و تمنّى لو يدوم هذا الشعور إلى الأبد، ظلّ للحظات ينعم بذلك الشعور
و سرعان ما تذكر أنه متفقا معها، تذكر أنها ستختفي من حياته بعد مدّة و تذكر أنه عثر عليها في نادٍ ليلي، وتذكر أيضا كيف كانت تأخذ المال من ذلك النادل فتبرّمت ملامح وجهه ونهر نفسه: فوق بقى يا عمر! هو انت لحقت تنسى كل ده؟

حوّل بصره نحوها فَلَانَت ملامحه غصبا عنه و موجة حنين عبرت جسدته فإرتعش إثرها، كانت نائمة كالملاك وشعرها الحريري مسترسلا عليه و يغطي نصف وجهها الصّبوح
لم يشأ أن ينهض فيُوقظها ويضعها في موضع محرج، فقد أغمض عيناه ليُمثّل أنه لازال نائما

بعد فترة قصيرة تململت في نومها و فتحت عينيها العسلية لتتفاجئ بنفسها نائمة في حضنه، ظنّت أنها تحلم فرمشت عدّة مرات و عندما استوعبت إنتفضت مبتعدة عنه وهي تضع يدها على شفتيها بدهشة وتنظر إليه بروعة، توجهت إلى الحمام و قبل أن تفتح الباب إلتفتت إليه، وشيئا ما شدّها نحوه فعادت إلى السرير، كان نائما بشكل جميل يضع يده اليمنى خلف عنقه و الأخرى كانت ملفوفة حولها وشعره مبعثر إلى الأمام بشكل فاتن، إقتربت منه و أخذت تُحدّق في وجهه الأسمر الآسر بشغف، تأملت أهدابه الطويلة و أنفه المنحوت والمستقيم و ذقنه التي نمت قليلا و شفاهه المزمومة ثم حاجبه القاتم الذي ينتهي بندبة صغيرة و التي هي أثر لضربة قديمة
مررت أناملها على شعره المسترسل إلى الأمام ثم على تلك الندبة وهمست : يا ترى سببها ايه؟

ثم وعت على نفسها فإرتبكت و أسرعت إلى الحمام كي لا يستيقظ و يراها.. عندما إختفت من الغرفة فتح عينيه وابتسم وهو يهتف: مجنونة!

ثم نهض و وقف أمام المرآة ونظر إلى الندبة و مرر اصبعه عليها وقال باستغراب وهو يبتسم : غريبة! محدش لاحظها قبل كده أو سألني عليها !

بعد فترة قصيرة خرجت من الحمام وهي ترتدي فستان وردي فاتح متوسط الطول ذو ياقة مفتوحة وبدون أكمام، غض بصره عنها كي لا يراوده ذلك الشعور مرة أخرى ودخل مكانها، فذهبت لتعد الفطور ريثما يخرج..

بعد مدة خرج من الحمام وجهز نفسه للذهاب إلى العمل ثم ذهب إلى المطبخ، ابتسمت له بلطف وألقت عليه تحية الصباح فإستغرب جدًا.. لقد جرحها بالكلام ليلة أمس، والآن تبتسم له بصفاء و نست كل ما حدث! إكتشف فيها أحد الصفات وهي النقاء وبياض القلب الذي يجعلها تنسى بسهولة ولا تحمل الضّغينة والحقد، بعد ذلك اجتمعا على طاولة الإفطار التي أعجبت عمر كثيرا بترتيبها و أكلها، حيث وضعت الحليب والعصير و الجبن والزيتون و البيض و حضّرت الخبز بيدها و كانت رائحته تفوح في أرجاء الشقة، ثم دهنت بعضه بالمربى والبعض الآخر بالزبدة، و رتبت الكؤوس والشوك والمناديل إثنين إثنين، نظر إلى المائدة بمزيج من الحب و الحنين ثم أغمض عينيه قليلا ليعيش تلك اللحظة .. إبتسامتها اللطيفة، الفطور المجهّز بإهتمام، الهدوء، رائحة الخبز الشهية والتي إستغرب كيف صنعته .. لطالما كان في بيته كالغريب، فتح عينيه و جلس و أخذ كل منهم يتناول فطوره في صمت، إلى أن تحدث عمر: هنزل الشركة دلوقتي و هرجع ع الغدا ان شاء الله عشان نروح للبيت و أعرفك على عيلتي يعني النهاردة هنفجرها

بنظرة أخرى (مـكـتملـة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن