دخلت للمنزل في المساء محاولة ان تتصرف بشكل عادي لا تريد ان تجعل الثغرة بينها وبين والدها تكبر بسبب دخيلة!
لذا وبشكل ما هي تخطت الامر.. مرت على الصالة حيث كان حسن وغيداء يجلسان القت التحية كعادتها...
_ مساء الخير..
ردا عليها: مساء النور..
هزت رأسها ثم صعدت لغرفتها.. هي اساسا لا تتحدث معهما كثيرا.. لذا هذا الأمر طبيعي..
غيداء: ارأيت لقد تجاوزت الأمر خارجا واتت.. لا تشغل بالك..
هز رأسه ثم إرتشف قهوته وهو يفكر في حل لهذا البرود الذي يطغى على إبنته ناحيته!أما آولين فقد ذهبت مباشرة لغرفة والدتها... فتحتها بهدوء كأنها تخشى ان تزعج الأثاث..
إتجهت لطاولة الزينة رشت بعض العطر الذي لم تسمح لأحد بأن يعبث بهم او يغير اماكنهم منذ وفاة والدتها.. هي فقط من تحرص على تنظيف وتنظيم هذا المكان.. الغالي!
جلست امام المرآة وقالت: أمي.. هل تعلمين انني اليوم انقذت روحا؟.. لقد كان طفلا يريد التخلص من حياته لأن امه توفيت!
إبتسمت بسخرية قائلة: تماما مثلي... لقد أردت فعلها مرة لكنك أتيت في حلمي ونهيتني عن ذلك.. كأن الله جعلك قدوة لي حتى بعد موتك اصبحت تأتيني في احلامي لتوجهيني!
تنحنحت وهي تعبث بخصلات شعرها ثم نهضت وتمددت في السرير قائلة: لقد كسر قلبي ذلك الطفل.. إنه وحيد.. اكثر مني حتى والده صارم في تعامله معه... بالتأكيد سيفكر في التخلص من روحه.. اشفق عليه وعلى كل امثاله.. واشفق على نفسي اكثر شيء!
عانقت الوسادة وقالت: مازالت غرفتك تمنحني السكينة ذاتها!... نفس السكينة التي كنتِ تمنحيني إياها عندما احزن وأبوح لك بحزني.. نفس السكينة التي كنت احظى بها لأنك موجودة تحت نفس السماء!
إبتسمت بحزن وقالت: لكن ماذا سنفعل؟... إنه قدرنا.. ان نُحدث بعضنا دون أن نلتقي!
اغضمت عينيها فاسحة المجال لعقلها وروحها ان يرتاحا قليلا بعد كل تلك الفوضى التي حدثت منذ الامس...!•••
فتح باب السيارة ثم حمل إبنه ودخل لقصره الضخم.. ادخله لغرفته وضعه في سريره فقد كان قد نام...
كان وسيم يتمتم بخفوت ببعض الكلمات المتفرقة التي إستطاع هو تمييزها..
_ أمي!.. سأقفز في البحر... أنا آتي!
اغمض عينيه بأسى على صغيره وعلى نفسه.. لم يكن يريد ان يحصل كل هذا... أن ينجب طفلا ويحدث كل هذا معه تمنى ان تبقى عائلته تحت نفس السقف وليس بهذا التشتت!.. بهذا الحزن والبؤس!
همس: لدرجة الإنتحار يا وسيم!.. لا.. لن يحدث هذا يا بني.!
خرج من الغرفة ثم نبه على المربية ان تهتم له ريثما غير ملابسه..
وبمجرد مروره امام الصالة سمع صوت والدته التي كانت تجلس هناك: اهكذا يا شاهين؟... لا تخبرني حتى بما يحدث معك؟.. كيف تخفي عني أن حفيدي كان على وشك الغرق اليوم!
نظر لها ببروده المعتاد منتظرا ان تنهي تأنيبها له كي يذهب..
لتقول: كيف تسمح بحدوث هذا؟... ماذا لو لم ينقذه احد ماذا لو غرق ولم ينتبه له الحارس!؟.. اتعلم لا ألوم الحارس ابدا هو ليس خبيرا بالعناية بالاطفال!.. الذنب ذنبك أيها الغبي.. انت والده ولم تخرجه يوما للتنزه الطفل يكاد ينسى انك والده عيب عليك!
تأفف قائلا: أمــي... كفى ارجوك أنا متعب لا اقوى على الوقوف ولست في مزاج للجدال!
ردت بحدة: أجادلك لأجلك ولأجل إبنك.. لا تتهرب من الأمر أنت تهمله كثيرا انت تضعه في هامش حياتك... تهلك نفسك بالعمل ليوم كامل ولا تمنحه نصف ساعة على الأقل... هل هذه ابوتك؟.. سحقا..
صـاح بغضب: أنا احب آبني أكثر من الجميع... لا يمكنك قول هذا عني يا امـــي... هو أول إهتماماتي.. لا مكان له في الهامش لذا توقفي عن إستفزازي..
هزت رأسها قائلة: يا لهذا. انا استفزك إذن؟.. إسمع حبك الذي تخفيه في اعماق قلبك لن ينفع احدًا ولا حتى سيراه احد لذا إن ملكت القليل فأخرجه دعنا نراه... دع إبنك يعيش طفولته معك على الأقل.. لقد حرمته من كل شيء بأفعالك...
شدد على قبضته ثم زفر وقال: ماذا سأفعل له؟.. مـــــاااذا؟.. هاه قـــــولي؟... لقد بقيت وحيـــدًا بدور الأم والأب!... أنا إنسان أيضا وتعبت حقا.. هناك احمال على ظهري انتم لا ترونها لذا لا تتحدثوا بأشياء لا تفهمونها..
ردت: أدرك هذا يا بني.. أدرك انه حتى انت مثله كلاكما منكوبان.. كلاكما مجروحان.. انت بقيت وحيدا لكنك لم تؤدي ولا دور!.. لا دور الأب ولا دور الأم.. إمنحه الحنان.. الا تفهم الأمر؟.. شاركه أيامه.. إهتماماته لو سألتك مجرد سؤال عن إبنك لن تعرف إجابته يا شاهين.. بالمقابل ستجد ان الحارس يعرفه افضل منك... يعرف متى يأكل ومتى يلعب... ماذا يحب وماذا يكره!.. وأنت!
بقي صامتًا داهشا.. منتبها أخيرا لما يحدث!
كلام امه صحيح ولو أنكر!..هو لا يعرف إبنه الأصح انه يعرف عنه إسمه فقط وأنه ينتمي له لا شيء آخر..المربية تعتني به..والحارس يلهو معه!..حتى أن وسيم يحب الحارس ربما اكثر منه...
إبنه يخاف منه...يخشى من هيبته لا يكاد يتحدث بشكل واضح امامه يخاف او يخجل الأمر ذاته!
إبنه لا يجد الراحة معه ببساطة لأنه أيضا لا يعرف شيئا عن والده!
ما ذنبه؟..هو أيضا فاقد فقد الأم والأب في مرة واحدة..
عند هذا الحد كاد رأسه ينفجر...إستدار مباشرة للصعود لغرفته كأنه يهرب..لا إنه فعلا يهرب..
صاحت والدته قائلة: إهرب..إبقى هاربا يا إبن بطني ستجد نفسك في النهاية بدون احد...
أنت تقرأ
عشق حاقدين_Hate butterfly
Romanceلم تكن قصتهما شيئا عاديا.. ✨💫 كانت أكبر بكثير من أن تصنف في دفتر العشق.. ❤ كانت قصة عاشقين أحدهما غارق في أحزان الماضى لا يستطيع أن يعيش حاضره .. والآخر لم يرى السعادة يوما.. 🥀 وكلتا الحالتان تتشابهان.. فتفرض الحياة عليهما الإجتماع تحت مسمى العشق...