الفصل الرابع: لقاء.. من نوعٍ آخر

6K 595 229
                                    

-انتظرني لحظةً لو سمحتَ.

 التفت للخلف نحو مخاطبته، والتي كانت تتحدث بنبرةٍ توحي بالغضب، توقف لحظةً لتتمكن هي من الوصول إليه، وتقولَ بين أنفاسها المتلاحقة: هل أنتَ مرتاحٌ هكذا؟ يعجبكَ أن أركضَ وراءكَ أليس كذلكَ؟

-ما الذي سيعجبني في هذا؟ على كلٍ ماذا تريدين؟

-وبكل برودٍ تسألني ماذا أريد، هل كنتُ وحدي في الداخل؟

زفر ببعض الملل قبل أن يقول: حياة أرجوكِ، عقلي لا يعملُ بشكلٍ جيدٍ في مثل هذا الوقتِ من اليوم، لذا قولي ما تريدين بوضوحٍ.

-أليسَ لدينا مشروعٌ بحثيٌّ يجبُ أن نتناقشَ فيه تقريبًا؟

-حسنًا ولكن فيما بعد، ما زال هناكَ وقتٌ طويلٌ.

-كما تريدُ، هل يناسبكَ غدًا بعد المحاضراتِ؟

-لا، الغد غير ممكنٍ، لن آتي إلى الجامعة. أجابها ببرودٍ وهو ينظر إلى هاتفه.

-طيب واليوم الذي بعده؟  عقدت ذراعيها أمامها بغضبٍ إزاء عدم اهتمامه الواضح بها.

-إدارة الجامعة قررت أن ترءفَ بنا قليلًا وترحمنا من المحاضرات في هذا اليوم، وأنتِ بكل بساطةٍ تريدين إحضاري إلى الجامعة؟

في أحلامكِ.

-زياد، ألا تلاحظُ أنكَ تسعى لتعقيد الموضوع؟ لمَ لا تحاول البحثَ عن حلٍ معي؟ ثم تابعت بانزعاجٍ - حتى هي لا تفهمُ سببه-: على فكرة لن تنفصل عنكَ إذا تركتها عدة دقائق وحاولتَ التركيز معي.

-من هي؟

-حبيبتكَ التي تتحدثٌ معها منذ الصباحِ.

ابتسامةٌ سخيفةٌ لاحت على محياه وهو يقول بخفوتٍ: هل هذا الموضوع مجددًا؟  تابع بهدوءٍ بينما جعل الهاتف على وضع –صامت- وأعاده إلى جيبه: ها قد تركته ارتاحي، المهم أنا أرى أن الأمر غير ممكنٍ هذا الأسبوع، لنتفق يوم الأحد القادم بعد نهاية المحاضرات.

-غير ممكنٍ، سنتأخرُ إذا انتظرنا كل هذا الوقت، ليس أمامنا سوى يوم العطلة، اتصل بمديرة أعمالكَ لنرى إذا كان يناسب جدول حضرتكَ.  تحدثت بابتسامةٍ ساخرةٍ.

ابتسم هو الآخر قبل أن يجيبها بثقةٍ: على فكرة هذا الاقتراح كان في عقلي منذ البداية ولكنني لم أقدمه من أجلكِ أنتِ.

-لم أفهمْ، ماذا تعني؟

-متأكدةٌ أن الأمر يناسبكِ؟ معي؟ خارج الجامعة؟ 

...هنا اتسعت عيناها قليلًا بينما حدقت به، لتسارع بعدها بخفض رأسها للأسفل في محاولةٍ فاشلةٍ منها لإخفاء هذا اللون الوردي الذي صبغ وجنتيها، أجابته بتلعثمٍ وبنبرةٍ خافتةٍ: لا أدرى.

-توقعتُ هذا. لم يستطع منع نفسه من الابتسام وهو يراقب حالتها ثم تابع بلطفٍ لم يقصده: على كلٍ إذا ناسبكِ الأمر أخبريني هيا أراكِ فيما بعد. استدار للأمام متابعًا طريقه لتوقفه هى ثانيةً: انتظر

حياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن