أغلقت الهاتف بعد أن شكرت صديقتها بامتنانٍ، من الجيدِ أنها تركت مفتاحَ السيارةِ معها.. لم تعُد مضطرةً للعودةِ إلى الجامعةِ مجددًا ب.. هذه الحالةِ المبعثرةِ إثر قطراتِ المطرِ التي بدأت تتساقطُ بخفةٍ قبل قليلٍ..
ها هو شعرها قد بدأ يعودُ إلى حالته الأولى، ابتسمت بخفوتٍ وهي تعودُ ببصرها نحو الأمواجِ من جديدٍ، دائمًا ما كانت تراه عشوائيًا غيرَ مرتبِ الشكلِ..
من كانَ يتوقعُ أن أحدهم تعجبه هذه الحالةُ المبعثرةُ؟
ينجحُ في جعلها تبتسمُ في كلِ لحظةٍ وبأقلِ مجهودٍ، ببضعِ كلماتٍ قليلةٍ.
-للأسفِ لم أجد سوى رجلٍ واحدٍ على إحدى النواصي يبيعُ الفشارَ، يبدو أن البقيةَ أغلقوا قبلَ أن يسوءَ الجو أكثرَ.. وصلَ إلى أذنيها صوته الهادئ بينما جلسَ بجوارها أمامَ البحرِ، مدَ يده يناولها علبةَ الفشارِ لتأخذها هي منه بابتسامةٍ، ثم بدأت تأكلُ منها بشرودٍ.
-ألن تسألني ماذا حدثَ؟-إذا أردتِ أن تقولي ستفعلينَ هذا بنفسكِ..
ابتسمت من جديدٍ قبلَ أن تتابعَ: هل تعلمُ؟ أنا حقًا أحتارُ في معرفةِ إن كنتَ قد تغيرتَ عن بدايةِ معرفتنا أم أنكَ ما زلتَ زياد المنطوي محبَ العُزلةِ.-لا أشعرُ أنني تغيرتُ، أو لأكونَ صريحًا لا أشعرُ أنني أحتاجُ أن أتغيرَ في الأصلِ.
-ثقتكَ هذهِ، ولكن على فكرة أنتَ تغيرتَ.. كثيرًا. قالت هذا بنظراتٍ ذاتِ مغزى، توزعها بينه وبينَ سترتهِ التي تحيطُ بكتفيها، تابعت بعبثٍ: على أساسِ أنها كانت حركةً سخيفةً.
سكت لحظةً ينظرُ إليها بشرودٍ، أو لنقل بعدمِ فهمٍ لسببِ ما فعله في الأصلِ، لم يفكرلحظةً قبل أن يعطيها سترته عندما بدأ هطولُ المطرِ.
-أنا، أعني لكي لا تشعري للبردِ، لم أكن أقصدُ شيئًا.. قال بتوترٍ خفيفٍ بينما حادَ ببصرهِ عنها.لتعودَ هي للابتسامِ بينما تابعت: ما بكَ؟ أنا لم أكنْ ألَمِحُ لأي شيءٍ، أحاولُ القولَ أنه على الإنسانِ ألا يُصدرَ أحكامًا مسبقةُ على موقفٍ ما؛ لأنه لا يدري ماذا سيفعلُ إذا وجدَ نفسهُ في نفسِ الحالِ.
هل أكلتَ شيئًا؟كيفَ قامت بتغييرِ الموضوعِ بهذه السرعةِ؟ لم تتركْ له حتى فرصةً للتفكيرِ في كلامها، تنهدَ بينما وجه بصرهُ نحوَ البحرِ ثم أجابها: هل ستستمرينَ في توجيهِ هذا السؤالِ لي فترةً طويلةً؟
-غالبًا. أومأت ببساطةٍ، صحيح! ستحضرُ حفلَ إتحادِ الطلبةِ أليسَ كذلكَ؟
-تعلمينَ أن علاقتي بإتحادِ الطلبةِ ليست جيدةً إلى هذا الحدِ. ابتسمَ بلا مبالاةِ بينما التقطَ حجرًا صغيرًا وألقاه في الماءِ، لا هذا الحجرُ كانَ منَ المفترضِ أن يلقيه في منتصفِ رأسها تمامًا.
-زياد لا تكن مملًا هيا، حتمًا سنتسلى هناكَ.. افعل شيئًا لأجلي ولو لمرةٍ واحدةٍ.
-مرةٍ واحدة؟ رفع حاجبيه بدهشةٍ؛ في نظره فهو فعلَ الكثيرَ من أجلها، بل وتنازلَ عن الكثيرِ من مبادئهِ و قناعاتهِ، يبدو أن كلَ هذا عديمُ الفائدةِ.
أنت تقرأ
حياة
Romantizmأتذكرون تلكَ اللعبةَ التي اعتاد الكبار تسليتنا بها في صغرنا؟ عدةُ أحرف متداخلةٍ يشكلُ اختلاف ترتيبها كلماتٍ عديدةٍ.. مملةٌ كانت للبعضِ، أما ل "حياة".. فقد كانت بدايةً لشغفٍ بالكلماتِ لن يتلاشى أبدًا.. "لا تعطني وردةً، أعطنيِ حبرًا وورقًا.. لأطلقَ ل...