المشهد السادس والعشرين

73 0 0
                                    

المشهد

( 26 )



دوام الحال من المحال

وِفقَ أحكامِ الزّمانِ

عندما وضعٌ يدورُ

ليس منْ حالٍ يدومُ

لا غنيٌّ لا فقيرُ

.
.
.


المـــــواجهة الخـــــامسة عشــــــرة





لطالما ظن أن الإنحناء أمام المشاكل و المحن هو أمر لابد منه كي تستمر الحياة في هدوء و دون منغصات

آمن بالمثل الشعبي المناقض لشخصه تماماً أن يبعد عن الشر و يغني له كي يهنأ بحياته و يبني مستقبله في وطن جديد و أُناس جدد هم كذالك لا يؤمنون بالوقوف وجهاً لوجه امام العواصف !

ولكنه هنا ينحني من أجلها

من أجل حمايتها التي اصبحت حِملاً على عاتقه

منذ قابلها وهي تضعه في كل مرة في اختبارات حقيقية ومواجهات امام نفسه و معتقداته و حريته و حياته

لم يرقد الليالي قلقاً و ترقباً لما من الممكن ان يحصل لو قضى معها الباقي من حياته بعد أن يدمر النصف الآخر بيديه !!

يعلم أنه كدبلوماسي قد عاد للبلاد فقط من اجل اسرته و يرحل من جديد

ولكنه توقف أمام فراغ منزله متخيلاً إياه مليئاً بها !!



هي التحدي

إنها وداد !!!



بينما كان يقف امام اخاها المحتقن الوجنتين بدموع شفقة على حالهم مستنفراً من طلب الزواج المباغت و الغير مرغوب فيه فهذا الرجل هو سبب المشاكل التي تمر بها عائلته جمعاء الآن !

وداد ووليد و امه و زوجة وليد و اطفاله !!

ولكنه قد استفاق مجدداً على الصوت الهادئ الواثق من طلبه الذي شعر انه سيغير مجرى حياته كلية ليبقيه حبيس الوطن من جديد وتنهيدة تصدر من صدره وهو يُلقي بنظرات قلق الى غرفتها : زوجني منها !!






فيما تابع بصوت يريد منه أن يكون مقنعاً تماماً للرجل الذي يظن أنه قد تحرّش بشقيقته : لمصلحة وداد و مصلحتكم ان اتزوجها – مصمماً و عازم النية وهو ينفخ صدره ليطلق ما تبقّى به من هواء ينفثه في وجه شقيقها الجامد الملامح : زوجني منها الآن !!



أحمد من شعر أن الأرض تدور من تحته ويكاد ان ينزلق الى عمق سحييييييق ليجذبه بقوة مجدداً تياراً رامياً به الى سابع سماء ، وجهه قد اسوّد من الفاجعة و الافكار تتقاذفه و العَرق الذي تصبب من جبينه يفضح فاجعته و ارتباكه : اذا وداد قد فقدت شرفها !!

لذالك يطلب الزواج منها اليوم و الآن !!

اهذه هي النهاية ؟!!

فضيحة مجلجلة ؟!!

شقيقته عبث بها الرجال ؟!!

ولكنه لهنيهة قد رجع الى رشده فلا داعي من ان تكون فضيحة فلم يعلم أحد بالأمر بعد ولا امه حتى !!



ولكن الدفعة الفجائية المحملة بالحقد و الثورة التي ارتمى بها على صدر حازم ليترنحا معاً بسرعة فائقة و يرتطما بالجدار وكل ما فيه يريد الصراخ حتى يحطم كل تلك الاسوار من صراخه وفمه يرتعش بالبكاء ويداه لا زالتا ملتصقتان بقميص حازم المشدوه : أيها الحقيييير لقد دمرتنا و دمرت اختي وهو يحاول هزه بشدة

وفي محاولته السريعة لــــ لكم حازم في وجهه الذي تدارك الأمر قبل وقوع اللكمة على وجهه بإنشات وهو يمسك بيد احمد بقوة و عيناه تشتعلا انفعالاً و غضباً وهو يقذف بتلك اليد بعيداً عن وجهه : هل جننت ؟!!

وهو يقوم بدفع جسد احمد المنهار عنه ويقول في برود متدارك : لقد طلبت منك طلباً إمّا أن توافق عليه او ان ترفضه و بنظرة ماكرة مركزة في وجهه : الأمر يعود لك - قرر الآن !!

يعلم بأن شقيقها هذا يبدو مختلفاً و سهلاً وان استدعى الأمر لإبتزازه سيرضخ و يعطيه ما يطلبه دون مقابل ولكن وهو يضيّق ما بين حاجبيه متسائلا في نفسه : مالذي يفعله هو ؟!! لما لم يخبره الحقيقة ببساطة و صراحة دون لف و دوران ؟!!



يا الهي هذا الرجل يلوي ذراعه فإما ان يوافق و تنستر شقيقته بدون فضائح وإما أن يرفض فتظر الفضيحة مستقبلاً فأي خيارات هي كالسم الزعاف عليه ان يختارها - ولكنه قد رفع رأسه متحدياً : لست موافق وكما أن الأمر ليس بيدي بل بيد باقي العائلة ولن اخضع لنبرة التحدي في صوتك ، وهو يرفع ذقنه معلناً ايضاً التحدي فلولا وجودهما في مكان عام لتحول الحديث منذ زمن الى عراك إما قاتلاً او مقتولاً !!



: اذا عليك ان تعيش مع نتائج قرارك لبقية حياتك - سكين حااااااد يسقط على صدره قبل شقيقها – حتى تظهر الفضيحة قريباً !!

هو الآن يشعر بأنه احقر شخص وُلِد على سطح الأرض فها هو يؤكد ظنونهم التي من اجلها قد طعنوها و شككوا في برائتها و يستعملها ضدهم فأي جانب قد اظهرتي فيّ يا وداد تباً لكي ولليوم الذي التقيتك فيه !!



نظرات وجع و انهيار لشقيقها الذي خضع أخيراً !!

.

.

.

.



الكثير من البشر يعتقدون ان ارواح الآخرين هي بين اياديهم يعبثون بها كما يرغبون ، يطيحون بها او يدمرونها او يرفعونها عالياً الى السماء ونسوا أن هؤلاء الناس سيتحولون الى وحوش يوماً قد يكونون هم وليمتهم على طاولة فطور !!



وهي لم تكن استثناءاً لهؤلاء فلطالما خضعت و ماشت و تغاضت و هربت ولم يجدي اي منهم نفعه معها فلا حل لها إلاّ أن تتحول الى ذات الوحش الذي أمله زوجها أن تكون عليه !!

جالسة في غرفتها لا تلوي على شيء واضعة رجلها اليمين على كرسي امامها مفرقة بين اصابعها كي تقوم بطلائهم بلونها الأحمر القاني المحبب اليها وهي تجمع شعرها في كومة فوضوية يخرج منها الشعر اكثر مما تجمعه وهي تركز النظر الى اصابع قدميها وهي تمرر الطلاء فوق آخر اصابعها فتستقيم في جلستها ملقية نظرة رضى اخيرة على عملها









الآن هو ليس هنا مخلفاً اياها حبيسة غرفتها النصف محطمة فأشلاء الاثاث في كل مكان دلالة انه قد صبّ جام غضبه عليها هنا ، ما لبثت ان افترت عن ثغرها الجميل ابتسامة رضى لغضبه !!

تقف مقررة الخروج من الغرفة المغلقة بحزم وهي تتجه الى دولاب ملابسها ومن بين مجوهراتها الكثيرة تنبش في ذالك الصندوق الفضي كي تُخرِج مجموعة كبيرة من المفاتيح مبتسمة لها في سرور : ايظن انها غبية كي يسجنها كل تلك السنين يوم بعد اخر وعراك بعد عراك ولا تجد الحل ؟!! اذا هو غبي !!

تتجه الى الباب و مباشرة تتجه الى العليّة التي تقبع مباشرة فوق غرفتها وفي وقت سابق منذ حضورها تسمع اصوات خطوات ثقيلة و خفيفة و اصوات جري في المكان في البداية شعرت بالرعب و رعشة قد تملكت جسدها : أيكون البيت بعد ان تركوه مغلقا لفترة طويلة اصبح مسكونا ؟!! وهي تنفض رأسها و تبسمل لالا ، لا يمكن !! ولكنها ستكتشف الأمر لاحقاً !!

وها هو لاحقاً قد أتى في غياب الزوج الغاضب الفاقد للنطق و الإحساس قدماها على آخر درجة من السلم المرمري الفاخر تمسك بالمفتاح بين اصابعها التي اخذت بالإهتزاز وهي تبتلع ريقها و تأخذ نفسا طويلا تسمع صوت انفتاح الباب وتدخل !!

الساعة الآن قد جاوزت حدود الثامنة و النصف مساءاً و الهدوء يعم المكان في هذه الشقة الصغيرة المكونة من حجرة و دورة مياه فقط

شكّت لثوانٍ إن ما سمعته لم يكن إلاّ محض خيال و لكن حين ولجت الغرفة رأت هناك ما راعها !!

طفل صغير يفترش الارض و على مسافة منه تنام الخادمة السمراء !!

حملتها قدماها ببطء مميت لتقف على رأس الصغير الغارق في النوم و غطاؤه قد دفعه بعيداً عن جسده

مع هبوط جسدها لتراه كان قلبها ايضاً يهبط الى ساقيها جاعلاً اياها ثقيلة كالمكبلة تمعن النظر و تطيله غير مصدقة وهي تضع يد مرتعدة من الخوف الحقيقي على فمها الذي تدلى مصعوقا وهي تتمتم : يا الهي !!

وما ان استفاقت من صدمتها حتى رأت الظل الأسود يغطي فتحة الباب في هدوء مريب !!

.

.

.

.



.

.



كل شيء يبدأ صغيراً ليكبر شيئاً فشيئاً إلاّ الأحزان فإنها قد خُلقت كبيرة و تنتهي صغيرة !

البيت أصبح فارغاً إلاّ من اهله بعد ان أدّى الجيران واجب العزاء و التكفل بمصاريفه

والنسوة اللاتي بكين لبرهة حزانا على المغدور و المفقود و ما لبثن الا ان انجرفن وراء القصص و الحكايات و من ثم الضحك و الراحة !!

هي هكذا لربما خُلقت هكذا !! نضحك لننسى !!

مريم ترقد على حِجر الحاجة عائشة التي يشتعل قلبها ناراً لم تنطفئ منذ ساعات فالأخوين اختفيا ولا خبر يريح فؤادها المعتصر حزناً وهي تربّت على شعر مريم تارة و تارة اخرى تظفر لها بعض الخُصل لم يسألوا مريم بعد ايضاً ماذا وكيف حصل ما حصل لها فهي تبدو منهكة ولم تنم منذ شهور !!

وهدى الأخرى التي وخزها قلبها فأخذت الاولاد كي يناموا قبل ان يأتي والدهم متعباً طالباً للراحة بين ذراعيها الحنونتين !



تخرج من الغرفة وهي ترتب ملابسها لتجلس بجانب عمتها قلقة عبوسة تلتفت كل حين الى عمتها التي تبادلها ايضا النظرات الوجلة فما يحدث غريب فالأخوة لم يظهروا حتى الساعة !!

مريم من اخذت في التقلب و التقلقل بين يدي العمة و فتحت عينيها ناظرة حولها في ذهول اين هي ؟!!

الى ان استوعبت سريعاً إنها قد عادت الى الحي ثانية وهي الآن بين ايدٍ امينة لن تحاول العبث بها او معها تسأل في همس نعس : كم الساعة الآن ؟!!

تنظر هدى بسرعة في ساعة معصمها قائلة بهدوء : الثامنة و النصف !!

لتسأل السؤال الذي يخافونه : ألم ترجع وداد بعد ؟!!

الى ان نطقت باسمها حتى انهارت السيدة عائشة بالبكاء وهي تضغط على صدرها محمومة : آآآآآآآآآآآآه يا ابنتي اين انتي !!

لم تستطع الكتمان ما حوّل وجه مريم الى الخوف الرافض لشيء لا تعلمه فغياب وداد مريب ولم يُرحها منذ ان رجعت ، وهي تنظر الى هدى مفتوحة العينين : اين هي وداد قولي لي اين هي ؟!! ماذا حصل لها ؟!! لما لا تجيبون وهي تبدأ بهز كتفي هدى باطراد مبالغ : ارجوكي اجيبيني اين هي صديقتي ؟!!

لتجيب هدى في وجهها بذات الهدوء : لا نعلم اين هي !!





تسقط يديها الى جانبيها مضيقة عينيها لاوية شفتيها : ماذا ؟!! لتهز رأسها بشدة : لا أفهم !!

ولكن من قاطعهم و قاطع السؤال الذي يجول في صدره الضيق فهو كذالك لا يفهم ، يقف مرتبكاً على عتبة الباب منكساً الرأس رافعاً يديه الإثنتين مستنداً بهما على حافتي الباب وهو يشهق ببكاء مر وهو يقول صادماً من ينظرون اليه في ذهول : لقد زوّجت وداد!!!

وكأن في تلك اللحظة قد ترمين ابرة فتسمعينها ، يكسر الصمت صوت الشهيق المر و ارجلها التي تقافزت لتقف امام ابنها وهي تستوعب ما قاله : زوّجت وداد ؟!! ممن ؟ كيف ؟ لما ؟!! تهجم عليه صارخة بعد ان عيي قلبها : ماذا فعلتم بشقيقتكم ؟!! قل لي ماذا فعلتم !!

لم يستطع السيطرة على نفسه وهو يرفع رأسه الذي مرّغته وداد في الأرض وهو كذالك يصرخ مغبوتاً : نعم لقد زوجتها بعد ان فضحتنا ابنتك قد غدرت بنا و فضحتنا ووليد في السجن بسببها الان انظري ماذا فعلت مدللتك!!

صفعة قاتلة تبعتها اخرى و ثالثة و رابعة مستسلماً لها خاضعاً فهو يريد الان من يركله و يقتله لا أن يصفعه - ووجهها يحتقن بالغضب و الاشمئزاز : ابنتي بريئة مما تقول بريييييييييييئة اتفهم

بريئة من افترائك وهي تنهار ارضاً و صدرها مطبقاً بالعجز و الهم !!

- ابنتك البريئة مرمية في المستشفى بين الحياة و الموت بعد أن طعنها وليد

شهقات و بكاء و صراخ مريم التي لم تصدق ما يقول وهي تصرخ في وجهه كاااااااااذب كااااااااااااااااااذب ايها النذل كيف تقول اشياء كتلك عن ودااااااااااااااااد خذني لها خذنييييييييييييييييي تنهار على ركبتيها بالنواح و العويل ليتعالى صوتها المبحوح فيغلق الباب كي لا يسمع الجيران فيحضرون و تكبر الفضيحة !

أمّا هدى من كانت لا زالت جالسة لم تقوى على النهوض منذ ان رأت وجهه وهي تشد بجانب فستانها بيدها وهي تبكي غير مصدقة بدموع تنهمر ساكنة على وجنتيها : اذا وليد لن يعود ؟!! ووداد ايضا ؟!!



يسمعون صوت احمد : لن آخذ أحد الى المستشفى لأنني لا اريد رؤيتها لما تبقى من حياتي فأنا براااااء منها !!

شهقات اخرى و تبعتها شهقات عاجزة فأين المفر من الاحزان ؟!!



قبل ساعة و نصف الساعة




بعد ان اتصل على شقيقه الاكبر عبد القادر طالباً اياه الحضور الى المشفى بصحبة شاهدين الطلب الذي اثار استغراب عبدالقادر الرجل الوقور ليترجل من سيارته و بعد دقائق لحقه اثنين من اصحابه الى الداخل كي يجتمع الجميع امام حجرة وداد الغارقة في النوم و اخاها الذي احضر شاهداً باتصاله بالمسجد و المأذون فيتواجه الجميع امامه حاملين بطاقاتهم و بطاقة وداد واوراقها و ليتم الاتفاق على المهر و شروط الزواج كاملة دون نقصان ويتم العقد !!

بعد ان غادر الجميع وباركوا الزواج الغريب من نوعه دون تدقيق الا من الاخ الاكبر الذي لم يستطع ان يعارض فيختلي بشقيقه فيما بعد وقد بدا اصغر حجماً من اخاه وهو ينظر اليه بريبة : حازم اظن انك تعلم تماماً ما فعلته وما عواقب فعلتك ، فالزواج من فتاة كــــ وداد مقاطعاً باقي جملته – ليس لي اعتراض عليها بالذات – ولكن وداد ليست من بيئتك ووضعك جداً حساس و عملك ولا ننسى الأهم – زوجتك و اولادك !!!

اتمنى ان لا تندم لاحقاً اتمنى !!

يتركه في منتصف الممر ناظراً الى خيال شقيقه الذي بدا الابتعاد فيما اخذ يتمتم : اعلم لما فعلت !!

.

.

.

.

لم تشعر يوماً بالإنهيار و الخوف كما تشعر بهما الآن تتمنى ان تركض و ترمي بنفسها من اعلى نافذة كي لا تسمع ما سيفجر غضبها ولا مبالاتها و كتمان اهاتها و تصنعها البرود و الابتسام

تريد ان تنكمش على نفسها في زاوية و تنسج حولها خيوطاّ لتحميها من غدره و سفالته و انتقامه فهو بالتأكيد قد علم

قد علم بعلاقتها معه ، مع خالد !!!

وقبل ان يرمي بها و يقلّب جسدها بين يديه ركلاً و ضرباً و صفعاً عليها ان تعترف بخيانتها

كان يدور حولها كالنمر الذي سينقض عليها ليفتت جسدها دون رحمة وهي واقفة منهزمة مذعورة بدت صغيييييييييييرة و ضعييييييييييييفة في تلك اللحظة بعد ان ظنت انه سيركع امامها فقط بعد ساعات ولكن امنياتها طارت مع الرياح فلا مفر من المواجهة التي ستقرر بالفعل مصير هذا الزواج الفاشل بكل المقاييس !!




تنفرج عن شفتيه كلمات مبطنة مقررة : أتعرفينه ؟!!

ترفع رأسها لتجيب في خوف : من تقصد ؟!!

هممممم ضحكات صغيرة مستفزة ، نعم فهي تستفزه بنكرانها ان استطاعت : الصغير من غيره ؟!! بنظرة شمولية متهمة من اعلى رأسها الى اخمص قدميها !!

ولكنها لم تفهم الفخ لتنكر بالفعل : لا لا لا اعرفه !!

في هذه اللحظة طارت عالياً لتسقط على جنبها بقوة على السرير ليقفز فوقها بدوره في غضب تفجر من مقلتيه و يديه تطبقان على رقبتها خانقاً اياها : ايتها الماكرة الحاقدة الناكرة للجميل تخونيني مع ذالك الصعلوك ايتها الغبية ، لا تعلمين انني اراقب تحركاتك و اعلم كذالك ما تفكرين به ، ظننتي انني ذالك الرجل الذي سيخضع لسحرك مرة بعد مرة بعد مرة و هو يزيد من ضغطه عليها وهي مفتوحة العينين و دموعها بدت بالانهمار وهي تهز رأسها بقوة محاولة الافلات من قبضته فهو سيقتلها حتماً وهي انفاسها بدأت تضيق و تضيق و سعلات متتالية تخرج من فمها المعصور محاولة التقلب من تحته ولم تستطع لثقله عليها فقد اطبق عليها كلية وهو يكمل : حولتني الى رجل عديم الرجولة فض منافق قاتل غادر و ظالم لا يحب احد سواك انتي السبب في كل ما يحصل لي لقد دمرتني بالكامل

انا من كنت اتمنى ان اجلب كنوز الارض لأضعها بين قدميك فرفستني بلا رحمة والان – وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما – ستمنحينني ذالك الطفل الذي ارغب و تعيشين ما تبقى من حياتك ذليلة خاضعة و سأتزوج عليك واحدة و اثنتان و ستكوني لهن خااااااادمة ايتها ال*****

و بكل الغضب في جوفه و ارتعاشة جسدها و محاولاتها الصراخ و البكاء و التقلب بدأ يخلع ملابسها و يرمي بها بعيداً وهو يقول : ستضلين حبيسة معي في هذه الغرفة حتى احصل على الصبي الذي اريد !!

ينتقم منها وهي خاضعة بين يديه يفرغ تلك الشهوات المجنونة و ذالك الحقد و الغضب وهي تصرخ به محاولة مد يديها الى وجهه لخربشته بما تقوى : لن تحصل .... على طفل مني .... لأنني عااااااااااااااااااااااقر عااااااااااااااااااااااقر ايها المجنون

مجنووووووووووووووون اتركنييييييييييييييييي

كلماتها قد صمّت اذنيه ليتوقف عن انتقامه لاهثاً محتقناً اسود الوجه مذهولاً وهو ينطق بغلظة : ماذا ؟!! اعيدي ما قلتي !!!

وهي تضع يديها على وجهها وتشهق عالياً بالبكاء و المذلة و الحسرة : ليس لدي رحم ، وجسدها يهتز بقوة بين يديه : قد خسرته في عملية اجهاض !!

فاهه مفتوحاً ووجهه لا يُفسّر وهو ينهار الى جانبها وهو يضع رأسه بين يديه بعينين مذهولتين و عينين مليئتين بدموع الخيبة و الهزيمة هامساً بوجع شق صدره : ماذا فعلتي ؟!! لا اصدق ، منذ متى ؟!! وكيف و اين ؟!!







كان هادئا وكأن لحظة نهايته هي تلك الكلمات التي ستعترف بها وهو يريد ان يعرف الحقيقة كاملة لتبدأ هي في رواية قصتها !!



وكانت القطرات تسقط شيئا فشيئاً حتى تحوّلت سيلاً فجّر وادياً سحييييقا بينهما لينهار ما تبقّى من تلك العلاقة الهشة !!

.

.

.

.



.

.

.



لابد من دليل فهي لا تؤمن بما قيل عن غاليتها و ابنة قلبها حتى وان اضطرت الى الذهاب مشياً الى المستشفى ، تلبس جلبابها و غطاء رأسها و بصحبتها الصديقة و الشقيقة التي تبتلع غصاتها واحدة بعد الأخرى بعينين واسعتين حمراوين وبأهداب مبللة و هي ترتدي جلباب هدى الواسع و الطويل عليها ولكن لا يهم منذ متى وهي تتأنق !!

للحظات غرقت في مشكلة وداد و نسيت مشاكلها الكبيرة فهي بلا منزل يأويها او رجل يحميها و مفلسة لا تملك اي اثبات للهوية بعد ان احترق المنزل وحمود اكبر همومها كلما يشطح تفكيرها فيما يمر به حمود تنهار و تنتحب .



ولكن اللحظة وداد حياتها على كف عفريت وهي تجر الخطوات مع والدتها التي تركت هدى و الاطفال و احمد الرافض تماما العودة الى المستشفى او عودة وداد الى البيت وهو يدفن نفسه في وسادته يبكي كالأطفال فكل شيء من حوله انهار بسرعة البرق بل اسرع !!



الوقت متأخر على الزيارة ولكن عليها ان تستجدي حراس المستشفى كي يسمحوا لها بالدخول وهي تغطي فمها المهتز و دموعها الغزيرة بطرف غطائها : ارجوك دعني ادخل فابنتي في حالة حرجة ولابد ان اراها ارجووووك !!

حارس المستشفى الذي احزنه حال هذه المرأة على ابنتها ليجعلها تدخل : ارجوك لا تطيلي البقاء ، تفضلي يمكنك المرور



دخلتا بسرعة فائقة تجريان لاهثتان تبحثان عن طفلة و حبيبة وصلتا الغرفة المنشودة لتجدا احد ما ينام جوارها على سرير اخر !!

تصرخ في وجهه كالمجنونة : يا الهي من انت وماذا تفعل هنا نائماً مع ابنتي ؟!! تكاد تجن وهي توزع النظرات بين ابنتها التي لازالت منذ الصباح تحت تأثير المخدر لا تدري شيئا عما يدور حولها و مصيرها الذي تبدل بين ليلة و ضحاها وبأي طريقة كان هذا التغيير !!

مريم من كانت فقط ترى صديقتها موصوله بالأجهزة تتقدم ناحيتها بصوت بكاء صريح وعال يصم الآذان وهي تهز رأسها يميناً و يساراً غير مصدقة لما يحدث معها وهي تنكب على يديها تقبلها و تشد عليها بقوة بقوة تستمدها من وداد : لالالالالا ياوداد انهضي يا صديقتي انهضي ارجوووووك وداااااااد آآآآآآآآآآه ياوداد تهبط على وجهها تقبله و تمسح عليه و عينيها تقطران دمعهما على وجهها وهي تتلمسه لكم اشتاقك يا وداد عليكِ ان تستفيقي لأروي لكِ ما حدث لي و بخالد و حمود ودااااااااد ، محطمة الفؤاد و محطمة الحياة : لاشيء لا شيء اصبح مهماً يا وداد خسرت كل احبائي ، قبضوا على قلبي و دفنوه حياً يا وداد

وجهان كانا ينظران احدهما الدموع تملؤه و تنهمر على خديها وكأن تلك الدموع لن تنتهي حتى تقوم وداد

والاخر كان يضع يديه في جيبي بنطاله بعد ان قام من رقدته فهو زوجها ويحق له المبيت معها في ذات السرير وليس فقط في ذات الغرفة شعر بالحزن على تلك الفتاة التي ولأول مرة يراها لابد وانها احدى صديقات وداد !



تستمد تلك المرأة العجوز الشجاعة من ذاتها لتسأل ثانية سؤالا لم يتم الاجابة عنه : ماذا تفعل هنا مع ابنتي ؟!!

ليأتها الجواب بسيطاً - ممعناً النظر الى وجهها لا يريد ان يخذلها او يشوه صورة ابنتها في عينيها كما فعل مع شقيقيها : انا حازم زوجها !

تهز الام رأسها في تفهّم وهي تسأل متأكدة من اجابته ولكن ليطمئن قلبها : لم تفعل بإبنتي شيئا !!

كان تقريراً وليس سؤالاً ، واقعاً لا كذباً و افتراءاً

اغلق عينيه لبرهة ليتنفس بعمق وهو يردد : اقسم انها بريئة و طاهرة ولم المسها بسوء !

ولمفاجأته سقطت الام على ركبتيها ساجدة لله في بكاء اضنى من حولها ومريم تسقط جانبها مربتة على ظهرها فهما ابدا لن تفقدا الثقة في وداد !

تنهض لتمسح دموع فرحتها لتسأله ثانية : اذا ماذا حدث اخبرني ارجوك !

مد يده ليربت على كتفها وهو يشعر بسووووووء شديييييييييييد جراء كذبته و معاناة اهلها من اجلها يعصر عينيه بأصابع يديه ليقول : وداد رأت صديقتها المخطوفة هنا في المستشفى و حاولنا اللحاق بها ولكن الشرطة قد امسكت بنا و ادخلونا السجن لساعات حتى استطعت اقناع احدهم بإطلاق سراحنا من اجل وداد و صحتها ، عندما رجعنا هنا وجدنا وليد في وجهنا وقد طعنها ظنا منه انها كانت خارجة معي !!

لم يرد ان يروي الكثير مما حصل حقاً فلتكن هينة عليها و ابسط لفهمها !

بينما كان يتحدث ادركت الان لما حصل ما حصل وهي تدير رأسها بسرعة في المكان نعم انها غرفة مشابهة تماماً لغرفتها وهي تتحرك سريعاً خارجاً لتفتح الباب المجاور بقوة و تشغل الإضاءة لتنحني بيدها على ركبتيها غير مصدقة وهي تتنفس بقوة و صدرها يعلو و يهبط بسرعة شديدة و الآخران قد لحقا بها : نعم هذه غرفتي لقد كنت هنا ، هناااااااا بجانب وداد انا السبب لما حصل لوداد انا السبب يا الهييييييييييييييييي تقضم شفتيها بقوة و هي تنهار بالبكاء فهذا ذنبها ذنبها وحدها !

حازم لم يصدق عينيه و ام وداد من ايقنت ببراءة ابنتها و عذريتها وهي تحتضن مريم بقوة بين ذراعيها لتبكيا معا امام انظاره



لم يحتمل الموقف بأكمله فماذا يحدث مع هؤلاء الناس ؟!! وهو يتقدم ناحية وداد بعينين حمراوين و يشد عليها بقوة وهو يتمتم : سامحيني ، سامحيني يا غاليتي !!

.

.

.

.



الان الساعة تجاوزت الحادية عشر و النصف مساءاً

مشعث الشعر بوجه يملؤه الحقد و الغموض و الانتقام و القرف !

يشد على عصاته بقوة وكأنها رأس فؤاد الذي سيكون حتماً بين قبضتيه كي يعتصرهما عصراً حتى يشفي غليله

فما فعله فؤاد به لا يُطاق ولا يُحتمل !

أوصلت به النذالة و الخسة ان يعتدي على اهل مريم من أجل ان ينتقم منه ؟!!

اكان يراقبه طوال الوقت ليجد طريقة اخرى اقوى و اقسى من كل طرقه السابقة كي يمعن في غرس ذاك السيف في قلبه !

مريم كانت ضحية انتقام لا علاقة لها به ولا بأهلها

أخذ يطرق بقوة وكأنه يريد خرم قاع السيارة وهو يتنفس من بين اسنانه و ملامحه كلها تنبؤ بالشر القادم لا محالة

سيتحمل كل شيء واي شيء فيما عدا ان يقتل فؤاد قلبه من جديد

سيقتل فؤاد قبل ان ينهي عليه هذه المرة و يقسم انه سيذوق الويل اضعافا !

إلاّ مريم يا فؤاد ، إلاّ مريم !!!

يتجهان مباشرة الى فيلا فؤاد من كان جالساً في غرفة مكتبه يدخن سيجاره الكوبي و يشعر بأنه سيلف حبلاً طويلاً حول عنقه و يشنق نفسه و يرتاح

معترفاً اخيراً أنّ كل ما حصل بزواجه و انهياره هو بسببه

انهيار ياسمين و جنونها هو بسببه

كل ما حصل ليوسف هو بسببه

ما حصل لمريم و عائلتها ايضا بسببه

كم من الموت و الخراب جرّه الى ديار البشر انتقاماً و عبثاً ؟!!

الدخان يملأ الغرفة و يغطيها بسحابة مميتة تكاد ان تمطر عليه وباءاً

وتمر الدقائق ثقيلة ككتلة رصاص حتى يصل يوسف و سعد الى الفيلا طالبا الحارس ان يدخلا لمقابلة المالك !!



حضوره الغريب المفاجيء المتأخر فهما منذ زمن بعييييييد لم يلتقيا ولم يتواجها حتى من أجل الياسمين كل ما بينهما كان حرباً باردة والآن ستتحول الى حرب ساخنة بها قاتل و مقتول !



يسمع دقات العصا على ارضية منزله تنبأ بظهوره شيئاً فشيئاً

جالساً مترقباً و يداه تهتزان وهو يحاول اشعال سيجارة اخرى فهو لم يعد واثقاً من نفسه بعد كل تلك الخيبات و الهزائم !





ينفث الدخان ليرى من خلاله خيال الرجل الضخم المستنفر الجسد لم يتبين ملامحه جيدا من خلال فتحتي عينيه الشبه مغلقتين بارتياب ناطقا بعفوية : مرحباً !

مليئة بالاستغراب و الترقب

فيما يوسف قد سحب كرسياً ليجلس عليه بهدوء هو الآخر مديراً وجهه في كل مكان قبل ان يستقر على الوجه الذميم متفرساً متقدما بوجهه بحاجبين مرفوعين وبصوت اجش لا يحتمل المراوغة : سؤال واحد تجبني عليه و ينتهي الامر بيننا .... ببطئ شديد ... بخيييييير ، أين ..... هي ..... مريم ؟!!

الاخر من تحرك من مكانه قليلاً وهو لا يفهم بالضبط ماهية السؤال وهو يضع كلتا يديه على الطاولة امامه متسائلا بغيض : ومن .... هي ... مريم ؟!!

لقد نسيها بهذه السرعة قد نسي الفاة التي طلب منها يوما الزواج ، نسي الفتاة التي قضى شهورا في تعذيبها ، نسي الفتاة التي قتل اخاها و صغيره يقطن منزله !!

وفجأة ينهض من مكانه ليمسك بكامل قوته بتلابيبه ليقرب وجهه منه فيكادا ان يتلامس انفيهما و الجو حولهما متكهرباً مشحوناً و هو يكاد يبصق في وجهه من الغيظ والاخر قد استنفر كامل جسده ليمسك هو الاخر بكلتا يدي يوسف القابضتين على عنقه يحاول تحريرها منه : اقسم ان لم تنطق اين هي مريم و عائلتها سأقتلك الان ايها الخبيث

يصرخ في وجهه و كامل جسده يريد الانقضاض على فؤاد و يفتته و يقطعه اربا كي لا يبقي فيه شيئا وهو يزيد الخناق على الوجه الذي اصبح بعينين متشققتين حمراوين فهو لم يتوقع هذا الهجوم المباغت : هياااااااا انطق قل لي اين هي و اين عائلتها ؟!!



سعلات متتالية مخنوقة تصدر من الصدر الاجوف وهو يفهم الان عن اي مريم يتحدث ولكن ما شأنه هو بمريم و من اين يعرفها اسئلة دارت في باله قبل ان ينطق : اتركني ايها البائس وهو يدفع يدي يوسف المتشبثتين بعنقه حتى ينطق وهو يحاول الحركة في كرسيه حتى ينهض

ولكن لم تعد لديه اي طاقة بعدما قالته ياسمين في العراك فقوته قد خارت : دعنيييييييييي لا أفهم ما تريد

يحرره نافضاً يديه بقوة ولازال مقترباً بعينينه الخضراوين المشتعلتين ناراً ستحرق الاخضر قبل اليابس و فؤاد و منزله : هيا قل .!!

تلك الفتاة ... مريم ... ماذا تعني لك بالضبط لما تسأل عنها هل تعرفها ؟!!

لااااااا علاقة لك لما اسأل عنها فقط قل لي اين هي !!





استشف من جوابه انه يعرفها جيدا والا ما كان اتى منتصف الليل الي منزله باحثا عنها لذالك قرر ان يلعب لعبته الخبيثة ليتلاعب بعقل يوسف الغضبان اصلاً : اهه ، امممم ، لا ادري اين هي !!

لا تدري ؟!! استقام في وقفته وهو يضع يدا على خاصرته في صبر وهو مطأطا الرأس و يقول : فؤاد ، انظر ، لا تعبث معي فلا طاقة لديك معي هنا و اقسم انني سأترك جثتك متعفنة ايها النتن !

قهقهات عالية تصدر عن صدر فؤاد ليقول من بينها : يا الهي انها تهمك انت تعرفها ، ولكن في اللحظة التي توقف فيها عن الضحك ادرك انه سيموت مقتاً و غيرة فمن اين يعرفها يوسف وما شأنه بها : الفتاة قد حررتها منذ فترة طويلة ، قالها بكل راحة وهو يحرك عينيه بعفوية ، لا اعرف اين هي الان !!

- حررتَ مريم – بينما يلوي شفتيه – حسنا – منذ متى ، وماذا فعلت بها !! ولما اخذتهم من منزلهم ؟!! بينما كان يضع كلتا يديه على عصاه واقفاً متعرقاً و حرارة عالية تخرج من جسده من شدة الانفعال و الرغبة في معرفة النهاية قبل ان يفوت الآوان

- لما اخذتهم ، هذا ... لا شأن لك به !!! ، اما ماذا فعلت بها وهو من جديد يصدر قهقهات من بين اسنانه المشتتة فقط لكي يقهره و يؤذيه ، فقد فعلت بها الكثير وهو يضرب على صدره بعد ان شق قميصه ليظهر عاريا امام انظار يوسف المشمئزة : مريم كانت تنام ها هنا ، انظر جيدا ، ها ..... هنا ،

لااااااااااااااااا لاااااااااااااا ايها البائس ايها الحقير وبسرعة جنونية يرفع عصاه ليكزه بها وكزات متتالية قوية قاتلة على صدره فيتراجع الاخر بقوة بكرسيه الى الجدار وهو ينظر مصدوما الى صدره وهو لا يكاد يتنفس ليسقط شيئا فشيئا على الارض وهو يحاول التنفس و كأن ذالك الحبل الذي تمناه ان يلف عنقه قد لفه بالفعل و يوسف يستدير حول الطاولة ليرفعه عالياً ليسدد لكمات غاااااضبة متفجرة الى ذالك الوجه البغيض بينما الاخر كان يتحرك كالدمية يتلقى الضربات و الصفعات دون ادنى محاولة للدفاع عن نفسه يتركه يوسف ويلقي به ثانية على الارض باصقا عليه ويستدير ثانية بسرعة متجاهلاً فيها الم ساقه المتكهربة ليلتقط عصاه ويتقدم بخطوات سريعة ثابتة نحو الخارج ولكن تكة المسدس التي سمعها من خلفه لم يخطأها ليستدير ببطء فيجد الرجل الاخر يحمل مسدساً صغيراً بين يديه وهو يقف مترنحاً و يمسح الدماء عن جانب فمه وهو يحرك المسدس امام انظار يوسف الثابتة : هل ظننت انت انك ستخرج من هنا حياً ، من تظن نفسك ، ذالك الدنجوان الذي تحبه و ترغبه النساء ، لم افلح حقاً في قتلك في المرة الاولى ولكنني ارى انك لا زلت تعاني كنت ارغب في الحقيقة ان اراك مقعداً كلية وليس فقط ساق واحدة !!

- أنت من فعل ذالك ؟!! أنت من اطلق الرصاص علي ؟!! ضحكة قصيرة مصدقة : أتعلم لم اصدق يوماً أنه كان رصاصاً طائشاً كي يصبني من بين كل البشر في تلك الساعة والآن اتضحت الحقيقة !!

- وهل كنت تظن انني سأتركك حياً بعد أن ... أن ... حصلت على ياسمين قبلي !!

- انك حقاً مثير للشفقة و بائس !ولا انسى ان اضيف مريض !!

ليرفع الاخر مسدسه ثانية محرراً الزناد قائلاً : ولكن الآن سأقول الوداع يا يوسف

وقبل ان تنطلق الرصاصة يسمع صوت زناد اخر من خلف ظهر يوسف و صوت رادع قائلاً : وانا سأجعل جسدك كالغربال ان اطلقت رصاصتك ، كان العم سعد الذي يحمل بيده بندقية رشاش ضخمة وهو يصوبها ناح فؤاد الذي اصبح في دوامة في عقر منزله هو لايريد الموت ، لايريد ان يموت الان ، هو في الحقيقة يخاف من الموت و يخافه بشدة لن تنتهي حياته بهذه الطريقة – مقتولا !

يضع مسدسه في هدوء على طاولته رافعاً يديه قائلاً : حسناً على رسلك لم اكن حقاً اريد قتله !!!



يوسف كان متفرجاً مركز النظرات على جُبن لا مثيل له وهو يسأل : إذاً اين هو زوج مريم و طفلها ؟!!

سؤال غير معقول يبعث على الضحك وهو يقول : زوج ؟!! اي زوج ؟!! اممم تقصد شقيقها و طفله !!

يضرب يديه ببعضهما وهو يقول في جنون : شقيقها بح ، قد انتهى ، مات ، قتل ، دفن

اما الطفل فهو في العلية ان اردته ، اخرجه من بيتي خذه معك لا اريد احدا هنا هيا اخرجا الآن هياااااااااا

صرااااخ غاضب في وجه من كان مصدوماً لا يستوعب الامر تماماً لم يدخل رأسه بعد : شقيق مريم و طفله !! اذا .... اذا .... مريم كانت عذراء ؟!! قد قضى عليه و عليها فؤاد ؟!! آآآآآآآآآآآآآآآه يا الهي صرخ بصوت مخيف عال وهو يترك عصاه لتسقط ارضاً و يركض بكامل قواه الى فؤاد ليقفز من فوق الطاولة لينهال عليه ضرباً و ركلاً و صفعاً لم يُبقي منه شيئاً ليأخذ الكرسي و يحطمه فوق رأسه ينظر اخيراً الى المسدس الموضوع على الطاولة يرفعه و يضعه في رأسه مع صرخة سعد الناهرة : يوسسسسسسسسسسسف لا تلوث يداك بدمه يا يوسف

يريد ان يضغط الزناد و يحرر كل تلك الصرخات و الغضب فهذا الرجل يستحق الموت دوساً بالأقدام : يوسسسسسف لنبحث عن مريم و نأخذ الصغير علينا ان نجد مريم قبل ان تضيع لا تريد ان تدخل السجن و تتترك الصغيرة تائهة في الشوارع ... يوسف استمع الي وهو يقترب شيئاً فشيئاً من يوسف الواقف على رأس فؤاد المغلق العينين مستسلم الملامح وسعد ينزل يد يوسف و يسحب منه المسدس : هيا علينا ان نجد الفتاة هيا هيا وهو يشد عضده ليتزحزح ولكن يوسف ايضا يريد ان تبكي عيناه ابداً و دهراً فهو للتو قد فقد مريم العذراء !!



خرج الاثنان بسرعة من الحجرة يتسابقان الى الاعلى يطرقان الباب بقوة افزعت الخادمة و ياسمين ايضا من كانت في غرفتها تستمع الى كل تلك الاصوات و الصراخ ولكنها لم تفهم شيئاً وهي تعقد حاجبيها

بينما يوسف قد دفع الخادمة جانباً كي يدخل الحجرة و يجد الصغير نائماً يسقط على ركبتيه بجانبه يطيل النظر اليه أجل انه الصغير ، صغيرك يا مريم

حمله بين ذراعيه بهدوء ليحتضنه بشدة و يقبل وجنتيه يرفع رأسه لسعد : انه صغير مريم يا سعد !!

يحملا الصغير و يخرجا من المنزل بأكمله لتبدأ رحلة بحثه عن حبيبته ... مريم !

.

.

نهاية المشهد السادس و العشرون .

حارس العذراء  # Land of Angels / مكتملة /حيث تعيش القصص. اكتشف الآن