المشهد السابع والعشرين

82 2 0
                                    


المشهد

( 27 )



حارس العذراء .
في وجلٍ ترفعُ
عينيها بملْئِ الرِضَى ...
ترمقُني بنظرةِ
يلفَهَا نسيمُ الضُحَى ....؟
عن كَثبِ أُحدّقُ
إليهَا وهي خفيفةُ الخُطَى ....
تمشي باسْتحياءٍ ..أبداً ؟
أبداً..؟لا تتمطَى ....
ترتَجفُ أصابعَها حينَ
تحادثني وبكفها النَدى ....
فتحْمّرُ مقلتيها خجلاً
وخلفَ الكلماتِ تتوارىَ ...
لا أملكُ إلاّ أنْ
أحبها فقلبي لها مأوىَ ....
وسأبني عندَ ضفافِ
النهرِ عشَّ الورَى ....
سأمضي معها بقيةَ
الدهرِ فهي غايةُ المُنى ....
سُبحان ربي...عينيها
تقطرُ حنيناً وهوى ....
صبيةٌ ما..تسكبُ
بروعي رعشةُ أولى .....
كي تخلّد ذكرَاها
في أيامي فلا تنسَى .....
صبيةُ ..لمسةُ يداهَا لا تَبلَى ....

لعُمرِكَ...؟؟
إنها تشعرني بسُكرَةٍ
لا توجدُ لدى كلُ أنثَى .....
ترمي عني كلَ تعبٍ
اجْتاحَ نفسي فيمَا مضَى .....
وترشُني بعبقٍ له
عطرُ يُحيَّ الذكرَى....
سأبقى أُحبهَا أحرُسها
حتى يغيبّني الثَّرى .....
نعمْ صبيةُ عذراءَ استقرَت
على دربِ الهُدى .....
سأبقىَ أُحبُها أحترِمَها
إنْ شاءَ ربُ العُلى .....
فهي أروعُ وردةُ
وليس هناكَ زهرةُ أُخرَى .....
( خاطرة من أنامل : لزهر عمروش )



المـــــواجهة الســـــــادسة عشــــــــرة



تدور و تدور كما دوماً حول نفسها في حلقة مفرغة

مغمضة العينين ، مغضنة الجبين ، فاردة ذراعيها على سريرها وهي تنام على ظهرها

لم تخبر فؤاد كل الحكاية

بل ربعها فقط !!

لتنتقل بذكراها الى ذالك الزمن الجميل !!!

فيما مضى

.

.

في غياب زوجها الذي قارب الإسبوعين في مهمة رسمية خارج البلاد

من أجل الوطن - دائماً يغادر في مهمة اغتيال المعارضين الذي هربوا من البلاد تحت الضغط و الإرهاب و الملاحقة

هؤلاء هم الخونة الحقيقيون !!

من يريدون للوطن أن يكون في القمة لا أن تدوسه نعال القائد !



تشعر برغبة قوية و قاتلة في التقيؤ و صداع حاد يفتك برأسها

تجري بسرعة الى الحمام لتفرغ ما في جوفها فيه

شكّت في نفسها وهي تتلمّس بطنها بكلتا يديها و تنظر لها في فزع

فأبدا ولا لن يكون لفؤاد طفل منها ، وبسرعة يجب التخلص من هذا الطفل كما تخلصت من اشقائه قبله !!

فكما قتل فؤاد طفل احلامها مع يوسف – مع تلك النظرة الشريرة التي غطت مقلتاها وهي تضغط على اسنانها بشدة – هي الأخرى ستقتل أحلامه معها !!

خرجت لابسة عباءة سوداء عادية و مغطية وجهها بخمار لا يكشف سوى عن عيناها الخضراوين اللامعتين بكحلها الأسود من يراهما ويرى شخصها و طولها و جسدها الذي تضغط عليه العباءة ، سيفقد عقله و يلهث خلفها متمنياً لها

وهي تلك كل غايتها ، ان تشعر بالرضى مع رجال يقدرون جمالها – بشرط – أن يكونوا هم كذالك بمستوى جماله !!



في مستشفى عام لا تريد لأحد ان يتعرف عليها فيه وهي تحجز لها دوراً عند طبيبة النساء لتتفق معها على التخلص من الحمل كما فعلتا معاً سابقاً –فهي الطبيبة المتخصصة لياسمين بالذات في اجهاضها – بعد ان تمدها الياسمين بكل الأموال التي تحتاجها تلك الغريبة

لا إثبات للهوية ولا إجراء طبي فكل شيء يتم في الخفاء وسراً.



بينما كانت جالسة و جسدها يقابل قاعة الرجال المليئة بهم وهم ينتظرون زوجاتهن او اخواتهن وهي تحمل رقمها بين اصابع يديها الناصعة البياض الناعمة الرقيقة الملفتة للانظار بطلائها الوردي .

ترى ذالك الشاب الجميل الملامح بلحيته المرتبة الجميلة و بياضه و سواد عينيه

كان شاباً ملفتاً للنظر ليس لها فقط بل لكل النساء !

كان يتلفت قلقاً و اضطراباً وهو يدير البصر تارة و يضع يديه بين ساقيه و يطأطأ رأسه تارة اخرى

كانت تراقبه في اعجاب وهي تلوي شفتيها ممررة لسانها بينهما

هذا الرجل يُذكّرها بيوسف إلاّ إنَّ يوسف اضخم جثة و اكثر رجولة !

لم تزحزح البصر عنه

وهو كان يلتفت وكأنه احس بعينين تراقبانه إلى أن التقى بعينيها

تجمّد الوقت و طرق قلبه و هو ينحني للأمام بيديه مبتسماً لها ابتسامة غاوية كي تبادله عيناها الابتسامة !!

كانت غائبة فهي تود التعرف على هذا الرجل الذي اخذ بلبها كما يوسف تماماً

هل يمكن أن تحصل يوماً على رجل بجماله بعد ان تتخلص من الشر – فؤاد – ما ان خطر ببالها حتى زادت الرغبة عندها في التمرد وهو قد وقف من كرسيه وهو يصدر سعلة محرجة ليظهر لها جلياً طوله و رشاقة جسده و نظافة شخصه و ثيابه المرتبة ووسامته وهو يتقدم ناح الممر الفاصل بين القاعتين واقفاً محدقاً بها و قلبه يقرع كالطبول فهو لم يرى قبلاً امرأة ترتدي الخمار و العباءة و تبدو قاتلة الجاذبية كهذه المرأة !!

فقط ارادت منه اشارة كي تستجيب بطلب من عينيها المتلهفتين اطلق حمحمة من حنجرته وهو يشير لها برأسه – تعالي -!!

كان قد سرى بها كالمخدر فقد وقفت له كالمسحورة وهي تتقرب رويداً وهو يراقب في رغبة يأكلها بعينيه اللتين فحصتاها من رأسها الى قدميها مركزاً على عينيها و استدارة صدرها و عذوبة خصرها

توقفت امامه مبهتة النظرات زائغة وقلبها يقفز لحلقها من الاثارة وهي تبتلع ريقها وقبل ان يلاحظ احد ما يجري بين هذين الزوجين وضع الورقة المُعدّة سلفاً لرقم هاتفه كي يعطيها لطريدة ما ، ويدسها بين يديها النديتين ورائحة عطرها قد اسكرته حتى كاد ان يرفع الخمار عن وجهها و يلتهم شفتيها وهو يحاول السيطرة على نفسه ويهمس مطيحاً بها : اسمي خالد ، اتصلي بي متى استطعتي !!

ويداه تعبثان بأصابع يديها مثيراً اياها حتى شعرت ان رجليها قاربت على الانهيار وهي تلتقط انفاسها بقوة لاهثة مغمضة العينين ، وصوت عال يصرخ في القاعة النسائية : رقم .... تلتفت بسرعة مغادرة اياه في رهبة و رغبة متمنية ان تلتفت اليه مرة اخرى ترتمي بين احضانه و يخرجا ولن يهم شيء بعدها !!



وهو من كان ينتظر زوجته الحامل التي تمر بظروف عصيبة في الحمل بعد ان بلّغتهما الطبيبة النسائية ان قلبها ضعيف للولادة كما ان ضغط دمها و سكرها عاليان و جسدها لا يحتمل كل هذا الضغط و يجب عليها الولادة قيصرياً في الشهر السابع من الحمل حتى لا تكون حياتها و الجنين في خطر مميت وهي كانت بالداخل مع الطبيبة وهو خارجاً يثير امرأة اخرى !!



تقرر وقت عملية الاجهاض في العيادة الخاصة بالطبيبة دون اي مخاطر سوى بعض النزيف المحتمل لجنين في شهره الرابع !!

لتنام على ذالك السرير الابيض دون اي احساس بتأنيب الضمير مخدرة

طال نومها و لم تقم الا على سرير آخر في مكان آخر لتتسائل في وجل وهي تسمع لصوت فوضى المستشفى خارج غرفتها فأيقنت انها في مستشفى و ليس في العيادة وهي متعبة موجوعة تشعر بوخز مميت في بطنها وهي تحاول النهوض فلا تقدر

الى ان دخلت عليها الممرضة كي تفحصها بوجوم لا ابتسامة او نظرة غير نظرة سريعة القتها على الملف و هي تقيس الضغط و تضبط جهاز التغذية في مرفقها لتسمع ياسمين بصوت مريض : اين انا ؟!! ماذا حدث ؟!!

تنظر لها الممرضة بحاجب مرفوع لتقول : تعرضتِ لنزيف فاضطررنا لنقلك هنا !

وهي من جديد تهز رأسها في عدم فهم : نزيييف ؟!!

: أجل بعد ان قمتِ بعملية الاجهاض تعرضتِ لنزيف قوي لم تستطع الطبيبة وقفه فاضطرت للاتصال بنا وقد احضروك على اخر نفس تعرفين اسعافنا جداً بطيء وهي تصدر



ضحكة ضعيفة و تكمل : ولكن للأسف لإيقاف النزيف اضطروا لإجراء عملية نزع للرحم !!

تستمع للتفاصيل و النهاية وهي مصدومة ووجهها الابيض يشتعل بنار تلهب خديها و تصيبها بدوار وهي تضع كفيها على خديها مولولة وهي تضرب بقوة عليهما امام انظار الممرضة المستغربة : لالالا يا الهي يا الهي لالالالا بدت كالمجنونة وهي تعترض على ما قيل في ذهول منها !!

كادت ان تودي بحياتها و لكنها قد اودت بجزء مهم منها و جدّاً !!



بعد خروجها ضعيفة ناقصة الانوثة تقضي وقتها في النوم بين وسادتها و اغطيتها الحريرية وزوجها لازال في مهمات قتالية فتاكة ، و عيناها تسكبان انهاراً و حنجرة شاهقة بالخيبة و الندم وهي تضرب على الوسائد ، لتمضي اياماً سوداء لا يعيشها الا هي !!



اخيراً قد تشافت و فعلتها لن يعلمها احد غيرها ، فمن المريح من الآن و صاعداً ان تنام مع احدهم دون الخوف من الحمل الحرام !! او من الحمل الحلال !!

وفي غمرة ذالك تقف مسرعة لتمسك بذالك الرقم المثير لتتصل به : صوتاً رسمياً على الطرف الآخر قائلاً : السلام عليكم !!

: ترفع كلتا حاجبيها استغراباً وهي تهم بالضحك وهي تقول : و عليكم السلام لتتردد قليلاً قائلة دون حرج : ها قد اتصلت !!

لثوانٍ لا رد غير صوت نفحات هواء دافئة تصلها ويداه ترتعشان ليرد : انتظرتك طويلا !!

: لا بأس المهم انني اتصلت و اريد رؤيتك !!

لم يتمالك نفسه وهو يتنهد بقوة : كما تريدين اين ؟!!



يتم الاتفاق على الزمان و المكان للإنفراد !!

تتجهز بحقيبة صغيرة تدس فيها ثوباً حريرياً سكرياً يصل للفخذين و بعض مواد التجميل و فقط !!

اما هو فما عليه الا ان يصل لمكان اللقاء وهو الفندق ذو الخمس نجوم المقابل لشقة يوسف و غرفة تقابل غرفة نوم يوسف وهي تصل هناك تخلع العباءة و الخمار و تغير البنطال الجينز و البلوزة الرقيقة لترتدي قميص النوم المغري الذي يكشف عن بشرتها



البيضاء الزبدية و تترك شعرها مسترسلاً على كتفيها الى آخر ظهرها في لمعان يكاد يطيح بالاضاءة و حذاء ذو فصوص لامعة رائع لطولها و تطلي شفتاها و تغمر عينيها بالكحل و عطر جديد مختلف ثائر مثلها جميلة و كاملة هي الكلمة التي تريد سماعها من فمه !!

يطرق بابها و تستعد متوترة فلقائهما سيكون كثورة ستطيح بالفندق بأكمله !!

وهي تتجه طارقة بقدميها الارضية متمايلة بغنج وللحظة ترتب شعرها و تمرر اصبعاً على شفتيها وهي تفتح الباب مضطربة متسلحة بشجاعة مزيفة فقط لترضي نفسها

يدخل و يغلقا الباب وهو يمرر نظره عليها في لهفة فهي مستعدة !!

يقفا وجه لوجه يتفحصها وهو مأخوذ اللب بجمالها فهي قد فاقت كل خيالاته !

يرفع يداً يمررها على ذراعها العارية وهو يبتلع ريقه الجاف و عينيه المبحلقتين بها ليرفع يداه الى شفتيها و فجأة يمسح كل ذالك الطلاء عنهما و عيناها مغلقتان مستسلمتان

يلتصق بها و ينحني اليها مقبّلاً اياها بقوة ولم تدري إلاّ وهو يحملها بين ذراعيه ليرتميا على السرير !!

لم يكن هناك مكان للحوار او النقاش فقط لتفريغ الرغبات !!

فهي قد اصبح لها عشيق يرضي غرورها و شهواتها !

اتفقا جسدياً و فكرياً رغم أنها تكبره بأعوام إلاّ أنها تبدو اصغر منه سناً

.

.

تفتح عيناها وهي تذكر تلك الايام الصاخبة

فخالد قد منحها اجمل ايامها دون ندم !!

لم يطلب منها شيئاً سوى ان يدللها و يدلل جسدها !!

تعددت اللقاءات و تغيرت الاماكن الى ان اصبح منزله و غرفته التي اشتراها بمالها كي تنام على فراش مريح مكان للقاءات الساخنة دون مداراة لشقيقته الوحيدة – مريم - بعد وفاة زوجته !!



دموع قهر و حزن تبكي بهما خالد من أحبته يوماً وقد كانت السبب في فقدانه !!



.



.

.

.

اتمزق انا و اي تمزق يا مريم

لم اشفي الغليل بعد

ها قد رجعت و صغيرك بين يدي و انتي لا زلتي غائبة قصراً

سيندم كل من حاول لمْسَك و لمَسَك اقسم باني تجرعت القهر دهراً

تباً لذاك الحنين و الأنين في قلبي



يضغط على قلبه بشدة تكاد ان تخلعه مغمض العينين مزموم الشفتين

فؤاد قد تغلب علي فيكي فما ذنبك انتي ؟!!

كل ما فعلته انني احببتك فانتزعك مني بلا رحمة

لا يظن ابداً أنه قد حقق انتصاراً على فؤاد بل فؤاد من فعل !

قد لمسك و عبثت يداه بجسدك الغض الصغير

لا يستطيع

لا يستطيع تخيل ما حدث لها وهي تتلوى بين يدي فؤاد

آآآآآآآآآآآآآآآآآه

صرخة مفزعة غلييييييظة خرجت من شفتيه مقهوراً مجروحاً ومطعوناً في قلبه

صرخة بعثت صاحبه على التخلي عن القيادة و الوقوف فجأة : يوسف هوِّن عليك

لا تستطيع اي كلمات مواساة مهما كانت ان تهوّن عليه فجعته و حزنه

فمريم لم تكن متزوجة بل كان شقيقها

كيف لم اعرف ، لما لم احاول ان اعرف ؟!!

أكان القدر قد خطط لكل ذالك ؟!!

: سأموووووووت يا سعد وهو يمسك برقبته و بالكاد يتنفس : اشعر بأنني اختنق ، قد قتلني الحقير النجس قتلني

: يوسف يا الهي ... و صمت لا يقدر ان يقول شيئاً فالفتاة التي قضوا شهوراً في البحث عنها كانت اقرب لهم من انفاسهم !!

يعلم ان يوسف لن يسامح نفسه و سيضل يؤنبها حتى النهاية ، لهي فاجعة في حقه لما فعله فؤاد معها و مع عائلتها

يسمع الصوت المخنوق : خذني الى البحر يا سعد ، خذني هناك

علني اغرق و استريح

تحركت السيارة متجهة الى البحر على الشواطئ الرملية ليس ببعيد عن المدينة

ينزل ببطء و يعرج بقوة اتعبت له جسده و عضلاته و يشعر بحمّى تجتاحه يريد تبريدها

يريد ان يسبح بين الامواج لتتقاذفه عسى روحه تستريح ، فما معنى الراحة في بعدك يا مريم !

يبدو فاقداً للأمل مجهداً و رجلاه تتخليان عن حذائه و يتقدم لتلامس قدماه اولى موجات البرودة اللذيذة

تغريه تلك الاصوات و الامواج على السباحة و الضياع بينها ليغطس كلية تحت الماء و يختفي هناك

سعد من كان يراقب بقلق مكتف اليدين وهو ينظر الى السماء فالطقس ليس حاراً كما انه ليس بارداً بشدة فلا خوف عليه من السباحة !!

نعم يخاف عليه فهو عجوز لم يحظى يوماً بعائلة ككل البشر بعد زواجه و طلاقه منذ شبابه وهو لم يمس امرأة و مصادفة يوسف و العمل معه يشعرانه انه كوالده لا كعامل عنده ، فهو يشارك يوسف معظم اسراره !!



بينما كان ينظر الى البحر ولاحظ عدم ظهور يوسف ثانية اخذ يتقدم بقلق متعاظم وهو يصرخ في البحر : يوسسسسسسسسسسسف يوسسسسسسسسسسف

صوته تحمله الامواج و ترجعه دون جواب وهو يتقدم اكثر ليغطس نصف جسده في الماء و الامواج تحركه جيئة و ذهاباً ولا نور هناك غير نور القمر و انعكاسه على صفحة المياه ليصرخ ثانية : يوسسسسسسسسسسف يوسسسسسسسسسسسف

يوسف من يجيد السباحة ابتعد كثيراً عن النظر وهو يغطس و يظهر و يغطس ثانية

لم يصبه التعب من السباحة بل مما يدور في جوفه من حرقة لم تطفأها المياه بعد وهو يصرخ و يضرب سطح الماء بيديه بقوة مبعثراً اياها على وجهه الذي تشرّب الملوحة : تبااااااااااا تباااااااااا مريااااااااااااااااااام

الغضب يتآكله كما تأكل النار الحطب ويشعر بالعجز فأين سيبحث الان عنها ايييييييييييين اييييييييييييين

يسبح مجدفاً بذراعيه القويتين الى الشاطئ فيصله صراخ سعد القلق يصل له بسرعة وهو يخرج غارقاً لاهثاً غامضاً ليقول : سنذهب الى الحي !!!!

سعد الذي جرى خلفه يربّت على كتفه مطمئنا له أن كل شيء سيكون بخير ليلتفت اليه هازاً رأسه في تفهّم وهو يمرر اصابعه في شعره مسرحاً اياه الى الخلف : مريم عاقلة كفاية كي لا تدور في الشوارع سنرى ما جرى في الحي

: ولكن اليوم صباحاً قد كنت هناك وقد اخبرني جارهم عن فؤاد ولم يذكر البتة اي شيء عن عودتها

: ذالك الغبي تأخر جدّاً في بوحه عن الفاعل مما يشكو ذالك الرجل لما لم يبلغ الشرطة لما احتفظ بالأمر لنفسه ؟!!

: يرفع سعد كتفيه في عدم معرفة دلالة أنه لا يعلم

ولكنهما قد ركبا السيارة التي ينام بها حمود في المقاعد الخلفية ولا يدري عن شيء بعد !!

ما يهوّن عليه انه على الأقل قد وجد الصبي و سيجدها حتماً

نوراً و ايماناً قوياً انبثقا من قلبه كي يبتسم ثانيةً فلابد انه سيجدها !!



مريم و الحاجة عائشة من رجعتا من المستشفى متأخرتين بعد ان اوصلهما حازم و لكنه قد رفض الدخول الى المنزل متعللاً بأنه يجب عليه العودة للبقاء مع من اصبحت زوجته !!

لاحقاً سيفهم قصة هذه الصديقة و لكن حتى يطمئن على وداد اولاً .!



يدخلن المنزل لتلج الأم مباشرة حجرة ابنها مغلقة الباب خلفها لتؤنبه على قوله و افعاله المشينة في حق شقيقته البريئة فأخته كما عهدوها ولن تنقض هذا العهد يوماً وهم من ظلمها

ليخر على يديه مصعوقاً نادماً باكياً : ولما قال لي انه قد لمسها ، لماذا ؟!!

: حتى يخلصها منكم ، انتم اخوتها من شككتم بها بالباطل و اتهمتوها دون دليل قاطع ، حتى انكم لم تطلبوا تقريراً طبياً عن حالتها لربما كنتم ستعلمون حينها ان كانت ، بنت !!

: ارتاحُ لهذا الرجل لأنه رجلاً ووداد تستحق رجل مثله وقد وعدني ان يأتي لها خاطباً !!

تلتوي شفتاه هواناً فقد باع شقيقته و خذلها و ان علمت بما فعلوه ستفقد ثقتها بهم و ستكرههم : كيف يخطبها وهو زوجها ، امي ما هذا الكلام الذي تقولينه ؟!!

: سيأتيها خاطباً امام الناس جميعاً لا بالخفاء و سندبّر الأمر !!



تركته في لجة افكاره سارحاً ملقياً بنفسه على الفراش الرقيق بعد ان اطمئن باله و سكن قلبه ولكن عليهم اخراج وليد من السجن ، وهذه ستكون مهمة وداد بعد خروجها من المستشفى !!



ممدة ايضا على الفراش المخصص لوداد متقلبة على جنبها ممسكة بالوسادة بين اناملها الطويلة تنظر للظلام و هي ترى ظلال الحاجة عائشة وهي ترمي بغطاء رأسها على علاّقة الملابس و تتمدد ايضا في فراشها متعبة ولكن مستريحة البال!!

تتمتم : تصبحين على خير عمتي

: تصبحين على خير يا مريم !!



ترقد الحاجة عائشة و يدها اليمين تحت خدها اليمين غارقة فوراً في نومها تاركة مريم تتلاطمها الافكار و الهواجس و اليقظة البشعة وهي تتسائل : يا ترى ماذا حدث للسيدة سالمة بعد مواجهتها مع ذالك السافل علي ؟!!

و حمود اين ينام الان ؟!! و خالد وآآآآآآآآآآه يا خالد اين هو مرقدك اين دفنوك ؟!!

دموع حارة و شهقات جارحة مكتومة وهي تضع يديها على فمها كي لا تسمح لها بالإفصاح عن كربها و همها فأهل وداد لا تنقصهم المصائب ففيهم ما يكفي و يزيد كي تحمّلهم مسؤوليات عائلتها ايضاً !!

حاولت النوم ولكنه قد جافاها حتى سمعت صوت تلك السيارة يقف امام باب المنزل !!



طرقات عالية على باب المنزل جعلها تفتح عينيها رعباً وهي تنكمش على نفسها كالجنين ضامة يديها الى ذراعيها

يتواصل الدق وهي في مكانها عاجزة تريد الهرب فلابد ان السيد قد علم بهربها

يا الهي كيف ظنت انها قد تهرب و تنجو منه فليس اسهل من ان يعثر عليها هنا

تفتح ام وليد عينيها وجلة مفزوعة و في ذات الوقت يقوم احمد من فراشه مسرعا الى الباب

وهي تنتظر اللحظة التي سيهجمون فيها عليها لينتزعوها من هنا وهي تصرخ و تبكي و ترفس بساقيها : لاااااا لا اريد العودة هناك لااااا عمتي ارجوك افعلي شيئاً

العمة وهي تبسّمل و تنهض مسرعة الى مريم لتحتضنها وهي تقرأ القرآن و تهدأها فما من شيء مخيف وهي ايضاً قلبها يقرع فمن يأتيهم في هذا الساعة المتأخرة من الليل ؟!!

حتى سمعن صوتا رجولياً عميقاً معتذراً عن مجيئه متأخراً : السلام عليكم اعتذر منك لمجيئي في هذه الساعة ولكن الامر هام ، هل لنا ان نتكلم ؟!!

احمد من كان ينظر الى ملامح ذالك الرجل العامر بالرجولة المبلل بالمياه من رأسه حتى قدميه وبيده عصاً يشد عليها بقوة

يبدو متوتراً ناظراً في ترقب الى احمد وهو يقول : مع ان الوقت متأخر ولكن لا بأس باستطاعتك الدخول .

يدخل الى حيثما اشار ليلاحظ احمد تعب الرجل وعدم قدرته على المشي الا بصعوبة بالغة و المياه تتقاطر منه متغضناً الجبين متسائلاً ما هو ذالك الامر المهم من هذا الرجل الغريب ؟!!



يجلس يوسف بصعوبة على الارض فارداً ساقه المصابة رامياً بعصاه جانباً ناظراً الى ساقه ثم الى احمد الناظر اليه متتبعا لحركاته فيرفع ناظريه لأحمد : سائقي قد علم منك هذا الصباح عن من أخذ عائلة – وهو يصفي حنجرته فكم من الصعب عليه ان ينطق باسمها الغالي امام أحد – مريم !

أُخبرُك اننا قد ذهبنا الى الرجل المطلوب و قد انكر وجودها عنده و يقول انه قد اطلق سراحها

بنظرات ثابتة ينظر الى احمد بأمل ان يُجيد احمد اكمال باقي القصة المفقودة الأواصر !!

بينما احمد كان ينظر اليه بذهول – ذهب الى ذالك الرجل الكبير في الدولة و تحدث معه عن مريم و عائلتها – فمن هو هذا الرجل ؟!!

: عفواً ولكنك لم تقل لي من انت و مالذي تريده من عائلة مريم ؟!!

ليس هو الجواب الذي تمناه فلم يحب ان يُقابَل سؤاله المبطن بسؤال آخر هو من عليه ان يجيب : منذ زمن وانا ابحث عنهم فأنا احممم صديق لخالد !!

نظرات عدم تصديق و ريبة : فمن اين يعرف خالد مثل هؤلاء الناس ؟!!

ليسمع السؤال اللحوح مجددا بثبات و قوة و صراحة : هل عادت مريم ؟!!



قلبه يدق بقوة ساحقة و حب مذ امد الدهر قد خُلق له آملا - فأي شوق و لهفة هما من يدفعاني اليكي يا مريم ، وفي غيبة افكاره لم يسمع الجواب يفتح عينيه لبرهة و يغلقهما : عفواً لم اسمع؟!!



ليكرر احمد : نعم قد رجعت !!



كأن كل عقد الحياة قد حُلت و ظهر نور الشمس على غفلة منه ليغلق عينيه بيديه من شدة النور ليفتحهما وهو يشعر ثانية بعدم تصديق : ماذا ؟!! تقول عادت ؟!! هامساً -اين ؟!!

فيأتيه الجواب سريعاً صاعقاً : هنا نائمة بالداخل !!

إحمّر وجهه بقوة ، الدوار هو ما يشعر به الآن وهو يضغط بأصابعه على جبهته قائلاً بتودد : هل لي برؤيتها ؟!!

سؤال لن يقبل ( لا ) كإجابة وإلاّ اقتحم المنزل رغماً عن صاحبه !!!

قد رأى احمد ذالك في عينيه اللتان جرى فيهما لمعان غريب محذراً من مغبة قول تلك الـ( لا )

كما ان هذا الرجل ذو هيبة و قوة و بشعره الاسود المختلط بالرماد قد تكهّن انه كبير السن كما يبدو عليه ولا خوف على مريم منه لذالك قام من فوره قائلا : حسناً ولكن لثوانٍ لو سمحت !!

اخيرا سينظر اليها من جديد ، يراها ، سيتأملها

لما الثواني تبدو ثقيلة و كئيبة و بطيئة وكأنه انتظر دهراً تتآكله الظنون هل هي ذاتها مريم ؟!!

لم يظن البتة انه سيلتقيها هنا و الليلة بالذات حين شك انها لن تذهب بعيداً ولن تضيع في الشوارع فهي مريم التي يعرفها جيداً ولن تتوه عن طريقها !!

يؤمن بها و أيّما إيمان !!



قلقة فمن هو ذاك الصديق الكبير السن الذي يطلب رؤيتها ليطمئن عليها في هذه الساعة

فهي لا اصدقاء ولا اقارب لها سوى الجيران فمن تكون يا من اخفت قلبي و اقلقت ساعة بكاء و رثاء

على عجل ترتدي ملابسها وهي تمسح عيناها المغطاة بالدموع و اللوعة و تمسح انفها و تخرج على عجالة فكما قال احمد فقط ثوان !!



خطوات قليلة مقلقة وهي ثابتة مرفوعة الهامة لامعة العينين ولا فؤاد لديها !!!






ويمسك عصاه بتوتر و يداه ترتعشان ، نعم فمن غيرك عليه هذا التأثير علي يا مريم

هسهسات ساكنة لخطوات هافتة كجنية تمشي على الأرض

يخاف

يخاف ان يلتفت فتختفي

ولكن لابد من الالتفات ليرى عيني مريم

ليستنشق شذاها

توقف القلبان يلهثان قارعان اجراس الحنين

ابيضت شفتاه و سقطت بهدوء دموع عينيها لتنشج بهدوءٍ جارحاً اياه كالسكاكين

تباً لبعدك يا مريم

سيسقط خائر القوى تلفه النجوى

لعينين غائرتين غارقين بالسواد ووجه قد كبر عشرات السنين وقد كان فتياً

وجسداً ضئيلاً سيتكسر تحت ضغط اصابعه

يأخذه الدوار مترنحاً واقفاً كالمارد

وذالك العشق يدق و يدق ابواب احزانه

يا من يرميك في احضاني ولا تستيقظي بعيدة ابداً

يريد ان يسحبها و يغمرها و يناجيها و يبكي على صدرها عمر الغربة

غربتها عنه

تضحك و تبكي في آن معا ماسحة بظهر كفها درر عينيها محطمة لصوت الحنين شاهقة مبعثَرة هامسة : أين كنت ؟!!

وآآآآآآآآآآآآه يا مريم آآآآآآآآآآآه يا نور عيناي

ويا لسؤال عجز القلب عن جوابه ، تعاتبه ، انتظرته

فسحقاً للحياة ولمن فرقهما كان تتأمل به فتركها و رحل !!

يرفع رأسه الى السماء مناجياً في صمت بوجه كساه الظلام و الهم

بما سأبرر غيابي بساقي الغبية ؟!!




الغبن و الغضب و الثورة و العشق يرويان صوته هامساً ايضاً : كنت مغيباً بغيابك يا مريم !!

تنهار على ركبتيها ويقاوم ليمسك بأطراف اصابعها

سيحملها و يخرج بها و تبات هناك في منزلها معه وبين ذراعيه

: ماذا سأقول يا مريم ؟!! سامحيني سامحيني

ركع جانبها وهي تنوح و نشيجها وصل علياء السماء فالظلم قد بلغ مبلغه !!

يعض على شفتيه بقوة لا يريد ان يتهور في منزل غرباء ينتظرون خروجه !!

سيضم بقوة جانبي وجهها بين كفيه ممرغاً اياه بشفتيه سيقبل عيناها و شفتاها ووجنتاها وكل تفصيل حتى يمحو ضبابة الاحزان عن محياها بكل القوى التي يحملها بين ثناياه يريدها حتى تدفعه هي بعيداً عنها مللاً !!

لكم اشتاقت لهذا الغريب المتربّص !!

لكم اشتاقت لتنك العينان المأخوذتان بها

لكم طاقت لان يتلامسا ، حتى سكن طيات عقلها كخيال لا طائل منه



ظهر و اختفى فجأة !!

وطال العمر لتراه مرة اخرى

تتلاقى العينان ليمرا على الاحزان و عذابات الهوى فاقدا الاحساس بالوقت وكأن الحلم قد تحقق ليلامس عنان السماء

تعرفه و تمنته و ارادته مخلِّصاً لكل احزانها ولا تعرف هويته فيا لحماقتها !

قد عتّق الذكرى و شعرها الاسود الحريري الساقط على الارض تلمه و تتركه و شفتاها الممتلئتين شغفاً و حباً سيسحقهما غداً بملىء ارادتها ليريها عقاب الغياب عن موعد قد حرمه منه القدر !

تعرفه و يعرفها مذ كانت الملائكة تمشي على الارض

مذ داس آدم بقدميه عليها

مذ نفخ الله فيه الروح و اسمها على جبينه يراه رؤى العين

ليس بغريب و ليست كذالك بل خُلقت له قلباً وروحاً



تنهداته تحمل كل عذاب العاشق والوله يأخذ منه مأخذه تسمع صوته الاشج يقترب خطوة فاصلة حتى يكاد ان يطبق عليها بجسده و المكان قد اصبح صغيراً جداً و السماء اخيراً قد امطرت غيثا وهي تنظر شامخة الرأس الى عينيه الخضراوين ، يبدو عملاقاً امامها

: تزوجيني يا مريم

شهقة افاقت منها مرتطمة بالأرض علها كانت تحلم بالبقاء في الجنة !

تزيغ بصرها مطأطأة الرأس حمراء الوجنتين يكاد الدم ان ينفجر منهما وآخر شهقاتها تخرج ثقيلة لتفرج عن صدرها



ليقاطع احمد بصوته العالي لحظات للهوى انتظراه امد الدهر وقد طال اللقى !

فيلتفت كليهما هي محرجة الفؤاد وهو منتصراً في معركة ظنها خاسرة !

سيحظى بمريم بين ذراعيه فيا لمكافأة الحياة له بعد وجع و فُرقى !

يراها تحث الخطى الى الخارج و قلبه يلاحقها بلا هوادة يكاد ان يضحك سعادة و جنونا

قد تغيرت ملامحه و صفت عينيه و ابتسمت شفتيه وكأنه قد رجع الى شبابه ثانية ، بل هي تبث فيه قوة الشباب و الرجولة

ينظر الى احمد قائلاً بصوت حاول ان يكون هادئاً لا متحمساً !! : هل تسمحون لنا بالنوم هنا الليلة ؟!! وتحت انظار احمد المستغربة يكمل بقناعة : تحسبا لأي امر طارئ قد يحدث فذالك الرجل فؤاد قد يعود للبحث عنها هنا ، وفي عقله – واقسم هذه المرة لن ينجو الا بأعجوبة !!



احمد ارتاح للفكرة فنعم هو لا يضمن ما يمكن من الممكن ان يفعله ذالك المعتوه فؤاد ليوافق على الفور : حسناً كما تريد .

آهة ارتياح وهو مغمض العينين : حسناً في هذه الحال سينزل السائق ايضاً ولكن اخبر – ولازال اسمها يعبث بقلبه و يبث فيه شرارات حاااامية ستسبب يوماً ما انهياره – مريم - أن هناك شخص معنا فلتخرج لتراه !!



يخرج من الباب في ظلمة الليل ولا صوت الا صوت الحشرات ، يشير لسعد بأن ينزل و يُحضِر الامانة : فماذا انتي فاعلة الان يا مريم ستطيحين بي اقسم
!!





كانت ورائه تقف متفرسة فيه تائهة البصر و عمياء عن رؤية كل من هنا وكل فينة و اخرى تهز رأسها غير مصدقة و قد اخرسها بكلامه فيا لحرجها و خجلها أحقا قد طلب منها الزواج ؟!!

قلبها يرتعش كورقة خضراء ندية و عيناها قد عانقتا البسمة الموجوعة اخيرا و القلب يهوى غريبا !!

صوت سعد الخافت وهو يلقي بشيء بين يدي يوسف ليعانقه بقوة فيلتفت لها وعيناه تقابلان عيناها

وشهقات من من حولها و بكاء و سعادة و فرح وكأن الدنيا قد بدأت بالرقص الصاخب حولها وهي تلتقف ذالك الجسد الصغير بين ذراعيها وقد بدا يفتح عيناه لتغيب عن الدنيا و صرخة مستوحشة غارت في صدرها و عطش السنين يلتهم مقلتاها لتبكي بوجع مرير حاضنة الجسد الصغير بقوة مستنشقة هواه مقبلة يداه رجلاه عيناه رأسه و حاجباه

والآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا حمووووووووووود يا قلبي انت يا حبيبي

لتنهال عليه مرة اخرى تقبيلا و احتضانا حتى كاد يتلاشى بين ذراعيها وهي تكبّر و تهلل و تشكر الله

والكل من حولها يبكي لبكاها ام وليد و هدى وحتى احمد وسعد

عيناه احمرتا من الحزن عليها وعلى قلبها الذي اطاح به الخسيس الغادر

عذبها و عذب صغيرها و عذبه هو

يراها بعينين جديدتين ليراها فيما مضى شاردة خلف باب المنزل لتهرب من عيناه

تنظر له بعينين شاكرتين ممتنتين فها هو احد كوابيسها قد غادرها توّاً تاركاً اياها لتعيش ببعض الراحة

لتهمس بالكلمات دون ان تنطق بها ليراها تعبر اليه في خفية عن كل من هنا ليُنزل رأسه في عبوس و ابتسامة لذيذة

لينطق حمود في تلك اللحظة : ماما مريم !!

اه اه اه لا تصدق قد عرفها وهي تصدر ضحكات مجلجلة جميلة عذبة لتمتص كل ما في جوفه من غضب على الدنيا

وهي تزيد من احتضان صغيرها و تقبله ناظرة الى الرجل المتفجر الرجولة بحبور و سعادة دافنة نفسها في احضان حمود

والكل سعيد و يبكي في لحظات لن تغيب عن بالهم مهما حيوا !!






بعد ساعة ترقد بجانب الجسد الصغير الذي افتقدته وهي تزيد من ضغطها عليه و تقبّله وهو قد عاد الى النوم بعد نوبة فرح قضاها في شد عنقها و قبلات على وجنتيها ليشعل نار جذابة بهما ، تلمه اليها تحت الغطاء امنة مطمئنة إنّ من ينام في الغرفة المجاورة سيحرسها و يحميها للأبد !!

فأي سعادة قد قدرها لها الله الليلة ، تنهض من مكانها لتتوضأ و تصلي لله شاكرة نعمه التي وهبها لها دونا عن سائر كائناته !!



أما من كان في الغرفة المجاورة خالعاً ملابسه المبللة بالمياه ليرمي بها على الارض حتى تجف و يغطي نصف جسده بذالك اللحاف الذي يبدو صغيراً ويد تحت رأسه والاخرى على بطنه يخطط لكل ما هو آتٍ صباحاً وهو يغمض عينيه ايضاً مبتسماً مطمئناً الى وجودها قريبة الى انفاسه الى ان يتحدا !!

لن تخمد ثورات أوصالي يا مريم قبل وصلك وسيكون ذالك اقرب من هدب عينيك !!

.

.

.

.



لم يستطع النوم بل لم يرده

كل ما يريده هو ان يتطلع اليها ان يتسلى معها وان يداعبها

نسي كل العالم من حوله و نسي حتى صغيرته التي وُلدت توّاً وكانت السبب في عودته !!

ام انه فقط قد عاد لحنين يشده مراراً و تكراراً أن عُد الى الوطن ، الى ارضك ، الى امرأة عربية من بني جنسه

تحمل نفس الدماء الهمجية !!

امرأة تتكلم لغته تشاغبه و تخاصمه و تحبه و تنام معه على كلمات بدوية لن يحتاج تفسيرها

حنين الى دم صبي ينتمي الى بني جلدته ينشأ رجلاً بينهم ولا يخاف في الله لومة لائم

قد يكون متهوراً و حساساً في آن معاً !

وداد لم تكن الخيار الأول لموعد له مع امرأة ، بسيطة التفكير و المظهر و متوحشة متهورة المخبر .!



نعم قد اختار زوجته جميلة و مشاغبة في سريره و سيدة مجتمع خارجه ،!!

امرأته يفتقد الوطن فيها وقد كان ذالك بمحض اختياره ولم يجبره احد عليه

يؤنبه ضميره حينما يفكر بها

سترميه بكل ما ستراه في طريقها إن علمت، بل يتوقع الأسوأ وقد يصل الى الفراق !!

يمسح على وجهه بكفيه مستغفراً وهو يجلس على فراشه المجاور لعروسه الجديدة الممدة والتي حرّكت اولى عضلاتها الليلة فهل اصبح نهوضها قريباً ؟!!

اقترب منها بهدوء حافي القدمين وهو يتثاؤب مغطياً فمه بكفه

نظر اليها عميقاً متفرساً في ملامحها الرقيقة فكل ما فيها صغيراً انفها الدقيق و ثغرها الصغير و رقة معصمها و نقاء بشرتها ولا ينكر جمال عينيها العسليتين : اهممم هذه هي زوجتي !

كان يتكلم مع نفسه بابتسامة يغلفها السرور لهذه النتيجة و يشعر بكلماته تلك بحقه فيها ولما لا؟!

بقوة شعر بها خلف ظهره تجبره على الانحناء قريباً من وجهها ليمر بكف يده على حاجبيها و ملمسيهما الناعم و يحرك اهداب عينيها و يرسم خط شفتيها ورقة انفها و ذقنها المدبب فينزل رويداً رويداً الى ذالك الجسد العامر بالأنوثة والذي قد اكتشفه يوما !!!

ينزل بأصابعه ممرراً اياها على عنقها الطويل واصلاً بهم الى مفترق صدرها ليكف عن العبث و بسرعة يلثم شفتيها بعذوبة - فغريب ما احمله تجاهك يا وداد !!

لا استطيع تسميته حباً فلم ينبض قلبي بعد به تجاهك ولا اجد التفسير الملائم لكل تصرفاتي معك !!

هل هي الرغبة فقط ؟!! اشتهيك نعم

اريدك و بشدة

فهل سينتهي كل هذا بعد ان احصل عليكِ ؟!!



يحرك كفه فوق شعره وهو يتنهد بحيرة لم يعرف لها قبلاً مثيلاً !!






كانت تحرك اهدابها بقوة وكأنها ستستيقظ في اي لحظة و تجعيدة رقيقة تكونت بين حاجبيها وهي تقاوم لتفتح العينين وهو واقف مترقباً هل ستفتحهما فقد اطلتِ النوم يا وداد فهل كان هذا هرباً من واقع ام الوهن قد اقتنص جسدك !

تقرّب اكثر بوجهه وهي فتحت عينيها قليلاً ولم تزعجها الاضاءة الخافتة في زاوية الغرفة ما اراحها اكثر في المقاومة و توسيع فتحة عينيها لتتكون صورة لرجل امام ناظريها غير واضح المعالم حتى بدأت القطع تتجمع و رسم الوجه يكتمل وضحكة مشرقة بالسعادة قد فرّت من شفتيه وهو يتهور ليهبط ويقبل جبينها في سرعة تصرخ فيه : هي هي هي ماذا تفعل ؟!!

يا الهي ما الذي تفعله هنا وما الذي افعله هنا

وما ان حاولت الحركة بقوة حتى تجمد وجهها الماً و هي تغمض عينيها ضاغطة بيدها على مكان جرحها الغائر

وقف مكفهر الوجه نادماً على فعلته قلقاً : وداد لا تتحركي فجرحك لا زال طرياً !!

آهة خرجت من شفتيها وهي تحاول التقلّب و دمعة حاربت كي لا تنزل امامه وهي تقاومها لترجعها مكانها وتفتح عينيها من جديد في استغراب لوجوده معها : سيد حازم ماذا تفعل هنا ليس لديك الحق وما هذا الشيء المتهور الذي فعلته عليك ان تخرج حالاً .. الآن !!

كانت حازمة وقوية النبرة بأمر منها عليه ان يغادر غرفتها

ليستقيم في وقفته مستفزاً بقوله : الحمد لله على سلامتك – زوجتي العتيدة !!

لطالما اراد ان يرمي بهذه القنبلة في وجهها حين تفتح عيناها ليتسلى بردات فعلها التي اختلفت بين الاستغراب و الصدمة و عدم التصديق ثم الانكار : ماذا ؟ زوجتك ؟!! مالذي تخرفه ؟!! منذ متى

ليجيب بذات النبرة المتسلية وهو يقاوم ابتسامة عنيدة : منذ زمن ويحرك يديه جيئة و ذهابا في كذب : لقد نمتي طويلا يا حبيبتي

لقد زاد عيار التسلية ليرتفع ضغطها و يحمر وجهها فلربما قد فقدت ذاكرتها لم تعد تذكر ما حدث وما يقوله السيد حازم بالتأكيد انه يخرف لتسأل متغضنة الجبين : منذ متى وانا نائمة

ليقول دون تردد في جدية تامة : منذ خمس سنوات وهو يعد على اصابعه اي انك الان في الثلاثين من العمر ، كبيرة ولكن لا بأس مظهرك لا يدل

مفتوحة الفاه وهي تصدق كل كلمة يقولها : يا الهي خمس سنوات ؟!! هل كنت في غيبوبة ؟!! واهلي هل يعرفون ؟!! ومتى ... تتردد في قولها وبعد غير مصدقة وهي تحاول جاهدة التذكر : منذ متى ونحن متزوجان ؟!!

إذاً قد انطلت عليها الحيلة بل الكذبة وهو لا زال يقاوم الضحكة العالية التي يريد ان يطلقها حالاً دون تردد ولكن بعد : نحن متزوجان منذ زمن قد اخبرتك ولكنك قد فقدت ذاكرتك !!

: لالالالا لالالا تكذب انت تكذب ، تصرخ فيه فجأة اخرج من هنا ايها الكاذب اخرج و هي تبحث عن شيء جوارها كي ترميه به فوجدت قنينة من الماء وقبل ان ترميه بها فتحتها و رطبت بها حلقها ثم اغلقتها ثانية وبكل الغضب تحاول رميها ولكن كان قد امسك يديها بقوة وهو يضحك عليها : ايتها الغبية فقط كنت اتسلى معك

تنزل يدها رويدا وهي تفتح عينيها عن وسعهما في براءة : اذا انت لست زوجي !! تضع يدها على قلبها وهي تقول : الحمد لله لقد اخفتني !!

كساه الحزن لوهلة وهو يقول بجدية : الهذه الدرجة لا تحبذين الفكرة !!

وكأنه قريب لها فعلاً تدفعه من صدره بكلتا يديها قائلة : كف الآن عن المزاح !!

يدير وجهه في الحجرة ممتعضاً فقد مَنَّى النفس بفرحتها و معانقتها للسماء لخبر مثل ذاك ولكن يبدو ان العكس هو الصحيح

يقوم من جلسته متبرماً متضايقاً وهي تنظر الى تغير مزاجه فجأة وهي تقول : اذا منذ متى وانا هنا ؟!!

يرد عليها ببرود كتلك النظرة القاتلة التي رماها بها : فقط منذ البارحة صباحا !!

أهلك قد كانوا هنا و سيحضرون صباحا

والى هنا يجب علي ان اغادر تصبحين على خير

يرتدي حذائه بسرعة و يزرر قميصه و يدسه في بنطاله تحت انظارها الخجلة المطأطأة وهي تتهرب بعينيها عنه تسمعه : تصبحين على خير يا ....... وداد !!

يخرج و يغلق الباب خلفه و يتجه الى سيارته ليقودها عائداً الى منزله تاركاً اياها في لجة من الأفكار الغريبة وهي تتلمس جبهتها ببطء و ريبة ثم تنظر الى السقف تتذكر كل ما حدث بالامس !!

.

.

.

.

في جوف الليل البارد و حفيف مطر يروي الارض بعد شمس الهبتها فتسقيها بعذوبة ناشرة عطور الطبيعة الخلابة برائحة تربة تبعث الحياة في النفوس

بينما كان يقف خلف ستار نافذته مُنحيّاً إياه جانباً كي يغمره مطر الليل الجميل سارحاً بنظراته ثم متبرماً بغيظ عائداً الى معدّاته الرياضية كي يتمدد على ذالك الكرسي الطويل و يتناول بيديه الاثقال الحديدية فيبدأ بالعدِّ و اللهاث الى ان يتعرق جسده




وتارة تاركاً اياهُ جالساً غير مرتاح البتة وهو يشرب كوب الماء المعدني الحلو و يسكب الكثير منه على بدنه

يشعر بالخسارة و البؤس

يشعر بأنه وغد

فما فعله اليوم مع البتول بعدما غادر يوسف قد جرحها بل كسرها !!

يبعثر شعره بقوة بين اصابعه وهو يلوي وجهه نادماً

قد شعر لحظتها بالنصر و السعادة ولكن بعدها شعر بالنذالة و الوقاحة !!

فكيف يفعل بها مالا ترغبه ، كيف يكشف عن شعرها و يجر حجابها بذالك الشكل البشع

ألم يكن يناديها يوماً بشقيقتي إذاً مالذي حصل له ؟!!

تحرك برشاقة و سرعة يدور حول نفسه في المكان

البتول الصغيرة ذات الضفائر الحمراء المجعدة قد غدت إمرأة مثيرة

غير واثقة ربما !!

يزفر بشدة مريحاً صدره من غمه ولو قليلاً فما هو فاعل ؟!!

تعجبه الصهباوات كما تعجبه سوداوات الشعر ربما لتناقضهن مع شقاره و بياضه

ولكن لما البتول !!

تباً لي و لأفعالي المشينة حسناً قد اصبحتُ معتدياً يا لعاري !!!

يضرب بيده بقوة ضربات متتالية على كيس الملاكمة المعلق في الغرفة نافثاً كل غضبه فيه

وان فعل و رغبها فهما لن يتلائما

فهي من دين وهو لا دين له

هي تؤمن بوجود إله وهو وجودي لا إله له غير الطبيعة فمنها خُلق واليها سيعود

لا يؤمن بالحساب و الجزاء و العقاب بعد أن يلمه القبر بل سيندثر كأي كائن قد مات ولم يعُد !!

فأي معادلة صعبة قد وضع نفسه فيها وهو يغمض عينيه لتمر عليه تلك اللحظات الخاطفة المثيرة لإشمئزازه !!





قبل ساعات .....



بعد أن أوصل يوسف إلى المطار وهو من غادر على عجل مودعاً بسرعة كل من حوله و امه التي تبكيه وكأن الدنيا ستطير ليحجز بين عشية و ضحاها و يغادر ولم يعلم أحد لما يرحل فجأة !

كان واقفاً جانبه وهو يودعهم وهي تقف هناك على السلالم تجر دمعاتها و تمسح بمنديل تحمله بين اصابعها انفها وهي لم تقترب لمعانقة ابن خالتها او تقبيله وداعاً بل اكتفت بقول مع السلامة فقط !!

لا زالت ترتدي ذالك اللباس الأبيض الذي يظهرها كملائكة شفافة رقيقة و الغطاء ينزل الى ركبتيها لم يُظهر منها شيئاً سوى وجهها المثير !!

قد علم في وقت سابق من اليوم أنها قد ترمّلت !!

إذاً فما الذي يبقيها هنا لما لم ترحل مع يوسف ؟!!



اوصل يوسف الى المطار في موعده يودعه على امل اللقاء به وفي طريق عودته وهو ينظر الى شمس الغروب لتسول له نفسه امراً فلما لا يكشف عنها بنفسه وما تخبأه ؟!!قد نقض الامانة التي أمّنه اياها يوسف بوصيته له عن امه و البتول وها هو يخون تلك الامانة بقلب بارد لا يرغب الا في العبث بها !!



يرجع الى القصر و يفتح له حارسه الباب ليدخل داعساً بتهور على الفرامل موقفاً اياها فجأة وصريرها يصم الآذان !

من كانت في الحديقة الخلفية البعيدة عن الضجيج ترفع رأسها الى السماء في مناجاة لها مدققة البصر في نجومها اللامعة الكثيرة التي تفرقت بها و بضع غيوم قد بدأت تتجمع منبأة بمطر نافع ان شاء الله

اذا قد ترملت ؟!!

تطرق بكلتا يديها على طرفي كرسيها تبتسم في الم على اهلها الذين يظنون انها منهارة وقد اغمي عليها من شدة الصدمة وهي الان تعاني من موت زوجها ، تضغط على شفتيها بقوة ذالك المنحط السافل مأواه جهنم و بئس المصير !

ولكنها السبب في قتله !! وان لم يعلم الا يوسف و ياسمين فهي في نظر نفسها قاتلة و مطلوبة !!

تتنهد بشدة مرة اخرى وهي ترفع بصرها لتجده امامها و قد قفزت فورا الى مخيلتها عبارة يوسف ان لا تجلسي امام دانيال !!

حاولت النهوض بسرعة تحت انظاره المصرة ولكنه قد منعها بالقوة وهو يطبق على جانبي الكرسي بيديه محاصراً اياها بين الكرسي و صدره !

تفاجأت من تصرفه وهي تحدق النظر به قائلة بحدة تخالف رقتها التي عهدها : دانيال ابتعد عن طريقي !!

وكأنها في تلك اللحظة تلك الفتاة الغريبة التي يريد اكتشافها وليست ذاتها قريبته محدقاً النظر الى وجهها و عينيها قائلاً بوقاحة : ولما ؟!! انا مسرور هكذا !!

: ارجوك لا تتحامق معي و اتركني ادخل والا صرخت لتحضر خالتي و تعطيك ما فيه النصيب !! وهي تنظر له بحاجب مرفوع

وهذه المرة قد تخطى حدوده فعلاً وهو يجرها الى صدره ليطرق قلبها بعنف و خوف وعينيها المفتوحتين عن اخرهما : اذا اصرخي و سترين بأي طريقة ستخرسين ، كان ينظر الى شفتيها بتهديد !!

تحاول ان تدفعه عن صدرها وعطره قد تخلل خلاياها وهي تتصنع القوة وعدم المبالاة فهو قد جُن لابد انه قد فقد عقله : هل جننت مالذي تفعله انا قريبتك مثل اختك

ليصدر صوتاً معارضاً من بين اسنانه : ليس بعد الآن يا صغيرتي !!

تصرخ فيه بقوة : اتركني الآن قبل ان اصفعك

علمت أنكِ قد ترملتِ لابُد انك تجلسين هنا تتخيلين زوجك يا حرام

اذا كان هناك اي رغبات ، اي رغبات ، يمكنني تلبيتها لكي عزيزتي ؟!! نظرة ماكرة يشملها بها يريد اغوائها

ايها الوقح كيف تتجرأ ؟!!

وبسرعة قد شد الغطاء عن رأسها كاشفاً عن شعرها الأحمر المجعد بطبيعته اللامع لمعة تخطف الانفاس وهو ينظر الى وجهها مخطوفة الانفاس غير مصدقة و محدقة به و شفتاها قد ابيضتا رعباً : ما اجملك !!

كان يقترب اكثر منها وهي تنتحب و تبكي و تدفعه بعيداً كانت كالخرساء فقط تبكي ولا تنطق حتى خارت قواها تماماً من المقاومة العديمة الجدوى

ليفطن لنفسه قبل ان يدنّس انفاسها بقبلته المجنونة يتراجع بسرعة وكأن شيطاناً كان قد ركبه و زين له سوء عمله وهو ينظر لها في رحمة و ندم فيبتعد بخطواته بعيدا وهو يتهرب بنظراته : آسف

تاركاإ اياها منهارة و ضعيفة تئن وتبكي حالها و انتهاك حرمتها !



وهو قد فرّ هارباً من أمامها عاضّاً اصابعه ندماً فماذا فعل ؟!!

احمق يالي من حقير

يركب سيارته و ينطلق بها بغضب مبتعداً عن القصر و اهله حريصاً على ألاَّ يعود طوال فترة اقامتها هنا ، فهل سيفي بالوعد ؟!!





نهاية المشهد السابع و العشرون .


حارس العذراء  # Land of Angels / مكتملة /حيث تعيش القصص. اكتشف الآن