المشهد التاسع عشر

75 1 0
                                    



المشهد

( 19 )



شكراً.. لطوقِ الياسمين

وضحكتِ لي.. وظننتُ أنكِ تعرفين

معنى سوارٌ الياسمين

يأتي به رجل إليكِ

ظننت أنك تدركين

.......

وجلستِ في ركنٍ ركين

تتسرحين

وتنقطين العطر من قارورة و تدمدمين

لحناً فرنسي الرنين

لحناً كأيامي حزين

قدماكِ في الخُف المقصبِ

جدولان من الحنين

وقصدتِ دولابَ الملابسِ

تقلعين .. وترتدين

وطلبتِ أن أختارَ ماذا تلبسين

أفلي إذن ؟

أفلي أنا تتجملين ؟

ووقفت .. في دوامة الأوان ملتهب الجبين

الأسود المكشوف من كتفيه

هل تترددين ؟

لكنه لون حزين

لون كأيامي حزين

ولبستِه

وربطتِ طوق الياسمين

وظننت أنك تعرفين

معنى سوار الياسمين

يأتي به رجل إليك

ظننت أنك تدركين..


.

.





المـــــــــواجهة الثـــــــــــامنة





في البعيد في ظلمات عقله و ظلمات روحه المشتتة



يجري لاهثاً تاعباً متعرقاً و عارجاً

يدفع الناس بكتفه و عكازه بين كل تلك الجموع المتجمهرة وكتفيه يتحاربا مع اكتاف الاخرين



سيصل الى هدفه هو يراها من فوق الرؤوس وهي هناك واقفة تائهة تنظر حولها بذهول



ولايزال يشق طريقه بين الجموع وهي كما هي

ينادي عليها لتراه و لتشعر به هنا حولها سيحميها ولو كانت في بطن الحوت

مريااااام ندائه و صراخه وسط الاصوات العالية و مازال هدفه واحد



كانت واقفة بملابس سوداء فستان اسود طويييييل جدا وشعرها عاريا متطايرا حولها و تدور حول نفسها



مريم مريم يهمس بشوق ولهفة

تلتفت له حائرة وكأنها قد رأته من قبل : أنت ؟!!

ليمشي على رجله بتثاقل جارا الاخرى خلفه في الم كاد ان يعصف به راميا بعكازه بعيدا ليضمها بين ذراعيه دافنا وجهه في شعرها متمتما : ها قد عدتي يا مريم !!



رائحة شعرها و ملمسه و صغر جسدها في احضانه

يريد ان يتعود على ذالك

على حضن مريم



يوسف يوسف

اهتزازت الصور والناس حوله

و صوت بكاء بعيد شجي وصوت ينادي باسمه يوســـــــــــف

تكرار اسمه وتردد صداه

و رائحة نفاذه جعلته يلتفت في ظلمته اختفى الناس فجأة

ويداه اصبحتا خاويتين التفت حوله في رعب

قد ضيّع مريم

يجري في العراء وحيدا بأعلى صوته يصرخ علّها تعود الى احضانه ثانية

مريااااام

مريم

مريم



شفتاه تتحركا باسمها و عيناه تكافحا لتفتحا



يوسف انهض يا حبيبي يوسف يداها الصغيرتان التي تمسكان بقوة بعضده

وبكائها الذي تزايد

يزدرد ريقه فهو عطش



ينظر حوله ليجد امه تبكي بحرقة و حرارة وهي سعيدة لرؤيته مستيقظا من جديد

تلقي بنفسها على صدره وهي تنشج بالبكاء وتتحدث قهرا بذات الوقت



انها ياسمين انت لا تواجه مشاكل الا معها



في كل مرة تراها تحدث لك مصيبة

متى ستخرج من حياتك ، لا اريدها حولك

كفاها ما فعلته بك قبلا

ياسمين لابد ان ترحل

لن تضيع مني و تضيّع حياتك مرارا بسببها فهي لا تحمل لك سوى المشاكل



امي امي

كان يربت على رأسها ويهدأها

ما بينه و بين ياسمين لن ينتهي بسهولة قبل ان يقرر هو متى ينتهي !



انا بخير شعرتُ فقط بالإعياء لا تخافي



يطبع قبلة على رأسها و ينظر الى ابن عمه دانيال الذي كان واقفا متكتفا لاويا رجليه على بعضهما

وهو يمعن النظر في تلك التفاصيل الباهتة التي خرجت من بين اللحود !

متشككا

تبادلا النظرات وهو يسأل : اين هي الان ؟!



يزفر الاخر فلابد الان ان المشاكل في طريقها

فالساعة الان تجاوزت الثالثة صباحا و ياسمين لم تعد الى البيت بعد !

وهو كابن عمها لم يستطع اجبارها على البقاء او اجبارها على عدم الخروج فهي بالغة و حرة

هذا تفكيره هو و بالتأكيد يوسف له رأي آخر



لم يُخفي عليه حين نطق



: ياسمين ليست بالبيت !



امه التي ابتعدت عنه وهي تنظر الى وجهه في خوف وهي تعيد النظر الى دانيال وهي تبتلع ريقها



: ليست بالبيت ؟ كم الساعة الان ؟!!



ينظر دانيال الى معصمه ويقول : الثالثة والنصف صباحا !!



الثالثة والنصف ولم تعد الى البيت يصرخ عاليا في وجهيهما

كيف سمحتما لها بالخروج في ساعة متأخرة اين هي الان ؟



دفع الغطاء عن نفسه وهمّ بالنهوض من سريره و هو يبحث عن العكاز و الشرر يتطاير من عينيه



دانيال الذي حاول تهدأة الوضع

يوسف اهدأ ياسمين بالغة وكبيرة كفاية ستهتم بنفسها



ماذا تقول ؟ اتعلم ما تقول ؟ اترك ابنة خالتي خارج المنزل والفجر سيبزغ وهي لم تعد ؟ هل جننت

يصرخ اعلى بصوته : هل جننت ؟



هل تعرف مكانها ؟!!

يوسف ......





خذني اليها يقولها له بإصرار وهو يستشيط غضباً: الان خذني هيا ماذا تنتظر !!


يتأفف بقلق فالمشاكل الكبيرة هي في طريقها الينا بالتأكيد



هيا هيا ماذا تنتظر ويخرج بعكازه مسرعا من الحجرة يلحق به دانيال



اما امه التي جلست على السرير قلقة فالليلة لن تمر على خير .





جو مشحون في السيارة بأنفاس ساكنة

السيارة التي تشق طريقها بين الشوارع الحجرية القديمة

وبين انوار الأعمدة القوية المختلطة بسواد الليل وهدوء المدينة الصغيرة لا يسمعا سوى صوت المحرك

ولا يريا الا بعض الاشخاص المارين ليلا !



و دانيال الذي يلقي بنظراته كل فينة و اخرى تجاه صاحبه متنهدا وقلقا

الى ان نطق يوسف بلوم و غيظ : لا ادري لما لم تمنعها من الخروج ليلا ؟ ولو بالقوة !!



دانيال الذي تلوت ملامحه



اعتقد في هذه النقطة لنا وجهات نظر مختلفة

اعلم كيف تفكرون كلكم كعرب ، انت تستطيع ربما ان تتحكم في تصرفاتها

وان تمنعها او تتركها هذا شأنك



انا هنا حياتي مختلفة كلها مبنية على الحرية

فكما انا حر في تحركاتي الكل حر في تحركاته

خاصة ياسمين قلت انها كبيرة و عاقلة ولن تحتاج لمن يوجهها !

فلا تلقي باللوم علي الان

بالإضافة لم استطع افتعال فضيحة اكثر مما فعلتما !

ينظر ليوسف باتهام وهو يتابع

قد شعرنا بالإحراج انا و عمتي وانتما تصرخان لم نستطع الفهم




كل شيء كان مبهما حتى ان البعض قد غادر مباشرة تبا لكما غبيان و طفلان لازلتما !





ينظر له يوسف بشفقة اكثر منها غضبا متغاضيا عن كل الكلمات التي قالها : اتعلم انك تحتاج لدروس لم نتطرق لها بعد ؟!! وهو يرفع حاجبا مستنكرا !

أكمل ببحة هامسا

انا لا ابحث عن ياسمين لغيرتي عليها او لحبي لها

ابحث عنها لغيرتي على محارمي فكيف لي ان اترك انثى تحوم في الخارج

لا احد يدري اين و مع من ؟!!

هذا شيء يمليه علي ديني وليس حريتي !!

ياسمين طوال ما هي هنا فهي عرضي و شرفي اللذان لن افرط فيهما وهي غير هذا و ذاك ابنة خالتي شقيقة امي !

اعلم ان مبادئ الحرية هنا مختلفة ، انسيت انني قد قضيت كل حياتي هنا ؟!!



لا لم انسى حتى في صغرك كنت عصبيا وكأنك تعرف كل هذا قبل ان تتعمق في دينك حقيقة .

هو شيء في دمكم ، تخرج منه ضحكة لم يعلم يوسف اذا ما كانت شفقة على نفسه ام استهزاءا بكلامه !

فهو يلاحظ على دانيال تصرفات غريبة !

ينطق في غموض : ياسمين قريبة لك انت اكثر مني !!



ينظر له دانيال بلمحة خاطفة ثم يلتفت ليمسك بزمام القيادة بتركيز غائب !

يستدرك قائلا تعقيبا على كلام يوسف : انت تعلم بالتأكيد انك انت و ياسمين مثار حديث المجتمع ولا ابالغ اذا قلت مثار سخريتهم !

انت تعلم انه هنا لا احد يتزوج من اقاربه فكل من يفعل ذالك يعتبرونه فلنقل شذوذا عن القاعدة كما وانك تتزوج اختك !

فالقرابة من الدرجة الاولى هي علاقة محرمة انت تعلم ولكنكما اخترتما مصيركما معا و ارى ان الاحوال الان بينكما جدا سيئة

قد يكون من الافضل ان تنفصلا الى الابد لا ادري كيف ولكن ستجدا الطريقة ان صممتما على الا تلتقيا

فعلى ما يبدو انتما تنجذبا لبعضكما كالمغناطيس حتى لو كنت انت في طرف وهي في طرف اخر من الدنيا



الضحكة الغريبة التي خرجت من فم يوسف اجفلته ضحكة مليئة سخرية و تعباً و يئساً !

لم يعد يهم اي شيء ، لا يهم ما يقوله الناس لا يهم ما يدور في عقولكم

ما يهم هو انني قد تغيرت كثيرا منذ الطلاق وانا الان في طريق اخر بعيد عن ياسمين بعيد جدا جدا

يهمس بكلماته الاخيرة

نعم فطريق مريم غير طريق ياسمين ولكن الحال واحد فكلتاهما متزوجتان !

يتنهد في نفسه

بينما دانيال كان يستمع و يأخذ منحنى اخر ليتوقف رويدا

تتوقف السيارة ببطء امام حانة !!

ينظر يوسف الى دانيال مستنفرا بينما الاخر يقول بهدوء : اذا دخلنا هذا المكان لابد وان تكون هادئا

والا سيحصل مالا يحمد عقباه !




يا الهي .. صدمته كانت مباغتة . ياسمين هنا في هذا المكان المشبوه في هذا البار الوسخ !

ليست في فندق او في حديقة يا لي من بريء !



خطواته الاولى للخروج من السيارة و امساكه بمعينه

خطواته الثانية التي في كل خطوة يخطوها كمائة سنة

الزمن يمشي ببطء والعالم يدور ببطء وعيناه تتكسران ببطء !



الوان و مصابيح و قناديل و كؤوس حمراء و صفراء

ضحكات انثوية

سحب من الدخان

رقصات متمايلة و كؤوس تُسكِر

و امرأة بنفسجية بعطور ياسمينية بكأس يتمايل بين اناملها

و رجال متحلقون حولها وهي تدور و تدور و تضحك و تشرب

ترقص و تتمايل بين الايادي العابثة بجسدها



ترفع رأسها و تحرك شعرها و تميل بخصرها

تتغنج

تهمس

تعابث

تدفع



تقبّل !






هذا المساء
بحانة صغرى رأيتك ترقصين
تتكسرين على زنودالمعجبين
تتكسرين
وتدمدمين
في أذن فارسك الأمين
لحنا فرنسي الرنين
لحنا كأيامي حزين
وبدأت أكتشف اليقين
وعرفت أنك للسوى تتجملين
ولهم ترشين العطور
وتقلعين وترتدين





يدفعك احدهم من خصرك لتقعين في حضنه

يقبلك بنهم وانت تدفعين و تتغنجين و تتلوين

ويسقط طوق الياسمين



ولمحت طوق الياسمين
في الأرض مكتوم الأنين
كالجثة البيضاء تدفعه جموع الراقصين
ويهم فارسك الوسيم بأخذه
فتمانعين
وتقهقهين
لا شئ يستدعي انحنائك
ذاك طوق الياسمين



دفعها لحضنه هو

انفاس مخمورة و جسد متاح و تفاصيل بريئة

تلك كانت الياسمين

تدفعه الاكتاف العابثة والايادي المتناقلة لِحقهم في الياسمين !



يقذف بها على صاحبها وينهال عليهم بعصاه سحقا

سيقطع الايادي التي عبثت بياسمين

سيقلب الحانة والمدينة والدنيا لخراب الياسمين

سيكون وحشا و شيطانا يجتث الارواح من محاجرها

سيقطع الانفاس و يدمي الرؤوس والاجساد وسيغلق الافواه



والياسمين تضحك مقهقة بين يدي قريبها الذي يجرها بعيدا

فيوسف لم يبقي شيئا في تلك الحانة صحيحا !

يوسف تحول الى اعصار فتاك

سيقتل و يغتال ولن تكوني استثناء يا ياسمين لن تكوني !!



طاولات مقلوبة ورجال مخمورين مضروبين و اجساد ملقاة على الارض

و زجاج مكسور و انوار مهتزة وصاحب حانة مرعوب يختبئ خلف بار الشراب !



يغادر ... مكسورا



يسحبها من شعرها وهو يصر على اسنانه

دانيال من يحاول ان يخلصها منه

يدفعه بعنف بعيدا عنه : اتركنيييي ، اتركووووني

لابد وان اصفي حسابا معها

لا أحد لا أحد له علاقة بما سأفعله





دائخة مخمورة تُجّر كالشاة !



تذكر تلك اللحظة تذكرها جيدا





يدفع ببدلة الرقص على حجرها ويمسكها من معصمها بتهديد

الان و حالا اما ان ترتديها و ترقصين والا ... يلتهم جسدها بعينيه

و يهمس في اذنيها و يقبل جانب عنقها سيكون عقابك .. ليلة !



بدلة رقص شرقية لامرأة شقراء نصف غربية !

تهز خصرها تذل نفسها وتشرب كأسها !

والقارورة الصفراء يملأ بها كأسه و يفرغها في جوفه وهو يطقطق بأصابعه

ويتمايل مع تمايل جسدها وينهض ليلتصق بها ويمسك خصرها و يقحم الكأس في فيّها !

رقص و شرب و سرير كل ما يبتغي !



اليدان الرجوليتان تدفعا بها الى حوض الاستحمام

يملؤه يغرق وجهها الى ان تفقد انفاسها و يخرجه

يدفع بقوة رأسها لا رحمة معك بعد الان يا ياسمين

اختنقت بالماء ولا هواء وعينيها مغلقتين تحاول اجترار نفس وقبل ان تحصل عليه يغرقها !

هاااااا يوس....

ليغرقها مرة تلو الاخرى يريدها ان تستفيق من سُكرها

يعاقبها و يذلها و لن تحوز على شفقته لا الان ولا في المستقبل

بدل ان يراها تتجه لربها و تصلي و تستغفر تذهب الى حانة لتسكر و تصبح لعبة بين اياد الرجال ؟!!

لماذا يا ياسمين لماذا ؟!

سيقتلها و صدره يرتفع و ينخفض من القهر

فاجرة هي ياسمين



لابد وان تفوز بحريتها ستعطيه كل شيء بإرادتها

ستغنيه عن كل نساء العالم

سيكون عبدا تحت رجليها

فقط ان تنازلت عن كبريائها ستفوز بكل شيء

وهو سيخسر كل شيء !

ممددة على فراش الزوجية بلباس مغر و حذاء عال

تحيطها الوسائد والمفارش

تغيرت الياسمين باعت المبدأ وباعت الجسد !

شرط الحرية هو حرية بالمقابل !

تساوم بالسرير !! فهو يحتاجها وهي ستجتاحه !

فهل سيرفض شراب ياسميني معتق !

وتم الاتفاق الجسدي و الشفهي مذلا لكليهما !

وصار عبدا !





يلقي بها في حجرتها بقوة على الارض يغلق الشبابيك و يخطف المفتاح

ويسجن الياسمين بملابس تغرق شفقة !

.

.


.



.

.

.


الساعة الثالثة و النصف صباحا في منزل ( علي )





وكزة على كتفها وهي نائمة تعكّر صفو راحتها الآنية !

ما بين نبرتين الهمس و الجهر يحاول ايقاظها

مريم

مريم

انهضي هيا

مريم



امممم همهمات تخرج من حنجرتها وهي تتقلب على الفراش و تجذب الغطاء لفوق رأسها حتى لم يظهر منها شيئا

واقفا مغتاظا منها اتعلم انه يناديها فتتجاهله لابد وانها تمثل النوم

يزيح الغطاء عنها بقوة

وتسحبه فوقها بقوة اكبر وهي مغمضة العينين

فيسحبه مرة اخرى هذه المرة و يلقيه بعيدا

تفتح عينيها عن وسعهما وهي غاضبة منه تريد ان تقوم لتحضر الغطاء و تنام مجددا غير مكترثة به



هل انت حمقاء منذ ساعة وانا انادي الم تسمعي ؟

اففف تتأفف في وجهه ولا تنظر اليه بينما تمسك بالغطاء وتجلس ثانية على السرير



يكز على اسنانه وهو يمسك الغطاء بينهما

ان لم تنهضي الان سأنام بجانبك !! يرفع حاجبا ماكرا بنظرة ماكرة !!



تشقلب عينيها في الفضاء ولا رغبة لديها في جداله وهي ترد : لن تجرؤ وهات الغطاء ؟!!



_لماذا تزعجني في هذه الساعة اليس لديك دم ؟!! أُفٍ منك ومن ثقالتك ، اتركني و شأني يا اخي الا تفهم !!



لن افهم يا عزيزتي هيا كفاك جدالا معي اصدقاء في الغرفة الخارجية



_نعم ؟!! ومالذي تريد مني فعله ؟!!



هيا قومي اعدي شيئا نأكله ثم لا تنامي عليك خدمتنا !!



_يا لوقاحتك فعلا وقح اقوم من النوم لخدمتك انت والسفلة اصحابك فعلا لم ارى في حياتي شيئا مثل هذا ؟!!



يمسك بها من اذنها ويشدها شدا عنيفا وهو يزفر الهواء الساخن في وجهها : لو اردت ستقومين بالركل والشتم وليس بالهمس الن تشكري النعمة التي انت فيها ؟!!

ثم ان السيد بالخارج اذا لم تقومي سيغضب منك وانت تعرفين كيف هو غضب السيد فهمت الان ؟!!



بصقت بقوة في وجهه وهي غير مبالية فالأمر سيان تبا لك ولسيدك يا عبد سيدك وعاق امك !!



كان يمسح وجهه بصبر فلا يريد اثارة مشكلة والسيد هنا ولكن كل تمردها عليه ستدفع ثمنه غاليا !!



يدفع بها بقوة الى الخارج ويصطحبها الى المطبخ وهو يشير الى اكياس بيضاء مليئة بالمأكولات : هنا الطعام اعديه وتعالي !!



لن ادخل هناك سأنادي عليك وانت تخرج لتأخذها والا تركتها خارجا !



تكتف يديها امام صدرها وتقدم رجل وتحركها باطراد وهي ترفع ذقنها بتحدي .



يخرج مسرعا من المطبخ وهو يتمتم بأشياء لم تسمعها يبدو انه غاضب !!





تبدأ باخراج المأكولات من الاكياس و تفرغها في الصحون

ترتبها بنظام على سفرة كبيرة لن تقوى على حملها

اعدت اكواب و عصائر على سفرة اخرى اصغر وخرجت لتنادي عليه



اممم تنسمها للهواء النظيف ينعش روحها ويشعرها انها حية

لألىء صغيرة بعيدة تنير السماء بوهج يسعد من يراها

تضم يديها الى ذراعيها و تمسح عليهما فهناك نسمات باردة تخترقها

توجهت الى الباب المقصود لتدق عليه ثلاث مرات



فتح الباب لها وهو ينظر لها والى يدها الفارغة متسائلا بنظرة عينيه !



_ الطعام في الداخل احضره بنفسك

اعطته ظهرها وهمّت بالمشي ولكنه كان قد امسك عضدها بقوة

اغلق باب المجلس ودفعها امامه

توجها الى المطبخ وهو يأمرها : انا احمل الكبيرة وانت احملي الصغيرة الحقي بي هيا !!



هم ّ بحمل السفرة فيما تأففت هي وهي تنوي شرا له ولمن معه و وجهها ينبض حقدا و كرها تتمنى لو ان لديها سُم لكانت سكبته في الطعام !

تتجه الى غرفتها تختار وشاحا اسودا تضعه على رأسها وتلف الباقي منه على وجهها فتبقى متلثمة لا يظهر سوى عيناها

لم تدرِ أنّ عيناها هما قاتلتا من ينظر اليهما !!



خرجت من غرفتها توجهت الى المطبخ حملت السفرة وخرجت الى الغرفة الخارجية !



_ علي ... علي

صوتها العالي الحاد تنادي به عاليا لكي يخرج

ولكنه لم يفعل

لم تسمع سوى صوت مرعب تعرفه جيدا

_ ادخلي هنا !!

ابتلعت ريقها وهي تتسلح بالشجاعة وتذكر الله و تدفع الباب لِـــــتلِج للداخل

اصوات الرجال العالية في غرفة شبه مظلمة لا يضيئها الا لمبة صغيرة فوق رؤوس الثلاثة الذين

يتحلقون حول طاولة يلعبون الورق و فوق رؤوسهم سحابة كبيرة من الدخان

رائحة السجائر كادت تكتم على انفاسها

و رجلين جالسين متقابلين على مقعدين وبينهما طاولة صغيرة عليها زجاجات بيرة !



لأول مرة في حياتها تدخل لمكان مثل ذاك وحيدة و غريبة و بين رجال لا تعرفهم و تتمنى موتهم فهو الشيء الوحيد الذي سيخلصها منهم !



تتقدم قليلا بين الرجلين الجالسين والذي احدهما كان السيد

كان جالسا مسترخيا يرفع رجليه فوق الطاولة وبيده زجاجة بيرة

اما علي هو الاخر لم يختلف كثيرا عن سيده وهو يلقي بسفرة الطعام على الأرض و يجلس ليشرب ما تبقى من زجاجته !



الثلاثة الاخرين الذين كان حديثهم شبه عراك عمن يغش !



جسدها بدأ يرتعش وهي تشعر بعيون ملتصقة بها اربكتها

دارت في الغرفة دون ان تحاول النظر الى احدهم وهي تضع الاكواب ولكن تلك العينين اجبرتها على النظر عنوة

تشابكت النظرات

نظرة خائفة ك قط حوصر في زاوية

و نظرة محدقة و ابتسامة ملتوية و حاجب مرفوع بإعجاب !



تهمس داخلها : تباً له !




انهت مهمتها الصعبة و همت بالخروج متجاوزة ( علي )



ولكن اليدان اللتان امسكتا بخصرها بقوة و جذبتها نحوه جعلتها تطلق صرخة مدوية

جحظت عيناها وهي تبحث عن الخلاص من اياد عابثة

اجلسها على حجره وهي ترفس و تحاول الوقوف ولكنه كان قد نزع الغطاء عن فمها وهو ينظر اليه برغبة



يقرب فمه من اذنيها وهو يحبسها بين ذراعيه لديك شفتين مغريتين و لذيذتين

تخرج من جوفه همهمات اقرفتها وهي تحاول الفرار اممم اتعلمين مئات النساء سيلقين انفسهن في النار للحصول على شفاه و ثغر كثغرك !

اتركني ايها النجس والا ستندم



لم يكن احد حولهم مهتما بما يفعله بها علي

فقط تلك العيون التي ما زالت تحدق بها وهو يهم بإشعال سيجاره الكوبي !

و الاخرين الذين عَــلَى صراخهم في بعضهم البعض بسبب الورق و السُكر



بينما الاخر قد همّ بتقبيل مريم التي حررت يدا من قبضته وحاولت ان تبعد وجهه عنها وهي تصرخ بهم

ايها الانذال لستم رجال ، لستم رجال

لم يعبأ أحد ولم يهتم احد فالكل متفرج والكل متآمر !

اطلقت يدها للهواء وهي تبحث فيه عن شيء حتى وجدته

امسكت الزجاجة وانهالت بكل قوتها بها على رأسه حتى انفتح نصفين



هول الفاجعة الجمته وهو يرى الدماء تغرق عينيه ووجهه



ايتها الفاجرة الساقطة يالهي رأسي رأسي والدم يتقاطر بغزارة وهو يضع يده ليوقفه

اخذ يصرخ كالنساء في تلك الحجرة وهي قد تحررت منه



وقفت امامه وهي تحمل الزجاجة مكسورة الحواف وهي تهدده بأنها ستغرسها في بطنه هذه المرة : اقسم ان فعلتها مرة اخرى ستخرج من ظهرك ايها القذر

و للمرة الثانية الليلة تبصق على وجهه

بينما تعالت ضحكات اثنين من الرجال واحدهم يمسك على بطنه والاخر وقف بجانب علي ليرى وجهه الملوث بالدم وهو يحاول النظر اليه !

وهي لازالت واقفة يكاد الدم ينفجر من وجهها من شدة الغضب و اللوعة تشعر بأنها ستتقيأ في وجهه !

ولكن فجأة يدان تمسكان بها بقوة من ذراعيها ترفعانها عاليا وهي ترفس برجليها

اتركوني ايها الاوغاد اتركووووني

مجرمين سفاحين قتلة



خاااااااالد

حمووووووود



و دموع عينيها الساخنة التي الهبت خديها

ولكن تلك اليدان كانتا قد حملتاها خارجا

ينزلها فتقف امامه وهي تتنفس بصعوبة وصدرها يرتفع و ينخفض من هول الموقف

يطأطأ رأسه لمستواها وهو يحذرها : للمرة الاخيرة تؤذين علي ، يرفع يده ليربت على شعرها ما فاجأها وهي تتراجع بخطواتها و وجهها ينضح قرفا و اشمئزازا

تجمع كل ما فيها و لا يجد الا قطرات باردة تملأ وجهه !



اغمض عينيه لبرهة وهو يكاد يضحك بينما علي في الداخل يصرخ غضبا والثلاثة الاخرين يحاولون تضميد جرحه

فتح عينيه فلم يجدها امامه

وهي الاخرى التي ولجت للداخل وهي تصرخ

كلاااااب

مجانيييين

كلااااااااب

مجانييييييييييين

و يلحقه صوت تكسير الصحون و الاواني و الاكواب



لم تتوقف عن الصراخ



خاااااااالد حموووووووووووود

هائجة تائهة وحيدة

ثورتها كانت عاتية لم تكترث ستخرج كل ما بجوفها ستصرخ حتى تسقط ارضا



تبعها الى الداخل يشعر بقلق

لأول مرة يشعر بالتوتر و الحزن و الخوف !

يراها وهي تقف بين القطع المكسورة وهي تهذي باسم شقيقها ووجهها محمر و دموعها تنسكب كالشلال

بدت متعبة و تائهة



لكن القذائف التي بدأ يتلقاها وهي ترميها عليه وهو يحاول تجنبها ألجمته !

ايها القذر الخسيس قتلت اهلي و خطفت حمود

اين حمود اين هو

غااااضبة حتى الموت



توجه ناحيتها وهو ينوي اسكاتها فما عاد يحتمل تأنيب ضميره الذي استيقظ فجأة و سيسكته !

يضع يده على فمها يضغط عليه وهو يزبد و يرغي

ألن تصمتي ، بثورتك هذه لن تري الصغير طوال حياتك فهمتي

و اخاك لن تعرفي ابدا اين دُفن

وأنتِ لن تخرجي من هنا الا لقبرك



أفهمتِ ؟!! يصرخ عاليا فهمتي ؟!!



ولكن الرأس الذي كان متدليا على يده لم يكن يسمعُ شيئا !!



نهاية المشهد التاسع عشر .

حارس العذراء  # Land of Angels / مكتملة /حيث تعيش القصص. اكتشف الآن