⊱ خيط الروح ⊰
"انتظرتك حتى جعلتك حلالي. و الآن يجد قلبي السلام في حبك بالطريقة التي أرادها الله"
٭٭٭٭٭٭٭
سار في الشوارع بعد مغادرته منزل ايزاك حيث هواء المساء يبرد على جلده. أصابعه تداعب حبات مسبحته.
"سبحان الله و بحمده. سبحان الله و بحمده"
كرر ذلك لمئة مرة اقتداء بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم « مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ»
كرر مع الاستغفار مبعدا أي أفكار أو شكوك تسللت إلى قلبه.رغم أن ذهنه لم يكن هادئا كما بدا. لأن كلمات لارا لازالت تتردد في أفكاره، على الرغم من جهوده لرفضها.لكن ما أزعجه أكثر هو بذرة الشك التي حاولت زرعها في ذهنه بشأن أخته و صديقه.
هو يعرف أخته جيدا و يعرف قوة إيمانها و نقاء شخصيتها. لم تكن ميريام من النوع الذي يبتعد عن المسار الذي رسمه لها دينها. لأنها ثابتة، متدينة، و ملتزمة تماما بتعاليم الإسلام. و فكرة السماح لنفسها بالتورط في شيء غير لائق سخيفة بالنسبة له.
حتى أنه يعرف ايزاك جيدا، صحيح أنه رجل مسيحي لكنه شريف و محترم، و خلال هذه الفترة القصيرة دائما يعامل ميريام بأقصى درجات الاحترام. و هو متأكد أنه لن يتجاوز هذه الخطوط بتاتا.
لكن كلمات لارا سامة، مليئة بالحقد و الغيرة، و ظلت عالقة في زوايا عقله مثل ظلال لم يستطع طردها تماما.
هز رأسه محاولا تصفية أفكاره
"أستغفر الله.أستغفر الله"
كرر مرة يريد تبديد الشكوك.
ثم توقف للحظة متأملا محيطه.وجد نفسه واقفا على حافة حديقة صغيرة. الهواء ينبعث منه رائحة الصنوبر و الأرض مما جعله يقف ساكنا عيناه مغمضتان لبرهة وجيزة.
ترك الرائحة و الصمت يغمرانه، مركّزا على بساطة اللحظة و على الارتباط الذي شعر به بالأرض تحت قدميه و السماوات أعلاه. هذه طريقته لإيجاد التوازن، و موائمة أفكاره و عواطفه مع إيمانه. و الآن هو بحاجة إلى هذا التوازن أكثر من أي وقت مضى.
استأنف سيره أصابعه لا تزال تتحرك بثبات فوق المسبحة.
"يا الله اهدني و دعني احتفظ بأفكاري نقية، و احمني من همسات الشيطان"
أخرجه من عزلته صوت هاتفه و هو يهتز في جيبه، أخرجه بيد واحدة بينما ظلت يده الأخرى ممسكة بحبات التسبيح. جعله الاسم على الشاشة يرمش بدهشة "حلالي إن شاء الله" استغرب فاتحا الخط.
"السلام عليكم، ايسبيرانسا؟"
الرد الوحيد الذي أتاه هو صوت بكائها مكسور، لكنه ضربه بقوة مطرقة. ارتجف نبض قلبه في صدره، و توقفت حبات المسبحة عندما ضغط عليها في قبضته.
أنت تقرأ
مقيدة بإيمانها
Spiritualفي قلب رومانيا و بين دروب تعجّ بالهواجس، تلتقي ميريام الفتاة الجزائرية المسلمة ذات الإيمان العميق بايزاك الرجل المسيحي. شوق يولد بينهما و يتوهج في درب الحب الممنوع، حب لم يُكتب له اللقاء دون ألم إذ تقف الأديان و الجذور عائقا بين قلوب تهفو للاتحاد. ف...