18/فجر الروح المستفيق

1.7K 43 34
                                    

⊰فجر الروح المستفيق ⊱

" أدركت أن للقلوب مواسم، و أن مواسمي كلها قد أزهرت حين لامس نور اليقين أعماق روحي"

٭٭٭٭٭٭٭


كلمات كالسيف أُشهرت أمام قلبها مثل سهام مسمومة تغوص عميقا في أغوار روحها.كأنها حبيسة بين قسوة الحقيقة و مشاعر الارتباك و الحزن. فاختلطت في ذهنها الصور و تداخلت الأفكار. كيف يمكن أن يكون هذا صحيحا؟ لمَ لم يخبرها رائد أن الشرع يسمح للرجل بأكثر من زوجة؟ هل كان يخفي عنها رغد؟

بدأت أسئلتها تئن في صدرها تتزاحم و تحتدم، و لكنها في صمتها كموجة تهدر و تشتعل تتهالك فوق ركام مشاعرها. تلمست غدرا مؤلما في كلمات رغد و كأن هذه الكلمات قد هدمت عالمها الزاهي، و جعلت من الحب بين يديها أطلالا و سرابا تهب عليه رياح الحقيقة بلا رحمة.

نظرت رغد نحوها مبتسمة بشيء من الشماتة، و قالت بخبث موجهة كلماتها و كأنها تريد إحداث جرح أعمق

"أيامك معدودة أيتها الأجنبية"

بدت إسبيرانسا كأنها تغرق في محيط من الحزن، تبحث عن منقذ، تبحث عن كلمة، عن سبب و عن بريق يبرر. تذكرت وعوده و كلماته لها فهل كانت مجرد كلمات عابرة؟ و كيف لم يخبرها عن رخصة الزواج بأربعة؟

استمرت رغد في اطلاق سهام كلماتها الحادة تستمتع بتمزيق قلب غريمتها و إثارة الاضطراب في نفسها، كلماتها أشبه بجرح لا يكف عن النزف تنطقها بتلك اللهجة التي تتسم باللامبالاة، تريد أن تشهد دموعها بعين متلذذة، تراقب كيف تتهاوى حصون الأمل في نفسها حجرا تلو الآخر.

"رائد لم يكن لك، و لا تظني أن حلمكِ سينمو في أرض ليست لك. فأيامك هنا محدودة و لن تكوني إلا مجرد ظل زائل، أما أنا فسأكون الزوجة التي تعرف معنى الالتزام و التقوى"

فجأة تقدمت ميريام منها توبخها على السم الذي يطلقه لسانها

"ايسبي، لا تبالي بكلمات تافهة ترميها النفوس المريضة. أخي يحبك و هذه الكلمات ليست إلا حجارة طائشة لن تنال منك"

التفتت نحو رغد بنظرة يعلوها الاستياء لكنها حافظت على أدبها و أصالتها

"نحن هنا في بيت كريم، و أي كلمة تصدر منك هي انعكاس لما في قلبك. احذري أن تكون كلماتك سيفا مسموما"

الجدة مليكة بدا عليها الإنزعاج بعدما شرحت لهن ميريام ما قيل كون رغد تحدثت بالإنجليزية.لذا تدخلت محاولة أن تُلجم تلك النوايا العدوانية في كلمات رغد.

"من غير الحكمة أن نترك كلاما قاسيا يعكر صفاء نفوسنا. رائد قد اختار زوجته و ليس لك إلا أن تحترمي اختياره"

"رغد، لقد جاوزت الحد و إنني لأعجبُ كيف يتخذ المرء التقوى قناعا و هو يخفي في قلبه غُلاًّ لا يخفى، كيف تجرأت على النطق بهذه الكلمات التي تسمم منزلنا؟ أتدّعين التقوى و تقذفين بالحكم على الناس جِزافا؟ أخي لن يتزوج امرأة تحمل في قلبها غلا كهذا، لن يرضى بامرأة تتفاخر بتعاليها و تؤذي بلسانها من دون حساب"

مقيدة بإيمانهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن