⊰ رحيق التوبة⊱
"التوبةَ بابٌ عظيم، مفتاحهُ الإخلاص، عتبتهُ الرجاء، و طريقه صدق العودة إلى الله دون التواء أو زيف، فمن طهّرَ قلبه من أدرانِ الذنوب، ارتشف من رحيق المغفرة الذي لا ينضبُ"
٭٭٭٭٭٭٭
عيناه تفيض بالبِشر، و ملامحه تحكي فرحا لا تُخطئه العيون. لقد سمع للتو من ايزاك الخبر الذي جعله يشعر أن السماء انفتحت له بأبوابها، و أن الرحمة تفيض في كل صوب.لذا احتضنه يردد بصوت يتهدج بصدق المشاعر."يا أخي، إنّك اليوم تولد من جديد، فأهلا بك في درب الحق، الذي يفتح ذراعيه لمن أقبل بقلب صادق. و الله إنّها بداية لن تُنسيك ميراثك القديم فحسب، بل ستفتح لك أبوابا من الخير و البركة لا تتصورها"
التفت إلى الحاضرين يصيح بصوت عال
"يا إخوتي، بشّروا و لا تنفّروا، هذا أخونا في الإسلام. سيعلن شهادته الليلة، و سيبدأ أول صلاة تراويح له معنا"
تعالت الهتافات و الدعوات، كأنما الأرض تبارك خطى هذا الرجل، و السماء تبتسم فرحا بعودته إلى ربه.
"جزاكم الله خيرا، شكرا"
التفت مجددا نحو آصف نابسا
"أودّ أن أطلب منك أمرا آخر. أريد أن أحجّ إلى بيت الله الحرام، أن أرى الكعبة بعينيّ، أن أطوف حولها و أشرب من زمزم لأغسل قلبي من كل ذنب"
حينها وضع آصف يده على كتفه برفق
"حجك سيكون بإذن الله في حينه، لكن دعني أنصحك بشيء أعظم في هذه الأيام المباركة. قال النبي صلى الله عليه وسلم«عمرة في رمضان تقضي حجة معي» فإن اعتمرت في هذا الشهر الفضيل، فكأنما حججت مع النبي صلى الله عليه و سلم. و ما أعظم هذا الشرف، و ما أجمل هذه البداية. كما قال صلى الله عليه و سلم «من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» فانطلق مع الله بقلب خال من الذنوب، و ارفع كفيك بالرجاء"
لمعت عيناه و هو يسمع تلك الكلمات، كأنّها تسللت إلى أعماقه و لامست أوتار روحه.
"يا له من فضل عظيم.و الله إنني أشعر الآن بأن الله أهداني طريقا لا أبدل به شيئا، و إن كان آخر أمنياتي في الحياة أن أخطو تلك الخطوات المباركة"
"بإذن الله، كل خطوة تخطوها في هذا الطريق ستكون نورا لك في الدنيا و الآخرة. فلتكن الليلة بداية عهدك مع الله، ثم لتجعل عمرة رمضان عناقا بينك و بين الله، حيث لا تغادر الروح إلا و قد اغتسلت بكلّ قطرة من نهر رحمته"
وقف الاثنان في زاوية الساحة، حديثهما يملأ الأرجاء بدفء الإيمان. و بينما بدأت التكبيرات تُرفع إيذانا بوقت صلاة التراويح.
أنت تقرأ
مقيدة بإيمانها
Spiritualفي قلب رومانيا و بين دروب تعجّ بالهواجس، تلتقي ميريام الفتاة الجزائرية المسلمة ذات الإيمان العميق بايزاك الرجل المسيحي. شوق يولد بينهما و يتوهج في ظلال الحب الممنوع، حب لم يُكتب له اللقاء دون ألم إذ تقف الأديان و الجذور عائقا بين قلوب تهفو للاتحاد. ...