نَأتي إلى الدنيا ونحنُ سَواسية .. طفلُ الملوكِ كطفلِ الحاشية
ونغادِر الدنيا ونحن كما تَرى .. مُتشابهون على قُبورٍ حَافية.
-أبو العتاهية.
يأتي بعقله صور لا متناهية لمستقبله المجهول المشوش باهت الملامح، كان تيام يستعد لقفزته التي سيفارق بعدها الحياة للأبد، لاغيًا عقله وإيمانه، وبمدى حرمانية وعقوبة المنتحر، ولكن حالته لم تسمح له بالتفكير فيما سيلقاه، كل ما يشغل ذهنه والدته، هي الوحيدة التي تتردد كلماتها بعقله، كلماتٍ كالخنجر ولو أنها أشد منه.
كتم أنفاسه وها هو يميل بجسده للأمام، وإذ بيدٍ تمسك به لتلحقه، لا يعلم من جذبه ليقع على الأرض بالاتجاه المعاكس للمياه، نهض تيام ليرى من الذي فعل هذا ووجد شابًا يبدو أكبر منه بقليل، يوبخه معاتبًا بنبرةٍ كساها الذعر
"أنت اتجننت؟! عايز تنتحر !!"
لم يرد عليه تيام، جلس على الأرض وهو يمسك برأسه بين كفيه، مال عليه الشاب وقد شعر بالقلق تجاهه، كاد يفتح فمه ولكن تكلم تيام أخيرًا بنبرةٍ متعبة باكية
"أنا تعبت من كل حاجة، الدنيا كلها بتعاندني .. كل ما أفتح باب يتقفل في وشي عشرة، عامل زي اللي مكتوب عليه الذل لحد ما يموت."
جلس الشاب بجواره وهو يربت على كتفه ليهدئ من حالته المذرية الشاهدة للعيان، ثم سأله عن سبب تعاسته هذه
"إيه اللي حصل طيب وصلك لكدا؟ أنت عارف اللي بينتحر دا مصيره إيه في الآخرة؟"
استكفى تيام بالنظر له وعينيه الدامية تعبر عن حالته، بينما الآخر تابع حديثه مبتسمًا رغم ما به
"ربنا بعتني ليك علشان أنقذك، سبحان الله! أنا كنت ماشي عادي بوصل أوردرات أكل للناس وفجأة الموتوسيكل وقف لوحده... شايف اللي مركون هناك دا؟"
أشار على دراجته البخارية التي تميل على الرصيف ويتصاعد منها الدخان وكأنها تحترق، أومأ له تيام برأسه فتابع الجالس بجواره حديثه
"ركنت بعدها على جنب ووقفت على الرصيف هنا أكلم صاحبي وبعتله العنوان، يادوب قفلت معاه لقيتك عايز تاخد غطسين..!"
ضحك تيام رغم ما به ومسح عينيه، ابتسم الشاب عندما رآه يضحك أخيرًا، فلم يمنع رغبته القوية في السؤال عن سبب قراره للانتحار
"بس أنت ليه كنت هتعمل كدا؟ دا أنت لسه صغير وقدامك مشوار طويل."
أجابه تيام وهو ينظر للسيارات التي تسير أمامه ويجيبه "مشاكل والله .. وختمت بإن نتيجتي ظهرت ومش هلحق هندسة."
توقع تيام منه أن يواسيه أو حتى يعاتبه، ولكن ردة فعل الجالس معه كانت غريبة، ضحك .. بل قهقه عاليًا، مد يده ليصافح تيام وهو يقول له من بين ضحكاته
![](https://img.wattpad.com/cover/305692530-288-k117046.jpg)
أنت تقرأ
قمر والميم دال
Romantikمِن خَيبَتي أَسمَيتُكَ أَمانًا .. وَنَسيتُ بأن الثِقةِ بَينَنا تَنعَدِمَا يَا سَببْ قَهرةِ فُؤادِي وحَسرَتي .. أُذرِفُ كُل يَومٍ بَدلِ الدِّمُوعِ دَمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بدأت في ٢٥ مارس ٢٠٢٢ والنسخة ال...