20_يحفظ صورتها بذاكرته

4.5K 371 372
                                    

فَكَيفَ أَكتُمُ أَشوَاقِي وَبِي كَلَفٌ .. تَكَادُ مِن مَسِّهِ الأَحشَاءُ تَنشَعِبُ

أَصبَحتُ فِي الحُبِّ مَطْوِيًَّا عَلَى حُرَقٍ .. يَكَادُ أَيسَرُها بِالرُّوحِ يَنتَشِبُ.

-البارودي.

كانت صرخة سندس كالرعد الذي شق هدوء المنزل، دفعت قلب حمزة للنبض بجنون وهو يندفع نحو مصدر الصوت، خطواته الثقيلة ارتطمت بالأرض كأنها تدق طبول خطرٍ يقترب، وعيناه تتابعان المشهد بكل جزع، عندما وصل إلى غرفة والدته، وجد أمه ملقاة على الأرض، دماؤها تغطي يدها اليسرى، بينما وجهها الشاحب كان يخبره أن الوقت ينفذ.

اكتسحته موجة من الذعر، لكن عقله كان يقاوم الهلع الذي كان يملأه، لا يمكن أن يفقدها الآن، نظر بسرعة إلى سندس التي كانت واقفة جامدة كتمثال، وحثها على أن توقف أي مواصلة بالخارج، ثم نظر إلى أمه، أمسك بحجابٍ لها وبدأ يضغط بقوة على الجرح العميق في ساعدها ليحاول إيقاف النزيف.

وضع يده تحت رأسها، حاول أن يجعلها تتنفس، سرت قشعريرة قوية بجسده؛ فهو يفقد وعيه عند رؤيته لقطرة دم عابرة والآن هو مضطر لإسعاف والدته، كل شيء أصبح مشوشًا في هذه اللحظة.

رفعها بين ذراعيه، ثقل جسدها لم يكن شيئًا مقارنةً بثقل الخوف الذي يكتم أنفاسه، في الخارج، كانت سندس قد أوقفت سائق توك توك وتحركت نحو شقيقها تسانده.

كانت المسافة للمستشفى لا تتجاوز خمس دقائق، لكنها بدت كأنها أبدية، كل ثانية تمر كانت تأخذ جزءًا من روحه، وعينيه لا تفارقان والدته في محاولة يائسة للتأكد من أنها ما زالت على قيد الحياة، فصرخ على سندس بتوترٍ

"اسكتي وبطلي عياط!"

كل انعطاف في الطريق كان يزيد خوفه من أن يفقدها للأبد، وعندما توقفوا أمام باب الطوارئ، خرج يطلب النجدة.

في لحظةٍ تملؤها الفوضى، اجتمع طاقم التمريض بسرعة، حملوا والدته على نقالة وأسرعوا بها إلى غرفة الطوارئ كما لو كانوا يطاردون أنفاس الزمن، وقف حمزة أمام الباب المغلق، كانت نظراته تتنقل بسرعة بين الباب وأفراد الطاقم، يحاول اختراق السكون بتلك النظرة المليئة بالألم والرجاء.

كانت سندس على المقعد القريب، وجهها غارق بين يديها وصوت بكائها مكتوم، كان قلب حمزة يزداد ثقلًا، عقله لا يستطيع التخلص من فكرة أنه ربما تأخر في إنقاذها، وأنه ربما فقد الوقت الذي كان في متناول يده، لم تكف سندس عن البكاء مما زاد من اضطرابه، فلم يحتمل واندفع نحوها بنبرةٍ غاضبة

"يا سندس اسكتي!"

ردت عليه بصوتٍ متهدج مختنق بالبكاء "ماتزعقليش!!"

اقترب منها بخطوات سريعة، عينيه مشتعلة بالغضب، لكنه كان يحاول أن يحبس كل ذلك في كلماتٍ قاسية

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

قمر والميم دالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن