في هذه اللحظة..

539 56 152
                                    

فتحت مهيار باب غرفتها بقوة لتندفع من خلفه منفعلة الملامح عكس الدموع التي تنزل من عينيها بوهن ، تلتقط أنفاسها بصعوبة بسبب صعوبة الموقف التي هي فيه الآن..

صدت الباب من خلفها لكن يد ظهرت فجأة لتتمسك بمقبضه قبل أن ينغلق و لم يكن سوى أويس الذي دخل إلى الغرفة و هالة السخط تحيط به بينما يرمقها بأعين ثائرة متوعدة لتحني رأسها إلى الأسفل مخفية ملامحها و هي تبتلع ريقها مستجمعة شتات نفسها التي تمر بلحظة ضعف الآن بسبب نظرته ، لم تلمح عيناه يوما تنظر إليها بهذه الطريقة ، لطالما كانت لطيفة تشع حبا و لكنها الآن مخيفة تكاد تقتلها..

تقدم منها ببطئ لتتراجع هي أكثر ، إنفرجت شفتاه لتخرج نبرة صوته عاجزة مخالفة لهيئته تماما حيث قال بينما يرمقها بإنكسار و الدموع تهدد بالسقوط :

- ما الذي تفهوتي به قبل قليل على طاولة الغذاء يا سيدة ؟

أغمضت عينيها بقهر لتنزلق دموع أخرى من غير إرادتها ، تنهدت بسرعة ثم رفعت رأسها لتنظر إليه مردفة بثقة زائفة محاولة إخفاء ضعفها :

- لا أستطيع أن أراك مع أنثى أخرى تحت سقف واحد ، لذلك يجب أن ننفصل حتى تتزوج !

- ما هذا الهراء الذي تتفوهين به يا إمرأة ؟! من قال أنني سأتزوج أخرى من الأساس ؟!

- انا قلت ، بعد تفكير مطول لأتخذ هذا القرار !

- هل أنت تسمعين ما تقولينه يا مهيار ؟ أنا زوجك أويس يا مهيار ! كيف لك أن تقولي هذا ؟!

- لا تتوقع أنه كان سهل بالنسبة لي !

- لا يبدو لي أنه كان يصعب عليك الإبتعاد عني !

- بل هو كذلك ، لن تتصور مقدار الألم الذي أشعر به يهاجم قلبي بقسوة دون رحمة !

- لما إذا تحملينني معك هذا الألم الغير ضروري أو المنطقي ؟

- لن أكون أنانية و أحرمك من نعمة الأبوة !

- بل كوني كذلك في حبك لي يا مهيار !

إنفجرت باكية مرة أخرى لتنهار جالسة على ركبيتها أرضا لتشكل خصلات شعرها المجعدة ستار يخفي  ملامحها التألمة ، لم يسمح لها أن تكون وحدها هناك ليركع هو الآخر بالقرب منها مقاسما إياها حزنها بدموع صامتة و قلب متألم لرؤيتها بهذه الحالة ، سمع كلمتها المتقطعة تخرج بصوت مختنق لبكائها :

- لا أستطيع هذه المرة يا أويس ، و هل يهون علي فراقك ؟ لكنك لا تعلم نار الندم و الحسرة التي تحرقني في كل مرة أرى طفل بين يداك ، تأنيب الضمير يخطف النوم من عيناي كل ليلة عندما أضع رأسي على الوسادة ،  فأنا السبب في حرمانك من أن يكون لك طفل من صلبك يناديك أبي ، لا أقدر على العيش معك على حساب فرحتك ، أعشقك لدرجة أنني سأتخلى عنك في سبيل سعادتك  ..

مذكرات عاشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن