جلست رومي في حديقة المستشفى ترتشف قهوتها بهدوء، فكرت في علاقتها مع باديس التي سئمت منها وأخذت تُفكر في الكلام الذي ستقوله له لكي تُبتر هذه العلاقة بعدما اقتنعت بأنه يراوغ معها ولن يتقدم لها أبدا .. شردت بأفكارها وتسائلت باستغراب، هل تحبّه؟ أم أنه مجرد انبهار في البداية وتلاشى عندما تعرفت عليه؟ فلو كانت تحبه حقا لكانت تمسكت به رغم كل الظروف!! أقنعت نفسها بأنها كشفت حقيقة مشاعره اتجاهها عندما يغضب بمجرد فتح موضوع الخطوبة معه، فلم يكن ذلك المحب والمصرّ المستعد للتضحية لأجلها ويتقدم لها تحت كل الظروف لذلك اتخذت قرارا بأن تنفصل عنه.
لفظته من تفكيرها عندما تذكرت إسلام وكيف جرحته بكلامها بدلا من أن تشكره على نصيحته وإرشاده لها .. عضّت على شفتيها بغيظ وندم وشعرت بالغضب اتجاه نفسها على تصرفها الفظ معه .. لقد انتبهت له عندما كان ينظر إليها بنظرات عاشقة وأثناء حديثه معها شعرت بغيرته عليها، بل تأكدت من ذلك عندما لمحت علامات الخذلان والخيبة ترتسم على ملامحه عندما طلبت منه الإبتعاد عنها وعدم التدخل في حياتها .. نعتت نفسها بالغبية والحمقاء ومنذ ذلك الوقت وهو يحتل تفكيرها وفي كل مرة تتذكر ذلك ينهش الندم روحها.
****
في منزل المرحوم حمدي، قلقت هديل على والدتها التي ظلت في غرفتها ولم تخرج منها قط .. توجهت إليها وطرقت عدة طرقات على الباب قبل أن تفتحه وتدلف إلى الداخل .. وجدها تجلس على السرير الذي إفترشته بالصور التي تجمعها مع زوجها وأولادها وكانت السعادة بادية على وجوهم، كانت تحدق في تلك الصور وتنتحب بشدة وشهقاتها تتعالى شيئا فشيئا حتى بات صوتها يتقطع .. هرعت إليها هديل وإحتضنتها وأجهشت بالبكاء هي الأخرى قائلة: اهدي يا ماما بالله عليكي متعمليش في نفسك كده
صفية بألم: انا لحد دلوقتي مش مصدقة إنه خلاص سابنا و مابقاش موجود بينا
هديل: ده قضاء و قدر ربنا، انتي مش مؤمنة بالقضاء والقدر؟
صفية بنفي وهي تمسح عبراتها: استغفر الله يا بنتي أنا مؤمنة بقضاء ربنا و مش معترضة عليه خالص بس دي .. دي حاجة أقوى من طاقتي، يعني ازاي واحد يكون معاكي الصبح و بتفطروا سوا و بتهزروا و بعدين يطلع على الشغل و فجأة يجيك خبر انه عمل حادثة و لما تروحي المستشفى عشان تطمني عليه تلاقيه خلاص مات!
هديل بحزن: معاكي حق دي صدمة كبيرة اتعرضنالها بحياتنا و كانت نقطة تحول بالنسبالنا عشان حياتنا بقت حياة تانية خالص بعد اللي حصل بس احنا لازم نصبر ونحتسب، ربنا سبحانه وتعالى بيقول "وبَشّر الصّابِرين* الّذِينَ إذَا أصَابتهُم مُصِيبة قَالوا إنَّا للّٰهِ وإنّا إليهِ رَاجعُون" و بابا دلوقتي راح عند ربنا اللي أرحم بيه مننا ومن نفسه
صفية: ونعم بالله، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خير منها
مسحت هديل دموعها وقالت بجدية: فقدان بابا اعظم فقدان اتعرضناله بحياتنا و اكبر ألم عشناه و احنا مش هننساه ابدا و هيفضل دايما عايش معانا بس يا ماما احنا .. احنا لازم نسيب البيت و ننتقل عند أيمن وجودنا هنا لوحدنا ومفيش راجل معانا مش كويس
أنت تقرأ
في رحاب الإنتقام (مكتـملة)
Romanceهي طبيبة جرّاحة يتيمة الأب والأم، تعيش مع أختها الصغيرة، إتّهمها بأنّها متسبّبة في موت والده الذي تعرّض لحادثٍ ولم تجري له عملية فَكرَّس نفسه للإنتقام منها .. يا ترى هل فعلت ذلك حقا وعن قصد؟ وهل سيعفو عنها عندما يقع في حبّها أم ستبقى على قيد الإتهام...