الفصل الثامن

3.4K 78 0
                                    

وصل أيمن وأدم للمزرعة و توجها إلى السكن الجديد الخاص بهم، فقد كانت المرزعة تتكون من 3 شقق كبيرة و مفروشة مستقلة عن بعضها البعض .. شقة خاصة بالعمال الذين يعملون فيها والثانية خاصة بأيمن والثالثة إستقلت فيها عائلته .. فتحت صفية الباب واستقبلتهم بحفاوة، كانت على محياها إبتسامة باهتة وحزينة استطاع أن يلاحظها أيمن فأمر أخيه بالدخول وبعد ذلك سألها قائلا: ازاي لقيتي الشقة يا ماما ان شاء الله عجبتك!

صفية: اه عجبني جدا يا حبيبي أصلا اي حتة ببقى فيها معاكوا بتكون جنة

أيمن بنبرة حانية: عارف انها صعبة، ومش سهلة الإنسان يسيب بيته اللي كبر فيه و عاش فيه نص عمره وكل ذكرياته بس صدقيني يا امي هنبقى كويسين و مرتاحين و مبسوطين و بابا ربنا يرحمه مش هيفارقنا أبدا، و ربنا زي ما خلق الفراق خلق الصبر و العوض الجميل

صفية: سبحانه.. أنا مؤمنة بقضاءه و كل حاجة تيجي من عنده جميلة

قبّل جبينها واحتضنها قائلا: ربنا يديمك بحياتي يا ست الكل

صفية: وانت كمان يا حبيبي

تقدما إلى الداخل وإجتمع أيمن بإخوته وسألهم وهو يجول ببصره حول المكان: ايه يا ولاد عجبكم البيت ولا لا؟

هديل وأدم بإعجاب: جدااا

أيمن: طب لو عايزين تشيلو حاجة أو تزيدوا حاجة قولولي بس و أنا هتصرف

هديل بحب: ربنا يكرمك يا أحلى أخ في الدنيا، المكان جميل جدا و كفاية انك هتفضل جنبنا وقريب مننا ومش هنضطر نزورك وتزورنا ونوحشك وتوحشنا

أيمن: أنا من النهارده مش هبعد عنكو ولا ثانية

ثم تنهد وأضاف بنبرة حزينة: فعلا الإنسان مايحسش بالنعمة إلا لما يفقدها وأنا لما خسرت بابا ندمت على الأيام اللي ماجيتش فيها البيت ومافضلتش فيها معاه، ولو كنت عارف إنه هيسبني بدري كده كنت ماسبتهوش ولا ثانية وحدة

تحولت ملامح الجميع إلى الحزن وإنحنت رؤوسهم للأرض فختم كلامه: ربنا يرحمه و يجعل مأواه جنة الفردوس

ردّد الجميع معا: آمين يا رب.

أمضى بقية يومه رفقة عائلته، حيث ساعدهم في ترتيب الأغراض التي نقلوها من البيت القديم ثم أخذهم في نزهة قصيرة في أرجاء المزرعة، وأخيرا تناول العشاء رفقتهم ثم غادر إلى شقته لكي ينام.

إستلقى على سريره وأغمض عينيه لتعبر في ذهنه مشاهد الحديث الذي جرى بينه وبين تلك الطفلة الصغيرة زينة وكيف شعر بالأسى عليها ثم صدمته بأنها أخت الطبيبة التي يتعهد لها بالإنتقام .. فتح عينيه وهتف بحزن: البت زينة صعبت عليا أوي! يعني ولا بتعرف مامتها ولا أبوها! حاجة توجع القلب بجد!

ثمّ تذكّر كلامها وهي تعيد له أقوال أختها بهار، وبغض النظر عن الصراع القائم بينهما إلا أنه إعترف في قرارة نفسه أنّها إمرأة قوية ومكافِحة ومسؤولة، تقاوم للإستمرار في العيش رغم غياب والديها واعتنت بأختها ولازلت تعتني بها وتلعب معها دور الأم والأب معا .. وعلى ذكراها قفزت صورتها في مخيلته وهي ترتدي تلك المنامة الوردية التي رآها بها عندما اقتحم غرفتها في تلك الليلة، تذكر شعرها الأسود الطويل اللامع، ومظهرها الأنثوي الذي حرّك به مشاعر الإعجاب والإغراء، ونظرتها المتوسلة له لكي يكفّ عن العبث معها .. هاجمته تلك المشاعر المتناقضة مجددا ليقطعها صوت رنين هاتفه، نظر بإستغراب إلى الرقم الغير مسجل الذي يضيء به هاتفه وتسائل: هو مين ده اللي بيرن عليا في وقت متأخر كده!؟

في رحاب الإنتقام (مكتـملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن