الفصل الثامن وعشرون

3.3K 72 0
                                    

نامت بهار لعدة ساعات متواصلة وعندما استيقظت روادتها مشاعر غريبة، حيث نهضت من السرير وتوجهت إلى الخزانة و أخرجت عدة أقمصة لأيمن وجلست على الأريكة وقربتهم من أنفها واستنشقت عبيرهم بشغف، ثم تنهدت قائلة بتذمر: و الله هرمونات الحمل دي بتخلي الواحد يعمل حاجات غريبة! انا ليه عايزة أشم ريحته؟

في تلك اللحظة اقتحم أيمن الغرفة بدون إستئذان، فشهقت وأخفت أقمصته خلفها بسرعة وهي تنظر إليه بعينين متسعتين متوترتين .. كان قد لمحها عندما أبعدتهم عن أنفها وأخفتهم خلفها فلم يكتم إبتسامته التي ظهرت على ملامحه لكنه مثّل عدم رؤيتها وقال: انا اشتريت شوية فواكه حطيطهم في المطبخ لو عايزة تاكلي

أومأت له وهي تبعد تلك الأقمصة بيدها الموضوعة خلفها حتى وقعت على الأرض وبالتالي حينما تنهض من مكانها لن يراهم أيمن ولا يحس بشيء، وعندما تأكدت من سقوطهم نهضت وتوجهت إلى المطبخ بخطوات سريعة .. تقدم إلى مكانها ونظر إلى ملابسه الواقعة على الأرض وإبتسم ثم لحق بها إلى المطبخ،
وجدها تجلس على ركبتيها وتقلب في الأكياس بلهفة وكأنها تبحث عن فاكهة معينة! توقفت قليلا وهي تنظر إلى الكم الهائل من الفواكه المتنوعة وقالت في نفسها باستغراب: الراجل جاب كل الفواكه اللي بالبلد!

ثم واصلت بحثها وبعد لحظات توقفت وابتسمت عندما وجدت علبة شفافة تحتوي على حبات من الفراولة البريّة، أخذتها ونهضت وتركت الفواكه الأخرى وسألته: انت جايب كل ده ليه؟

أيمن بارتباك: اشتهيتهم

بهار وهي تشير لعلبة الفراولة: دي كمان اشتهيتها؟

أيمن بنبرة عابثة: ايوه دي أكتر فاكهة اشتهيتها و دورت عليها في كل حتة لحد ما لقيتها

فتحت العلبة وقربتها منه وقالت: اتفضل خد منها اللي عايزه

نظر لها بحنان وقال: لا، صحة و هناء أنا أكلت منها و انا ع الطريق

بهار بإبتسامة: طيب بتشكرك

قالت ذلك وغسلتهم ثم عادت إلى الغرفة لتتناولهم بهدوء.

****

بعد أسبوع

كان محمد في منزله يتأهب للخروج عندما سمع طرق الباب، توجه ليفتحه وتفاجئ قائلا: تسنيم !!

كانت فتاة بسنّه، محجبة، بيضاء البشرة ومتوسطة الطول وذات ملامح لطيفة ويدها اليسرى ملفوفة بجبيرة .. وكانت أخته من الرضاعة وإبنة تلك العائلة الكريمة التي ربّته وتكلفت به عندما كان عمره 11 سنة، وأخرجته من ذلك الميتم الذي تعذّب فيه طيلة فترة مكوثه هناك منذ أن فتح عينيه، حيث تركته والدته في المستشفى فور ولادتها به، وفي ذلك اليوم كانت السيدة سميرة قد ولدت إبنتها تسنيم في الغرفة المقابلة لغرفة والدة محمد، وغادرت هذه الأخيرة المستشفى وتركته وحيدا دون أن يلاحظها أحد، واكتشفت سميرة ذلك عندما سمعت صوت بكاءه المستمر دون إنقطاع فاستغربت ذلك و قامت لتتفقده هو ووالدته فوجدته بمفرده في الغرفة وحينها قامت بإرضاعه ثم علمت من الأطباء بأنها قد رحلت وتركته .. لم يبرح ذلك الطفل الصغير عقل سميرة قط حتى بعد مرور 10 سنوات، فطلبت من زوجها أن يبحث عنه وبعد بحث دام عام تقريبا وجده يعيش في ميتم في محافظة الفيوم فتكفّل به هو وزوجته وقاموا بتربيته وبرعايته ودرّسوه في أحسن المدارس، وأحبّهم محمد حبّا كبيرا كما لو أنهم عائلته الحقيقية

في رحاب الإنتقام (مكتـملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن