الفصل السادس

3.7K 80 0
                                    


قضى إسلام الليل كله مناوبًا في المستشفى، وعندما حلّ الصباح وإنتهى عمله قرّر أن يأخذ قسطًا من الراحة قبل أن يعود لمنزله .. ذهب إلى إحدى غرف العمليات الفارغة أين يوجد الهدوء التام وبعيدًا عن ضجيج المستشفى، دلف إلى الغرفة وإستلقى على السرير الطبّي .. أغمض عيناه لتقفز صورة رومي في ذهنه، وبدأ يستعيد موقفه السابق معها وكيف تجاهلها وكسر بخاطرها، ألمه فؤاده جدًا فتنهد بحزن وهتف: معلش يا إسلام أصل القرارات اللي بتوجعك هي اللي فيها مصلحتك، و دلوقتي ارتاح بقى و ريح دماغك علشان بقالك يومين مانمتش خالص

قال ذلك وغرق في النوم مباشرة لشدة إرهاقه.

كانت هذه الأخيرة تباشر عملها في قسم الإسعاف وفي وقت إستراحتها ذهبت لتطمئن عن صديقتها بهار .. وبينما تمشي في الردهة لمحت الطبيب فادي يُسرع عكس إتجاهها و باديا عليه الاستعجال، فساورها القلق واتجهت نحوه وسألته: فيه ايه يا دكتور و بتركض كده ليه؟

أجابها وهو يلتقط أنفاسه: مشغول جدا يا رومي و كمان نسيت ملف محتجاله في أوضة العمليات فوق واضطريت اسيب المرضى بتاعي و اروح اجيبه

رومي: طب قولي انهى أوضة بالضبط وارجع شغلك وأنا هجيبهولك

فادي بإمتنان: يا ريت والله يا رومي تسلمي .. هي الأوضة رقم ٧ و أنا تلاقيني في قسم الإنعاش

أومأت له وتوجهت إلى غرفة العمليات وتقدمت إلى الداخل، وقبل أن تضغط على زر الإنارة إنتبهت لخيال ذلك الشخص المستلقى على السرير الطبي فسحبت يدها من زر الإنارة وهي تشعر بالخوف .. لكن فضولها حثّها على الإقتراب منه ببطء وكشف هويته .. عندما وصلت إليه وجدته إسلام، كان نائما كالأطفال على ظهره و مربّع اليدين، إنحنت برأسها عليه تُحدّق في ملامحه، كان حنطي البشرة مستقيم الأنف، كثيف الحاجبين والأهداب، ذو ذقن خفيف .. إنه وسيم جدا، هكذا اعترفت لنفسها بعد أن رأت ملامحه بشكل قريب لأول مرة، فقد كان الحديث بينهما قليلا جدا و دوما حينما يتحدث معها يثبّت نظره في الأرض وهي الأخرى تفعل ذلك لشدة إستحياءها منه .. وضعت يدها على قلبها الذي نبض بقوة واستغربت ذلك الشعور الذي اجتاحها فجأة، ظلت تحدق به لمدة طويلة تحاول اكتشاف حقيقة ذلك الشعور .. وبطريقة لا إرادية تذكرت ملف فادي الذي نست أمره فأطلقت شهقة لا إرادية وهي على وضعيتها المقربة منه ليفتح إسلام عينيه مباشرة.
إلتقت عينيه القاتمة بعينيها العسلية في نظرة طويلة يحاول فيها إستيعاب ما يرى أمامه، هل هي حقا أمامه أم يحلم؟!

بعد أن عاد عقلها لرأسها أخيرا إبتعدت عنه وتنحنحت وقالت بتلعثم وقدميها ترتعش من شدة الإرتباك: انا.. انا.. آسفة.. انا جيت اخد الملف بتاع الدكتور فادي ولما شوفت حد نايم هنا قولت اشوف مين

إسلام بصوت رخيم: امبارح بالليل كنت مناوب و انا جيت هنا علشان ارتاح شوية

عندما أنهى جملته حاول القيام فأوقفته بيديها فورا وهتفت بسرعة: ابقى كمل نومك و انا بعتذر علشان صحيتك

في رحاب الإنتقام (مكتـملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن