الفصل الثالث
أتى الصباح خجولا ......ربما لعلمه بأنه تأخر .......
.
.
خرجت أمل إلى الشرفة لتجد عزيز يتناول فطوره متأخرا لليوم التالي على التوالي
(صباح الخير يبدو أنها أصبحت عادة ، استيقاظك متأخرا)
رفع رأسه ينظر إلى نشاطها بنظرة فاحصة لكنه انزل رأسه ولم يعلق
اكتفت بصمته وجلست مكانها تتناول فطورها ولم توجه له كلمة أخرى بينما تشعر بنظراته المراقبة
حالما أتمت فطورها أرجعت كرسيها بصرير مرتفع.......ولم تكد تتحرك خطوتان حتى ارتفع صوته لينادي باسمها
(أمل .......)
التفت دون كلمة بينما اكتفى هو بجملة واحدة ......شعرت بداخلها ينتفض لدى سماعها بخوف غريب
(لقد اتخذت قراري ..........)
(لقد اتخذت قراري..........)
رفعت رأسها تتطلع إلى وجهه تبحث عن نظرة عينيه لكنه أخفاهما عنها عندما أسدل جفنيه
"الانقباض بداخلها يزداد....... لسانها شل تنتظر كلمة أخرى يوضح ما قرره وهي تأمل وبشدة أن يكون الصواب رغم صعوبته لكنه الأفضل وهي دائما تتمنى له الأفضل.......حتى لو تأذى قلبها....... "
فجأة تعالى صوت سيارة رباعية قادمة على الطريق الترابية للمزرعة
وقبل تبين نوعها أو لمن هي قدم عامل مهرولا نحو مكان وقوف عزيز وأمل على الشرفة منبها بهوية القادم
(سيد عزيز سيد عزيز ......)
التفت عزيز إلى العامل حاجبا أمل خلفه
(ما الأمر عم سالم...؟)
استرسل العامل أكثر
(إنها سيارة درك سيدي )
لتتساءل أمل بتوجس وقلق
(ولما يأتي رجال الدرك إلى المزرعة)
لم يجب و إنما عاود سؤال العامل
(هل حدث شيء هذا الصباح في المزرعة و لا اعرفه؟ )
(سيد عزيز....... لم تحصل أي مشاكل)
أشار له بيده يصرفه
(لا باس اذهب أنت الآن)
ليعاود مناداته ناده قبل أن يغادر
(يا عم سالم ...... لا أريد لأحد أن يتكلم ولمن سأل إنها زيارة ودية )
تم التفت إليها ليطالعه الخوف في عينيها والشحوب و قد كسا ملامح وجهها الجميلة ينقل مشاعرها إليه
فتقدمت لتقف بجواره يديها أمسكتا بذراعه بتلقائية تشد عليه تتردد بنظراتها بينه وبين السيارة التي توقفت على بعض خطوات منهما مثيرة موجة من الغبار قبل أن يطل راكبيها بنظراتهما المتجهمة
"خوف نسج خيوطه في دوامة شملتها كلها .....وانقباضه قلبها ألمتها بنغزة موجعة فارتعش جسدها بقوة .....فارتعش قلبه لرعشتها......"
امسك بيدها على ذراعه يشد عليها بقوة وبصوت واثق همس في أذنها
(اهدئي..... )
" تهدأ كيف يريدها أن تهدأ....لا تعلم لما ولكن هاجس خفي ينبئها .....وربما حاستها السادسة ولكن كانت فكرة واحدة ووحيدة تتشكل في دماغها .......هل يعقل أن تكون فدوى "
لم تدر أنها نطقتها بصوت مسموع لأذنيه إلى حين التفت لها بسرعة لتسمع جوابه الخافت
(لا أدري... )
قاطعته بسرعة وهي تمشط وجهه وملامحه لتكتشف اثر كلماته عليه
(ولكن أنت كنت .........اعني قررت... )
إلا أن لا الزمان ولا المكان مناسبين لتتمة السؤال مع وصول الدر كيين يلقيان السلام
بينما تكلم احدهما متمما
(عزيز العمري؟ )
هز رأسه بهدوء وصوت واثق النبرات
(أنا هو ......هل من مشكلة؟ )
تكلم الأخر وهو يخرج ورقة رسمية من حقيبة يحملها بيده
(لدينا استدعاء يخصك للبحث في شكاية ورد فيها اسمك)
تسائل برفعة حاجب
(وهل يمكنني معرفة موضوع الشكاية)
هز الدركي رأسه نفيا
(لا داعي للعجلة سيد عزيز يجب أن تذهب إلى المركز الآن وبعدها مباشرة ستعرف فنحن لا نملك صلاحية إخبارك )
(عزيـــــــــــز...... )
"أتت الصرخة من خلفه وقد بان اثر الصدمة جليا في صوتها مما يوضح سماعها لجملة الدركي الأخيرة"
رأته أمل يغلق عينيه ويرص على أسنانه بضيق و قلة حيلة ، فالتفت إلى عالية ليكلمها وأمل دفعة واحدة
(لم يحدث شيء..... سأذهب الآن لأعرف ما يحصل ، فلا داعي للجلبة ، اخبرا علي فقط هو سيتصرف )
(ولكن يا أخي .....)
رفع يده نحوها ليقاطعها بينما ملامحه تزداد اكفهرارا وعينيه تنبئان ببوادر فقدان أعصابه
(ولا كلمة عالية افعلا ما قلته فقط )
( لا.......)
مسح على رأسه ووجهه
( أمل ...)
هزت رأسها بعناد تقاطعه
(قلت لا يعني لا ، لن أتحرك من هنا إلى معك ...)
شد على ذراعها يقربها منه عل التواصل بينهما يفهمها مادامت الكلمات لم تنفع
(أمل هذا ليس وقت الجدال مركز رجال الدرك ليس مكانا للفسحة ، ثم نحن هنا في القرية وليس المدينة والفتاة المحترمة لا تذهب إلى مراكز الشرطة )
نظرت إليه بإصرار وتحدي اكبر
(هل ستأخذنني معك ، أم ألحقك بطريقتي )
"نفخ بقلة حيلة وصبر ماذا سيفعل مع هذه العنيدة "
(صبرني يا رب.......)
قاطعه الدركي بصوت مرتفع
(هل سيدوم حديثكم طويلا ، يجب ان توقع سيد عزيز باستلام الاستدعاء )
.
بعد نصف ساعة كان
يسوق السيارة في الطريق إلى مركز القرية حيث يوجد مقر قوات رجال الدرك ترافقه أمل التي أصرت وبعناد شديد على مرافقته رغم رفضه الأشد ، لقد حاول وبصعوبة تهدئة عالية حتى تسيطر على نفسها...... الموضوع لا يحتاج إلى شوشرة أكثر وفي البادية مؤكد أن قدوم رجال الدرك سيثير تساؤل الناس...... ولا يريد أن يصل الموضوع إلى والديه من احد غيره ربما تأخر لكن يفضل أن يتحدث معهما بنفسه ليشرح ما حصل ربما التمسا له العذر وسامحاه......يأمل فعلا في العذر والسماح .....
التفت إلى أمل الشاردة بنظراتها إلى خارج النافذة .... نظر إلى يديها في حجرهما تطرق بأصابعها باستمرار كعادتها دائما عندما تتوتر.......لم تكلمه منذ ركوبهما السيارة ......هذه الصغيرة تفاجئه ......أحيانا يشك بمشاعرها هي أيضا فيتجدد له الأمل في حبها ........لكن يعود ويتذكر حديثها فيعود إلى وأده مرة أخرى .....وأخرى
عاود محاولة التركيز على السياقة بينما فكره يجره إلى
ذكرى واحدة تتردد عليه منذ قدوم الدر كيين ......ذكرى عيد ميلاده الأخير من حوالي شهر وعشرة أيام أربعين يوما كاملة بين الحدثين ........وشتان بين الحدث الأول والثاني