الخاتمةبعد سنة كاملة
تدور دورة الحياة مرة تلو الأخرى
تمضي السنون بأيامها ولياليها
ساعاتها وثوانيها
لكن لكل بداية نهاية
وكثيرا ما تكون نهاية قصتنا بداية لأخرى جديدة
فمن الأصل تنبث الفروع
لتتطاول وتتشابك
نتقدم بخطى تلو خطى
هدفنا واحد
نحقق الغاية لنيل الرضا
.
.
.
في ليلة ربيعية تتلألأ النجوم المتفرقة في عنان السماء لتنير قلوب الأحبة بمصابيح مضيئة
لتلقي بتوهجها على أرجوحة معلقة على نفس الشجرة الصديقة بذكرياتها السابقة
حيث يضم فهد جسد فدوى الرقيق بين ذراعيه وقد استكان الكيان الأنثوي على ركبتيه في أرجحة رتيبة
تنساب برقة مع تلاعب نسمات الليل الربيعي المنعش وقد عم السكون الهادئ بأمان النفوس المحلقة
حين انبعث صوتها بخفة ينطق بهمس رقيق من بين طيات قميصه حيث تراخى رأسها على صدره
(أتذكر أول مرة لنا على نفس الأرجوحة )
همهم بهدوء وذكريات الماضي البعيد تبدو ضبابية وقد فقد عمق الجرح توهجه وخبا مع حب أشعلت جذوته وفاضته حواسه وألهبت مشاعره فدواه بصفاء فعل ودفاء قلب طوال سنة ماضية
فامتدت يده الحرة يحيطها خذها وترفع وجهها إليه لتتلاقى العينان في تماس وتواصل تام
تستطلعان نفس التقاسيم الأنثوية الفاتنة والشعر وقد استطال قليلا والعينان بنظرة العشق الساحرة
فتطالعه صورته في عيناها فتذوب نظرته مع العشق الناطق بصخب بين ترانيم سحرها
لينطلق لسانها في استفاضة باعتراف مسهب دون انتظار جوابه
(لطالما تمنيت لو قص لساني قبل النطق ساعتها .......دعيت بعدها دائما .....أن تعود لي ....... تشعر بي ... تغفر زلاتي ....وتكون فرصتي الوحيدة لك أو لا احد ....تمنيت لو استطعت العودة بالزمن لضبطتها مع لحظة تضمني فيها بين ذراعيك ....تزرعني بين ضلعيك .....اغمر وجهي بين حنايا صدرك ....أتنفس عشقا وأذوب حبا لأكون آمنة وقوية بك ومعك ....)
لتخطفها نظرة قاتمة ازدانت عينيه
فتكمل بمشاكسة متلاعبة وهي تزم شفتيها
(لكن لساني الغبي لا يكف وكل مرة يقذف حمما تكويني وتكوي غيري)
قهقه ضحكا يجر خصلاتها ويقربها إليه
(اعترف .....لسانك ملتوي....فما باله ينطق دررا الليلة )
ازدانت قسماتها بحمرة لذيذة لتمسك يده تجرها من على كتفها نزولا ومرورا بصدرها تبتسم بشقاوة مع تشنج أصابعه مع رحلتها المتعمدة
لتستقر أخيرا على بطنها المسطح تحرك أناملها بنعومة في استدارة مكررة
حين فغر فاه ذاهلا
ينفض عن رأسه الاشتعال المتفجر في داخله من حركاتها المغرية
وتلميحاتها المبطنة تجره بفرحة وليدة
فهمس بخفوت
( ماذا يعني هذا ؟)
هزت رأسها بتأكيد دون نطق
لتفاجأ بوقوفه السريع حتى كاد يوقعها أرضا لولا إمساكه إياها في أخر لحظة ليضمها بشدة
فتستشعر نبضات قلبه تتزايد بارتفاع مهول
منذ زفافهما الصغير بفترة قصيرة بعد انفلات عقال مشاعرهما ذلك يوم
أبدى رغبته في الانتظار فترة يثبتان فيها أسس حياتهما
ويبنيان أركان حاضر ومستقبل بعيدا عن أخطاء الماضي بصفحة جديدة
وكان حلمها يتحقق بارتباط القلب ، الروح الجسد باتحاد متكامل وبتمرة حبها صبيا يشبه
وسعت للحظة ترى فيها فرحة بخبر استشعرت أمانيه سماعه دون قول مسبق ولا تلميح
وهي ترى الآن الشعاع المنطلق بالفرحة الغامرة من على محياه
ونبضاته وذراعية المتشددة حولها وارتفاع صوته المنشرح مؤكدا
(أنت حامل........ابننا سيصل قريبا )
لم يخب ظنها أبدا
(اجل ابننا ........بعد 7 اشهر إن شاء الله )
لم يصدق مدى روعة الكلمة ولا لذة حلاوة نطقها ليكرر بهمس متلذذ " ابني ..ابني .....فهد الصغير قادم ....."
فيحملها بين ذراعيه يدور بها ويدور
ومع دورانهما تتلاقى الشفاه بقبلة تهنئة فتتراخى الأجساد لتعود باستقرار جلستها إلى نفس الأرجوحة
لكن هذه المرة لا أظن أنها ستنتهي قريبا كالمرة السابقة
ما رأيك أنت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
.
.
.
في مساء ربيعي أخر
زين السماء نجم قمري مضيء
أضفى توهج صفائه بالنفوس
لتداعبها الفرحة المنتظرة لعام كامل
أمل القلب قررت واستقرت فوفت الوعد والدين
على أن يتم الانتظار سنة كاملة لحفل الزفاف
سنة اختبارات دراسية وامتحان درس الحياة
خطت إلى بيت المزرعة بعد رحيل أخر المدعوين لحفل الزفاف
وقد غادر العروسين باستعجال متلهف من عزيز منذ ساعة ليلحقا بطائرة تحملهما في رحلة شهر العسل
تتذكر نظرات عيون والديها وعمتها من بعيد تبارك توهج السعادة والغبطة على القسمات
فابنهما المجنون وقد قرت عينه و لهف قلبه أخيرا بمهجته فتقاسمه حياته
تباطأت عالية في خطواتها تتهادى في قفطانها الأحمر الطويل
تحمل بين ذراعيها صغيرا شقيا تغالب نفسها مع قفزاته المتكررة في الإفلات من حملها
لتعاتبه بعبوس طفيف فيكافئها بعادته عند الانزعاج بعضة لخدها
آنت بتأوه وهي تشتم بصوت منخفض
حين تعالت من خلفها ضحكات رجولية مستمتعة
فالتفت ترشقه بنظرات مقهورة لتكافئه بغيض
(اجل من شبه خاله فما ظلم )
اقترب أكثر بخطوات بطيئة يأسرها بنظرة عين مفكرة ليخطفه من بين يديها
سارقا قبلته بخفة من على الأثر الأحمر على خذها
هامسا قرب وجهها المحتقن بصوت أجش
(حبيب خاله ......يجيد العقاب)
ثم غمز لها بمكر .......لتتسع عيناها بقهر متزايد من معاني نظراته المتوعدة وتجيبه بنفي
(في أحلامك..... )
اقترب أكثر بينما هي تذوي خجلا من انفعالها النموذجي بتهور متأصل ....
أنفاسه تكاد تحرقها بلهيب متفجر وصوت تنفسه يستنشق رائحة شعرها بتلذذ معذب يستمتع بارتعاشها المفضوح ....
فيهمس وصوته المبحوح يعكس خيالاته المتأججة في كلماته
(اممم.... أحلامي .....لو تعلمين ما تنالينه مني في أحلامي لما تجرأت على رمي توعدك في وجهي عاليتي المتلاعبة .....لا يصبرني إلا قرب واقع تنفيذها ولم يبق على تحقيقها سوى 3 اشهر ......يبدو أن صيف هذا العام..... سيكون مشتعلا ....محرقا ......واعدك عضاضا جداااااا )
وتركها في وقفتها المتشنجة ترتجف من الوعد الرجولي
ليتقدم بخطواته بينما تسمرت قدماها على الأرض
ترفضان الانصياع لأوامرها بوجوب التحرك
هيا عالية تحركي لا تدعيه يلمح ضعفك وتأثرك
لا تكوني أنثى ضعيفة ......متشوقة جدا
تم يلتفت برشاقة يتلاعب بالسؤال وحاجبيه يناوران في حركة استفزازية تتلاءم مع نظرة عيناه البراقتان
(لم تخبريني أيهما ألذ....... عضة حبيب خاله أم.........؟)
لم ينقذها من تتمة جملته إلا صوت خطوات علي تسبقها كلماته المستفسرة مع ابتسامته المستمتعة
(ما الذي تسمعه لأختي حسن انظر إليها المسكينة انقلبت حمراء كتوتة برية ...رجاءا اعطني ابني وانهيا حرب الكلام بينكما بعيدا عن مسامعه البريئة.....فأمه تطالب وشقيقته تشاكس وترفض النوم إلا بعد حضوره......لطالما استغربت تصرفات التوأم .....الآن بت متأكدا أنها جينات فرعية في العائلة )
هربت من أمامهما تلاحقها الرنات الضاحكة باستمتاع على حرجها
لتدخل أول باب لمحته ناظريها أمامها
تغلقه خلفها و تستند عليه بينما يدها تستقر على صدرها لعلها تسكن جنون الخافق بتسارع.......وابتسامة مسرورة تعتلي شفتيها بانفراجة متلذذة
حين أتتها طرقة خافتة من على الباب
لتسمع صوته يهمس لها بخفوت
(هل هي صدفة أم متعمدة انك اخترت غرفة المكتب بالذات .....)
زجرته بخفوت
(حسن )
ليأتيها صوته يجيب بشوق
(يا روح حسن )
كررت اسمه بذوي غير مسموع
(حسن )
لكن همستها وصلت قلبه....ليطالبها برجاء ملح
(افتحي الباب عالية....)
تحركت اليدان على أكرة الباب في نفس اللحظة لتسمع احدهم ينادي باسمه
فتتحرك خطواته بتردد واضح
أنزلت جفنيها تحجب نظراتها عن واقعها لتتراءى لها خيالات لقاء سابق
لتبدو أمامها فتعيش مع ذكرى تحييها تلميحاته الماكرة مرة بعد مرة
"هنا ذات ليلة
منذ سنة
بعد حضوره المفاجئ
ونظرته المتوعدة
في نفس الغرفة
حين انقلب حوارهما المشحون
بين إصرارها على رفض تدخلات حماتها المتطرفة في حياة أخيها وزوجته وحياتهما أيضا لتبث سمومها بدهاء ماكر
ومطالبته بإصرار صارم بوجوب الاحترام لأمه تم الاحترام فالاحترام
ولا داعي للنفور في التعامل معها مهما أخطأت
إلى عراك جسدي وقد انتفضت من أمامه تغادر الغرفة حين لفها بين ذراعيه يرفعها عاليا
وبنية شريرة قرأتها في عينيه كان يخفض وجهها نحو شفتيه "
ارتسمت بسمة مفاجأة على شفتيها تتذكر جنونها لحظتها حين لفتتها لمعتهما كقبس من نور لتتصرف بتهور تلقائي
فتصيب جبهتها قصبة انفه بتعمد ليتأوه بألم مباغت
دون أن يفلت جسدها من قيد ذراعيه
بل شدد من ضغطهما عليها يحبس يديها أيضا ويكمم حركتها تماما
ليقربها إليه أكثر وبدل أن تحط شفتاه ارتسم اثر زوج أسنانه على أسفل عنقها
فيسمع بعدها صوت أنة تأوهها هذه المرة"
ارتفع وجيب قلبها مجددا
مع حرارة الذكرى
فقد تسمر كلاهما حينها كمصابين بصعقة كهربائية صدمت الاثنين
لا يتحرك فيهما إلا نظرات أعين وأنفاس تتلاحق بزفرات مشتعلة
تطالعها نظرة قاتمة كذهب اسود يلمع من فرط ما اعتمل في جسده لحظتها
وبريق فاضح ارتسم على محياها ينبئ ببماذا لم تعلم ؟؟؟
أكان تلهفا .....اشتياقا ........فضولا .....لم تعلم ؟؟؟؟
فقد خفض ذراعيه من حولها حينها يفك قيدها
وبصوت سمعته مهتز الثبات يدعوها إلى المغادرة
(عالية اذهبي ......اذهبي )"
لكنه لم ينس ويبدو انه استعاد ثباته وحزمه بعدها ليراسلها مطالبا باحترام والدته مجددا
ومازال سؤال فضولها معلقا إلى الساعة إلا من تلميحاته وتوعده المتكرر
لكن يبدو انه سيجيبها تفصيلا بعد اشهر كما وعد من دقائق
نفضت رأسها عن جنونهما مفكرة في حاضرها لتهمس باستغراب
صحيح لم أر والدته الليلة .........غريب كيف تغيب عن حفلة عائلية .......هناك أمر مجهول يحصل .....فقد بات حضورها مؤخرا قليلا بشكل مريب "
لتهز كتفيها حمدا
وتتحرك إلى الباب تفتحه وبنظرات استكشافية تبينت عدم وجود حسنها في نطاق ردا رها الكاشف
لتهرول بأقصى طاقة إلى غرفتها
فتنتهي معركتهما لليلة ...........
إلى حين
.
.
.
على ارتفاع أميال وأميال من الأرض
كانت الطائرة السياحية تنقل ركابها إلى باريس
عاصمة العشق والعشاق
وبنظرات متلصصة رصدت نوم قعود الكراسي المجاورة
رفع الأنامل الرقيقة المحتجزة في كفه الضخم يقربها من شفتيه يبثها قبلا
همست برقة
( عزيز توقف نحن في الطائرة ......)
اقترب ليجيبه بنفس مرتعش وصوته الأجش يؤكد صدق الوعد
( تأكدي بعد وصولنا لن أرحمك....... هذه المرة لا مهرب كما غافلتني بدهاء تلك الليلة )
قهقهت بخفوت لتتلاعب بأفكاره بمكر
( أتعلم أنا الليلة سعيدة جداااااا)
غمغم بمشاكسة
( مؤكد مثلي ...فقد تزوجنا أخيرا)
هزت كتفيها بنعومة لتغالطه القول
( ليس هذا فقط ..........بل لأن اعز إنسانة لدي حضرته وأسعدتني بقدومها ....فأحسست أنها بداية الخروج من قوقعة انغلاقها )
تسائل بفضول
(من ؟؟؟؟؟؟)
لتجيبه وهي تتذكر القامة الأنثوية والوجه البيضاوي المميز
يفتقد لمعة العيون المتلألئة
(هند )
.
.
هند .......
صرخة مكتومة ندت من حلق رجالي بصوت مبحوح
لكائنه أمضى كابوسه في سباق فتاك يلاحق طيفا يناديه بدون كلل ولا ملل إلا أن صوته لم يلق استجابة ولا جوابا إلا صداه
يحيطه ويعذبه بفعل دون استجابة
كابوس خمد لزمن
لكن ..... ريح مفاجئة هبت فجأة فأشعلت توهجه الليلة
استيقظ يجلس متوثبا على سريره الواسع
لتطالعه ملامح معذبة
فالوجه الأسمر يلمع بتوهج تكسوه درر العرق المتفصد من أعلى جبينه كشلال منهمر من ينبوعه الأصلي فترتحل على جبينه تشق طرقها على ملامحه مكملة إلى أعلى صدره وكتفيه
وشعره الأشقر المجعد وقد التصق بفروة رأسه
إلا عيناه ........بركتان عسليتين متألقتين بنظرة غامضة بمعانيها وعصية الفهم حتى عليه
أشاح غطاء السرير يرميه من عليه
يتجه إلى الحاسوب الذي يعتلي الطاولة الجانبية الصغيرة أقصى يمين غرفته
بضربات سريعة خطت أنامله كلمات مقتضبة وبقي ثوان قليلة فقط ينتظر الرد
حين وصله الجواب بسؤال واحد وبقدر انتظاره كانت الخشية
(ماذا قررت ؟)
لكن عزمه تجدد ليجيب بهدوء حروف تنطق بحزم وعزيمة
(سأحارب........ لن اجبن مجددا.......لن استسلم ولن تكل جهودي إلى أن تسامحني )
ليصله السؤال الفيصل
(ماذا تنتظر إذا ؟)
وقف من مكانه دون جواب
يتجه بخطواته إلى النافدة يفتحها
وجسده الرجولي لا يكسوه إلا سروال بيتي قطني وقد بقي الجدع الأعلى عاريا
فتضربه رياح الفجر بقوة منعشة تسلطه بالا دارك والتحفز
وذكرى عينين نجلاوين تغشيان ببرودة وتحجر
في لقاء صدفة لتشيح العينان عنه باستعلاء دون أن يرف لهما جفن
هز رأسه ينفض ذكرى مغادرته المكان باستعجال
وأي مكان
بيت المزرعة العائلي
حيث أقيم حفل زفاف أمل وعزيز
مباشرة بعد تهنئة الزوجين باستغراب من العروس ونظرة متحفزة من العريس
في صدفة لم يتوقعها بحياته كلها
وهو يرافق والدته لتهنئة الزوجين براية بيضاء لصفحة جديدة
هز رأسه ينفض الأفكار المتداخلة
ويشيح بجبنه جانبا ليهمس لنفسه بعزم"انتظر فصول جديدة اسطرها أنا هذه المرة كما شاء........فقط لأرى العينان تبرقان سعادة مجدادااااااااااااااااا"
نهاية الرواية