الفصل الثامن
بعد لحظات كان الأطراف يغادرون المركز يخطون نحو الباب بفرصة جديدة وامل جديد
عندما تفاجأ الكل بالحارس يلقى ارضا وصدى لكمة قوية لفكه يتردد بارتجاج من رجل وصل غضبه مداه يهدر بصوت عالي وكلمات متوعدة
(ايها الحقير تتجاسر على حرمة بيتي في غيابي...سأريك ...سأريك )
ليعاود الانقضاض عليه مجددا قبل ان يستفيق اي منهم من مفاجأته
لتهدر رقية من خلفه بإنهاك وصوت لاهث
( فهد أوقفه بالله عليك أوقفه...)
حين انتفض البقية نحو فارق الذي امسك بخناق الرجل يابى عتقه وقد تشبت به بقوة رجل مقهور تمنح قبضته قوة وليونة الفولاذ
سعى فهد الى الفصل بينهما قبل ان ينضم اليه عزيز وعلي يساندونه على فاروق الثائر
وقد مرت لحظات قبل الفصل بينهما
بينما فاروق يلهث لاستعادة أنفاسه وقف الحارس يمسح وجهه الدامي ليتطلع بتشفي الى فاروق وفهد وفدوى المرتجفة في الخلف
(أتظنان أنكما هكذا تحسنان صورتها ....او سمعتها .....من قد يرغب بها او يقبل الزواج بها بعد هذا ؟)
(أنا)
نطقت الأنا بصوت واثق تابت النبرات ....أذهلت الجميع حتى هو نفسه
إلا أنها كانت السبب في عودة الأمل إلى أخر بابتسامة واسعة ترتسم على شفتيه
.
.
.
.
في اليوم التالي مساءا
زينت مزرعة فاروق ورقية بمصابيح ملونة وذهبية تتلألأ في سماء القرية .....تعلن عن فرح في قلب البيت الصغير ولد بعد مخاض عسير دام لأيام مرت على اصحابها بتقلبات كبيرة هزت قلوب وحيرت عقول .......وخيمة افراح صغيرة نصبت لإستقبال وفود الرجال المدعوين ...بينما النساء تراصصن في صالة البيت الكبيرة بحلقة دائرية يتغنين بأهازيج وأغاني شعبية حول العروس التي توجت عرشها الأخضر منفردة تنتظر كلمة مباركة من الشيخ عن عقد قران اصر فهد وبإلحاح شديد على ان يتم بكل مظاهر الاحتفال التقليدية في ظرف 24 ساعة بعد قنبلته المتفجرة ......على ان يتم الزفاف الموعود بعدها بشهربينما رقية ومريم وقفتا قريبا منها تتأملان جمالها الفاتن وقد بدت الليلة متوجة ومتألقة بفتنة طاغية وقفطانها المغربي الأخضر عانق جسدها بتفصيلة جميلة تضم صدرها من الأعلى بحزام ذهبي عريض لينزل باسترسال ناعم الى أسفل قدميها محيطا بها بالق اخضر يشع حولها وقد تكوم شعرها القصير بتسريحة أنيقة لينسدل الخمار الشفاف من أعلى رأسها مخفيا وجهها بانتظار العريس لكشف عن مفاجأته... تراقبانها بسعادة حلم تحقق أخيرا .....ولو بعد حين ....وقد كان الحين فاجعا .....
"جلست فدوى مكانها والخجل والرهبة من كل ما يحيط بها ....والتطورات التي توالت من صباح أمس الي الساعة تلفها بدوامة ضبابية .... ....تشعر بان ثقلا كبيرا انزاح عن صدرها ....لكن توجس رهيب يخبرها ان البهجة التي تعيشها قد لا تستمر وردية الى الأبد ..... تخاف من تبعات كذبها .....
تخاف وخوفها من الفهد اكبر همها وهواجسها .....تجلس بينهن ....الفرحة على وجه مريم وأمها تثلج قلبها ....ان قرارها من البدء كان صحيحا وما فات ومضى لا يجوز النبش فيه و التكلم عنه حمق وجنون .....ومن الآن فصاعدا ستحرص على أن يبقى في زنزانة توصد أبوابها بأقفال من حديد.....وفي صفحة عنوانها النسيان ........فهل تبقى الأقفال موصدة إلى الأبد؟ .....وهناك من بيده المفتاح؟
....تجلس بينهن خمارها سمح لها تتبع النظرات المحيطة بها .....إنهن من كن يدعين عليها ويتهامسن بسم قبل ايام قليلة ....يبتسمن بزيف وادعاء وحسد مدفون على حظها الفريد ....
انها نفس الابتسامة الزائفة التي تقطر سما زعافا .... تلك التي ابتسمها الحارس بالأمس حين أطلق تحديه لوالدها .....تتذكر لتعيش وهي من لحظتها ......تحدي مقابل تحدي كان جواب فهد حينها ...ولولا تدخل الخالة مريم السريع في كسر حدة الصمت المفاجئ الذي عم المكان وهي تدعوا الجميع إلى تأجيل أي حديث إلى حين العودة إلى المنزل ...تذكر حينها حضن والدها الدافئ يضمها إلى صدره في طريق عودتهم إلى المنزل وقد جلس بجانبها في المقعد الخلفي بينما تكومت هي كطفلة صغيرة بين يديه....... يسمعها كلامه الهامس بأسف وحسرة لظروف عمل أبقته بعيدا عن توفير الأمان لصغيرته الغالية وأمها تدللها بلمسة حانية على شعرها...لقد كانت رحلة العودة كبلسم شافي لجراحها ......بينما غيره كان يتلظى بنار غيرة تنقش حروفها الجديدة بقاموس حياته بلسعة معذبة وحارقة