الفصل التاسع

129 15 6
                                    

صلِ على الحبيب المصطفى "صل الله عليه وسلم"

(بعد الفراق لا تنتظر بزوغ القمر لتشكوا له ألم البُعاد؛ لأنه سيغيب ليرمي ما حمله، ويعود لنا قمراً جديداً، ولا تقف أمام البحر لتهيج أمواجه، وتزيد على مائه من دموعك؛ لأنّه سيرمي بهمّك في قاع ليس له قرار، ويعود لنا بحراً هادئاً من جديد، وهذه هي سنّة الكون، يوم يحملك ويوم تحمله).

كانت تظن هذا حُلمًا ستستيقظ وتخرج من غرفتها تراه يجلس في بهو المنزل ويروي لها قصة كما فعل لها من قبل ولكن كان حقيقة مُره مرارة الحنظل، وقلبها يزرف دمًا فراقًا لقرة عينها وحبيبها الأول، و اول من نطقت إسمه منذ كانت صغيرة ...

كان الحزن يُخيم على الجميع حتي تحدثت جويرية بأن والدها أوصاها بعدم البُكاء والنواح، فبدلًا عن هذا الدعاء له بالرحمة والمغفرة واسألوا الله له الفردوس الأعلى، وان يُباعد بينه وبين النار كما باعد سبحانه بين المشرق والمغرب.

قال الجميع بعدها " آمين"

جلست جويرية جانب والدتها وقبلت رأسها وظلت تدعوا لها بالصبر والسلوان، حتى ذكرت لهم كيف مات والدها وهو يصلي فما أجملها حُسن الخاتمة أن تصعد روحنا ونحن سجود لله عز وجل ..

واكملت بأنها ستروي قصة قصيرة بنيه أن تكون صدقة جارية لوالدها علها تؤثر في أحد مِن الحاضرين...

وبدأت القصة بأن
كان هناك رجلاً يعيش في قرية صغيرة وكان له جار جاحد لا يصوم ولا يصلي ولا يتقي الله عز وجل، وذات يوم رأي صاحب الحملات للحج والعمرة في منامه يطلب منه أن يأخذ هذا الرجل الذي لا يصلي ولا يصوم لأداء العمرة ..

‏وعندما استيقظ الرجل من نومه اندهش كثيراً من هذه الرؤية العجيبة ولكنه لم يهتم لأمرها، ولكن الشئ الذي اثار دهشته أكثر ان هذه الرؤية تكررت مرة ثانية،

‏ فذهب الرجل ليسأل عن تفسيرها، فقال له الشيخ المفسر : إن رأيتها للمرة الثالثة في منامك فإذهب له واحمله لأداء العمرة .
وبالفعل رأي الرجل نفس الرؤية للمرة الثالثة في منامه، فذهب للبحث عن الرجل حتي عثر عليه وطلب منه أن يأتي معه لأداء العمرة فقال له : كيف آتي لأداء العمرة وانا لا اصلي ؟!
فقال له الرجل : إن أردت يمكنني ان اعلمك الصلاة، وبالفعل بدأ الرجل يعلمه الوضوء والصلاة وبدأ الرجل يواظب علي اداء الفروض الخمسة، فقال : هيا الي العمرة .

وذهبا الرجلان معاً الي العمرة واعتمر الرجل وقبل أن يعودا راجعين قال صاحب الحملات للرجل : هل تريد عمل شئ آخر قبل الرحيل ؟

فقال : نعم، اريد أن اصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم وعندما صلى الرجل مات في سجوده! فتعجب صاحب الحملة أشد العجب !

وأخذ يفكر في نفسه قائلاً : كيف يمكن أن أري هذا الرجل في منامي وآتي به الي هنا لأداء العمرة ثم يموت في هذا المكان وهو ساجد، بعد أن كان لا يصلي ولا يصوم ولا يعرف حتي كيفية الصلاة، لابد أن وراء هذا الرجل سر عجيب .

ما تُخفيه الأنفسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن