الفصل الرَّابع.

82 6 1
                                    

"سدن."

لمْ يطل منامي كما كنتُ أحلم، وإستيقظتُ على صوت والدتي الحاني. فور أن فتحتُ عينيّ رأيتُ وجهها البشوش، مبتسمًا بشفقة قليلًا، مرّ ثواني لتُردف:"أنهضي وأبدلي ثيابك، لا تنامي بهم."

اعتدلتُ بجلستي أمامها وأنا أتأوه:"كم ساعة نمتْ؟"

-"لا أدري متى نمتِ، لكن الساعة الأن الثالثة فجرًا، خالك ما زال بالخارج يتمتم ببعض الكلمات غاضبًا، مُنذُ ذهاب عمك."

أثارتْ جملتها الأخيرة فضولي:"ذهاب عمي؟ هل جاء عمي بالأساس؟"

أخفضتْ والدتي نبرة صوتها لكن كلامها واضح:"هل كنتِ نائمة حينها؟ وأنا أقول لمَ لمْ تخرجي بعد سماع أصواتهم!"

-"ماذا حدث بالتحديد؟"

-"لقد جاء عمك وابنه كي يتصالحوا مع خالك بعد شجار البارحة..."

قطعتها وأنا أسخر:"يتصالحوا؟ لقد طلبوا لأجل خالي و «عيسى» الرجال، هل تدركين المجزرة التي كانت ستحدث لهم؟ لولا مروري بالصدفة مِن جانب القذر «ثابت»."

شهقتْ والدتي بصوت عالِ قليلًا وهيَ تقول:"لا ندري يا ابنتي أنتِ مُنذُ عودتك لمْ تتحدثِ بكلمة واحدة ودخلتِ غرفتك. المهم أن خالك لمْ يقبل يمجيئهم، وأوشك على أن يحزم حقائبه والرحيل مع أولاده لأي  مكان."

-"ولمَ لمْ ينفذ تهديده؟"

أطلقتْ تنهيدة راحة وهيَ ترد:"الحمد للَّه، لقد أمسكوه غصبًا حتى أقنعوه بالعدول عن رأيه، لكن «عيسى» هوَ مَن تشاجر مع «ثابت»."

انعقد حاجبي متعجبة، «عيسى» ابن خالي؟ ذلك الشخص الهاديء مُنذُ مجيئه؟ لكني سألتها بفضول:"وما السبب؟"

أخفضت نبرتها أكثر وهيَ تشرح:"كله مِن العقربة أم «ثابت»، جاءت إلينا بغرض أنها تريد إمدادنا بأكل كنوع مِن الصُلح، لكنها دخلت ليّ، وظلت تلمح بموضوع طلاقك وأن أبعدك عن ابنها لأنكِ تحاولين وضعه في إصبعك. طبعًا لمْ نتجاوز أنا وزوجة خالك هذا الكلام، ومسكنا في شجار معاها، أتى الرجال ليفصلوا فظلت تطعن بكِ أمامهم وتقول أنكِ تدورين حول ابنها، فقام الشجار مجددًّا وبين «عيسى» و «ثابت» الذي استفزه أيضًا."

شعرتْ بالحرقة تعتمل بصدري، وقلتُ بنبرة مختنقة:"العقربة! أقسم أن..."

أمسكتني والدتي عن اعتدلي تقول حازمة:"أنتظري، وهل كنتُ سأسكت أمام كلام تلك العقربة، لا واللَّه."

انتفخت وجنتي بضيق:"وماذا فعلتِ؟"

بفخر يقفز مِن عيونها تحدثت:"انقضيت عليها وامسكتها مِن شعرها، لحظات وعاونتني زوجة خالك في ضربها."

هل تلك هيَ أُمي الملاك التي لا تفتعل مشاكل ولا تضرب؟ معها كلُّ الحق وأنا أنتظر دوري الأن.

بقايا نابضة.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن