الفصل الرَّابع عَشَر.

52 7 4
                                    

"عيسى."

ثرثرة تلك المرأة كانت مزعجة، وهيَ التي بقيتْ فوق أذني كأن لا يوجد أحد أخر في جوارها غيري.

وهذا بدون تحقيقها معيّ في أسئلة كثيرة، لا داعي لها.

وتلك الأخر غير آبه بما يحدث، أو قد رأت وتجاهلت، وبقيتْ حتى قاربت الساعة إلى الحادي عشر مساء.

انتبهت للوقت مفزوع مِن ركضه هكذا.

وسرعان ما ودعتهم إلى لقاء أخر، مع «سدن» التي كانت مجبرة على الابتسام.

تنهدتُ بضيقٍ بعدما رأيتُ الساعة الثانية عشر، بعد ساعة كاملة مِن التوديع، كأنها أخر زيارة لها.

تقدمت مني مسرورة:"شكرًا لك، لأنك قد جئت معيّ بالنهاية."

-"أفعل أي شيء لأجلكِ يا «سدن»."

توهج وجنتيها بحُمرة طفيفة تغمغم بإحدى كلمات الشكر، لمْ أفهم ماذا تقول.

انتظرنا لأكثر مِن ربع ساعة لقدوم إحدى السيارات الغير مقلقة لتمرُّ.

وقفت سيارة أمام المشفى، ونزل منها عائلة تحمل شيخ كبير في السن فاقد الوعي.

وكاد السائق ليرحل بعد دخولهم المشفى، لكن أوقفته أعطيه العنوان سائله إن كان يستطيع.

وكان ردّ الرجل مهللًا:"بالطبع بالطبع أستطيع."

ركبت «سدن» بالخلف، وأنا جوار السائق. لاحظتُ ارتباكها وهيَ تنظر إلى الطريق الخالي مِن البشر بهذا الوقت، وظلمتهُ الموحشة.

ولا أكد أرى إلا نادرًا شخص يسير في الطريق. وصلنا بعد نصف ساعة لما قبل البناية بعدة بنايات، فاوقفت السائق متعمدًا.

نزلنا مِن السيارة وتوجهنا صوب المنزل، و «سدن» صامتة، لمْ تسأل عن النزول هنا، وليس عند بنايتها، وهذا أراحني.

كانت المحلات الخاصة بأعمام «سدن» مفتوحة حتى الأن، وهذا الشيء موّتر بحد ذاته بأنهم في ثاني ليالي العيد وجالسون هكذا كلًا في محلهِ.

لمْ نستطيع أن نهمْ بالدخول، وقد منعنا اقتراب والد «حازم» منّا يرمقنا بحنق مجتمع في وجهه:"كيف تظلان في الخارج إلى هذه الساعة؟ ودون أخذ الإذن حتى؟ وأنتِ يا أستاذة كيف تسمحين لنفسك بالبقاء كلّ هذا في الخارج، إنتظرا حتى كتب الكتاب وافعلوا ما شئتم."

سبقتني «سدن» في الرد بكلّ حزم:"أنا لمْ أفعل شيء خاطيء، لقد كنا في زيارة لصديقتي بالمشفى، لمْ نكن نتسكع كما تظن."

-"هذا لا يبرر أنكما بيقتما في الخارج حتى الأن، الناس لاحظت هذا، بدءا في التكلم لولا أننا هدأنا الوضع. احترمي نفسك قليلًا واصعدي لتتلقي عقابك مِن أعمامك..."

-"أنا لن أسمح بأن يمسها أي مخلوق بسوءٍ حتى لو كان أقرب الأقربين لها، قالت لك كانت بالمشفى. أي أننا لمْ نكن في موعد غرامي أبدًا."

بقايا نابضة.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن