الفصل السَّادِس وَالعِشرِين

53 9 3
                                    

"سدن."

تحركتُ بصعوبة لأضع وجهي تحت الماء للقاء عمي.

هل هذا وقته أن يأتي؟

تنهدتُ وأنا أجفف وجهي عن المياه ثُمَّ خرجت لهم، لأجد خمسة منهم موجودين!

لمَ قال واحد فقط؟

اهتززتُ في هذه اللحظة، جلستهم على الأريكة مُخيفة جدًّا وهم مرابطون النظر عليَّ.

جلسة عادتها ترتبط بقراراتٍ مصيرية في حياتي دون رأيي.

هدأتُ مِن روعي الداخلي، ماذا يمكنهم أن يفعلوا هنا؟

لا شيء، أليس كذلك؟

تقدم عمي «زين» مِن المنتصف فاتحًا ذراعيه ببشاشة:"ها قد أتت ابنة أخي الغالية؟"

ضمَّني في عناق قوي، وهوَ يهمس في أذني:"قولي شيء عوضًا عن وقوفك كالصنم."

ثُمَّ ابتعد بنفس البسمة يربت على كتفي عدة مرات، حتى استجبتُ بدون عقلي:"أهلًا، كيف حالكم؟"

قاطعني عمي «رفعت» يبوح بسرٍ مجيئهم:"نحن لمْ نأتي إلّا لزيارتك والإطمئنان على زوجك، ولنسلمك أمانتك."

احترتُ في أمري وأنا أصغي في كلامي غير مقتنعة، فرفع ملفات عن المنضدة ووضعها مجددًّا:"تعالي لتفهمي."

تحركت بسرعة جالسة بجوار «عيسى» الهاديء، وكأنه يعلم ما سوف يدور.

هل تراه يعرف حقًّا؟

جذب انتباهي صوت عمي مِن جديد وهوَ مشير إلى الملفات:"هذه أوراق نقل ملكية المطعم والصيدلية التابعة إلى العائلة، ورثك."

قطبتُ جبيني بتعجبٍ، ورثي؟

ما سرّ التذكّر الأن؟

تضاربت بداخلي مشاعر مبهمة لا أعرف مهيتها، ففسَّر «رفعت» أكثر:"تلك هيَ أموال «عبد اللَّه» رحمه اللَّه، وتعود لكِ بعدما أخذنا نصيبنا."

ما سر تلك التذكرة المفاجئة؟

مُنذُ أن أدركتُ ما هوَ الورث وصمت أُمي عنه، تفهمت قليلًا أن أعمامي بعد وفاة أبي كتابا الشقة التي كنا نقطن بها باسمي، وأخذا المتبقيّ مِن أملاك أبي بتجبرٍ ووضع يد، وتشجيع حار مِن جدتي، ويوم أن ضعفوا جدًّا بعدما عملتُ كتبوا الشقة التي تعلونا بتفضل وشفقة باسمي بشرط ألّا أبيعها تكون للإيجار فقط، ولمْ تأتي سوى بفائدة قليلة علينا لصغر حجمها.

لكن الأن...

الأن اختلف الوضع، ما الذي تغير بعد ثلاثة وعشرون عامًا.

مرت عينايّ على وجوههم واحد تلو الأخر، وهم يملؤهم العبوس حتى عمي «رفعت» الذي يتكلّم، عدا عمي «زين» يشاهدهم بابتسامة ونظرة نصر...ونظرة نصر!

تابع عمي «رفعت» كلامه بوجهٍ متجهم قليلًا:"هذا هوَ ورثكِ، ولا تحزني لأننا لمْ نعطه لكم مُنذُ زمن، لكنا كنا ننتظر أن تتزوجي ويمسك زوجك أملاككِ."

بقايا نابضة.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن